العدد 2413 - الثلثاء 14 أبريل 2009م الموافق 18 ربيع الثاني 1430هـ

مرحلة جديدة أم سياسة جديدة؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أحد الدروس المستخلصة من تجربة الشهور الأخيرة أننا بحاجةٍ إلى أفق سياسي جديد، فلم تعد سياسة «قولوا ما شئتم وسنعمل ما نريد»، صالحة للاستهلاك، بعد أن استنفدت عمرها الافتراضي.

لقد جرّبنا هذه السياسة، واكتشفنا عقمها بما أوصلتنا إليه من حائط مسدود، انتهت إلى حالة احتقانٍ دائمٍ في عددٍ من مناطق البلاد، أضرت بالدولة وبالمجتمع وبالناس، ولم تربح من ورائها الأطراف المختلفة غير النزيف وإطالة أمد المعاناة.

إن حرية القول لا تكفي، وخصوصا عندما تنتشر بين الجمهور قناعةٌ بأنها نوعٌ من الخديعة، لامتصاص الغضب أو تقطيع الوقت، ولا يقطف من ورائها ثمرا ولا تمرا.

إنني أزعم أن هذه السياسة مسئولةٌ إلى حدٍ كبيرٍ عمّا وصلنا إليه من تدهورٍ في الوضع العام، وهي محكومةٌ بالفشل حتما، وإذا نجحت لتقطيع بعض الوقت وتضييع بعض السنوات من عمر المرحلة الإصلاحية، فإن آثارها السلبية أصبحت واضحة اليوم للجميع.

وإذا كانت المعارضة متهمة بإضاعة أربع سنوات في المقاطعة، فما مصلحة الحكم في إضاعة أربع سنوات أخرى بعد المشاركة؟ وهل كان من الحكمة محاولة إفشال «الوفاق» بتفريغ البرلمان نفسه من صلاحياته وحرمانه من أي إنجاز يقدمه للناس كدليلٍ على إمكانية التغيير السلمي الهادئ من الداخل؟ ألم يكن ذلك خطأ استراتيجيا؟ هل كان المطلوب تيئيس الناس وإثبات أن «البرلمان ليس هو الحل»؟ هل كان من الحكمة محاولة إلهاء البرلمان بالمماحكات الجانبية وإشغاله بالاصطفافات الطائفية لزيادة شقّ الصف الوطني؟

الشاعر الاصفهاني الطغرائي، (القرن الخامس الهجري)، صاحب «لامية العجم»، التي نسجها على طريقة «لامية العرب» للشنفرى، قرّر فيها إحدى الحقائق الباهرة في علم النفس والمجتمع حين قال:

أعلّل النفسَ بالآمالِ أرقبها. ما أضيقَ العيشَ لولا فسحةُ الأملِ

والناس في كلّ زمانٍ ومكانٍ تعيش على الأمل، فماذا تتوقّع منها إذا أقفلتَ عليها منافذ الأمل؟ ماذا تتوقّع من جمهورٍ ناقدٍ عندما تسحب من ممثليه الحقيقيين المنتخبين أية إمكانية للتغيير أو الإتيان بأية نتيجة؟ وهل من مصلحة البلد أن يتم تكسير مجاديف طرفٍ رئيسي له ثقله في الساحة كالوفاق؟ وهل تسجيل النقاط عليه هنا وهناك سيكون بالضرورة فوزا للطرف الآخر؟ أم التجربة أثبتت العكس؟

قبل عامين، حضرت إفطارا رمضانيا بمنزل أحد الأصدقاء في سار، جمع لفيفا من الشباب من مناطق «وفاقية» مختلفة، (الشمالية والغربية وسترة)، وهالني حجم التذمر والنقد الشديد لأداء الوفاق، الذي لم يمض عليه عام واحد... فماذا تتوقّع بعد مرور قرابة ثلاثة أعوام من «المشاغلة» وتضييع الوقت على الوفاق لحرمانها من أي إنجاز؟ ثم تقولون: لماذا انفلت الشارع؟

لسنا نبرّر العنف، ولا ندافع عن أيّ عملٍ يؤدي إلى ضررٍ، أو يستبطن أذى للناس، مواطنين أو مقيمين، متظاهرين أو رجال أمن، ولكننا نسألكم: ما الذي أوصلنا إلى الاصطدام بالحائط المسدود؟ لماذا لا تبحثون عن جذور المشاكل؟ أليست هي سياسة «قولوا ما شئتم وسنفعل ما نريد»؟

لقد استهلكت هذه السياسة وبان خللها، وانتهى عمرها الافتراضي، وحريٌ بنا ونحن على أبواب مرحلة جديدة أنعشت بعض الآمال، أن نبحث عن سياسةٍ جديدةٍ تبني على ما تحقق من انفراج، وتعتمد على لغة العقل والتعايش والحوار.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2413 - الثلثاء 14 أبريل 2009م الموافق 18 ربيع الثاني 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً