بعد شتاء جدب وحار وملتهب ومحتقن، خلا من البرد والمطر معا، استنشقت البحرين أمس (الأحد) بعد إعلان العفو الملكي العام، هواء نقيّا ونظيفا، وهطلت عليها الأمطار الغزيرة بعد أن كاد أن يخرج الشتاء منها كاليوم الذي دخل فيه!
شاءت الأقدار أن يتزامن غيث السماء مع غيث الأرض، وأن ترتسم بسمة عريضة على وجه البحرين، وأن تتزين شوارعها وطرقاتها، وتعم الفرحة كل الأرجاء، حتى أن السماء أبت إلا أن تتزين بالبرق، كلما رأت الأرض مضيئة بمصابيح الزينة والأنس.
كلُّ من تجوّل في شوارع البحرين أمس بالتأكيد دعا الله دعاء عفويا بأن يديم على البحرين نعمة الأمن والأمان، والاطمئنان، وأن يجعل جُلَّ أيامها فرحة وبهجة وسرورا.
خطوة جلالة الملك بالإفراج عن جميع المحكومين والموقوفين في مختلف القضايا السياسية والأمنية، خطوة في الاتجاه الصحيح، ,خصوصا أن الإفراج كان مطلبا جماعيا من مختلف الأطياف السياسية، وكان الجميع في انتظار هذه المبادرة، التي لا يمكن وصفها إلا بالحكيمة، والتي يأمل الجميع بأن تعقبها خطوات حكيمة أخرى، تأخذ بسفينة هذا الوطن العزيز إلى بر الأمان.
ولكن! بعد هذا الإفراج الذي فرح به الجميع، أعتقد أن الناس بحاجة إلى مبادرة أخرى يقوم بها أحدهم، تعيد لهم إخوتهم السالفة، وتذكرهم بهدفهم الواحد وهو الإصلاح، بدلا من تراشق الاتهامات، والانشغال ببعضهم بعضا، والتسابق على احتساب الإنجازات، على طريقة وكل يدعي وصلا بليلى.
الجميع متفقون على أن هذا الإفراج صفحة بيضاء جديدة، أما كيف خرج المفرج عنهم من غياهب السجون ليس هذا هو الأمر المهم في هذه المرحلة، وإن كان مهما فالأهم منه كيف تجتمع الكلمة على مصلحة هذا الوطن، وكيف تعقب هذه الصفحة الجديدة صفحات أخر.
ما يؤسف له أن كثيرا من الناس انشغلوا (أمس) بالتنقيب عن أصحاب الفضل في هذا الإفراج، وصار كل يجر القرص إلى ناره، وما صب الزيت على النار وأفسد شيئا من الفرحة العارمة، أن عددا من القيادات اشتركت في هذا الضجيج، أو ساعدت عليه، وقليل هم من وزعوا الفضل على الجميع من دون استثناء أحد، حرصا على اجتماع الكلمة، ووحدة الصف، بما يخدم الوطن.
من لا يبصر أمام عينيه الحاجة الملحة إلى مبادرة تجمع الشمل، وتؤلف القلوب، وترجع البحرين كما كانت، جسدا واحدا إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، فعليه مراجعة طبيب العيون! نعم نحتاج إلى مبادرة كهذه ولكن من سيبادر؟
إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"العدد 2411 - الأحد 12 أبريل 2009م الموافق 16 ربيع الثاني 1430هـ