لا أحد يشكك في قانونية الحملة التي تقوم بها إدارة الثروة الحيوانية بوزارة شئون البلديات والزراعة بقيادة الوزير جمعة الكعبي، ضد أصحاب المزارع التي تربي الحيوانات البرية والمفترسة وذلك لضبطها والحجر عليها، فلدى الوزير السند القانوني الذي يجعل جزءا من حملته على الأقل مبررة قانونيا، خصوصا وأنه يرتكز على عدم قانونية استيراد هذا النوع من الحيوانات، ولكنه على الرغم من ذلك فإن الوزارة لا تمتلك الدليل القاطع على أن كل هؤلاء المربين قاموا باستيراد هذه الحيوانات، وإن بعضهم ربما قام بشرائها من المستوردين، وهو الأمر الذي قد يضعف من موقف الوزارة القانوني، لأنها لا تملك نصا قانونيا يمنع التداول.

وبعيدا عن الجدل القانوني، أجد أنه كان من الأصوب لو أن الوزارة تعاطت مع هذا الموضوع ليس من منطلق قانوني فحسب، فالقوانين وإن كانت هي المنظم الأول لشئون الحياة، ولكن الخيارات الودية في كثير من الأحيان تفرز نتائج أفضل من الخيار القانوني، خصوصا وأن الملاحقة القانونية قد تجعل أصحاب هذه الحيوانات يعملون على إخفائها في أماكن قد تكون غير آمنة على الناس، أو ربما في منازلهم كما قام بعضهم بذلك فعلا، أو حتى التخلص من هذه الحيوانات بالطريقة التي يجعل منها خطرا حقيقيا يهدد الأمن، ليتحاشوا بذلك المساءلة القانونية.

ويبدو أن الحيوانات التي تم ضبطها كثيرة جدا، ومنها تماسيح، ضباع، ثعالب، دببة، ثعابين، سلاحي، سلاحف، حمير وحش، ونسور، وهناك حديث أيضا عن حيوانات أخرى لم يتم ضبطها بعد، ومنها أسود، نمور، وفهود، وغيرها، بل وهناك حديث عن أعداد كبيرة من القردة تقدر بالآلاف، وطالما أن هؤلاء المربين يمتلكون كل هذه الحيوانات فلماذا لا يبادر الوزير الكعبي بالاجتماع معهم، للاتفاق على إنشاء حديقة حيوان صغيرة على أن تقوم هيئة سوق العمل (تمكين) بتمكين هؤلاء المربين، من خلال تمويل هذا المشروع، خصوصا وأن البحرين تفتقر إلى حديقة حيوان قريبة من الأحياء السكنية، وتحت متناول الجميع، وهو الأمر الذي سيعد إنجازا كبيرا للوزير الكعبي، وسيرحب به هؤلاء المربون والناس أيضا، وبالتأكيد فإن الوزير لن يخالف القانون بذلك، لأنه سيضبط كل هذه الحيوانات غير القانونية في هذه الحديقة، ويمكن تعويض من لا يريد المساهمة في تملك الحديقة، وسيكون هذا المشروع مبررا بعد ذلك للتشديد على أي اقتناء لهذه الحيوانات خارج القانون.