ثمة محطات مهمة في حديث وزير الداخلية الأخير تسترعي التوقف والاهتمام، فالوزير حدد بعض معالم الوزارة الإصلاحية التي ننشدها جميعا. ويمثل النفي القاطع للوزير بأن «عهد التعذيب قد انتهى» بداية مبشرة لتجريم أية ممارسة تعذيب لاحقة.
حديث الوزير عن التعذيب يحمل معانٍ إيجابية كبيرة، ولكن التحدي الآن أن تبادر الوزارة بمشاركة من يرغب من النواب والحقوقيين لتشكيل لجنة للتحقيق في أي ادعاء بالتعذيب الجسدي أو النفسي، ويجب أن يتعامل الجميع بقدر كبير من الجدية للتعاطي مع أية حالة، لنثبت أن التعذيب لا مكان له في بحرين اليوم ولا بحرين المستقبل.
الحق يقال أن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة على مستوى عالٍ من الخبرة والحنكة، والوزارة بفريقها الجديد الذي يقوده الوزير بمعاونة رئيس الأمن العام عبداللطيف الزياني يعوّل عليه خيرا، ولكن المشكلة ليست في الشخوص بقدر ما هي في سياسات وممارسات عدة حان الوقت لأن نجابهها بشجاعة.
الفريق الجديد للوزارة لديه تركة ثقيلة ومرهقة، ودعونا نعترف أن محو آثار تلك الحقبة الأمنية بالكامل ليس أمرا سهلا، ولا نزهة خاطفة، إنها تحتاج لفترة طويلة حتى يعاد رسم الثقة بين بعض المواطنين والوزارة، خصوصا وأن ضحايا الحقبة السابقة لم يتم إنصافهم بشكل حقيقي حتى الآن، وهؤلاء بحاجة إلى تأهيل نفسي ومادي ورد اعتبار حتى يندمجوا في المشروع الجديد.
ثمة مشاكل مزمنة تعاني منها البحرين، منها ما هو اجتماعي ومنها ما هو سياسي، وعلى رأس هذه القضايا مشكلة التمييز التي تشكل أكبر تحدٍ للمشروع السياسي الجديد في البحرين، وحينما يشعر البعض بغياب قيمة المساواة في العدالة وتكافؤ الفرص، فإن ذلك سيفرز تلقائيا أعراضا اجتماعية سلبية قد تتخذ أشكالا من التعبير العنيف.
إن لقاء وزير الداخلية مع الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان قد يشكل منعطفا مهما لترسيخ الثقافة الحقوقية لدى الجميع، وخصوصا رجل الأمن. والكثير مما قاله الوزير يمكن البناء عليه، ويجب أن نمنح الفريق الجديد للوزارة متسعا من الوقت، ولكن في المقابل فليعذرونا عندما ندين أي تجاوز لحقوق الإنسان كعرض اعترافات متهمين على الشاشات التلفزيونية قبل ساحات القضاء أو التعامل بقسوة مع بعض الاعتصامات أو المنع غير المبرر لبعض الفعاليات، كما يجب أن يتأكد المجتمع بأن من يخطئ سيتعرض للمحاسبة حتى لا تعاد الجرة.
تلكم ملاحظات واثقون بأن وزير الداخلية سيستقبلها بصدر رحب، ونحن نتوسم فيه كل الأمل في رسم صورة مغايرة للوزارة لدى كل فئات المجتمع لتعزيز سمعة البحرين داخليا وخارجيا نحو مجتمع يسوده الأمن المرتكز على قيم العدالة والمساواة، وحان الوقت لنتوافق على وضع خارطة طريق أمنية جديدة تعلي من شأن البحرين العزيزة
إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"العدد 2403 - السبت 04 أبريل 2009م الموافق 08 ربيع الثاني 1430هـ