العدد 2398 - الإثنين 30 مارس 2009م الموافق 03 ربيع الثاني 1430هـ

استراتيجية جديدة تجاه أفغانستان وباكستان (1)

باراك أوباما comments [at] alwasatnews.com

رئيس الولايات المتحدة الأميركية

أعلن اليوم استراتيجية جديدة شاملة تجاه أفغانستان وباكستان. وهذه هي ثمرة لمراجعة وافية ومتمعنة كنت أمرت بإجرائها بمجرد أن تسلمت منصبي رئيسا. وقد استمعت حكومتي لتقارير قدمها القادة العسكريون والمسئولون الدبلوماسيون. وقد تشاورنا مع الحكومتين الأفغانية والباكستانية؛ ومع شركائنا وحلفائنا في حلف شمال الأطلسي وغيرهم من الجهات المانحة والمنظمات الدولية. وعلينا أيضا أن نعمل بشكل وثيق مع أعضاء الكونغرس.

والآن، أود أن أتحدث بوضوح وصراحة إلى أبناء الشعب الأميركي.

إن الوضع يزداد خطرا. لقد مضى على الإطاحة بنظام «طالبان» عن السلطة أكثر من سبع سنوات، ولكن الحرب لاتزال مستعرة، والمتمردون يسيطرون على أجزاء من أفغانستان وباكستان. وقد ارتفعت بشكل مطرد الهجمات التي تشن ضد قواتنا، وقوات حلفائنا في الناتو، وضد الحكومة الأفغانية. والأشد إيلاما هو أن العام 2008 كان الأكثر دموية في الحرب بالنسبة للقوات الأميركية.

ويطرح العديد من الناس في الولايات المتحدة -بل وفي الكثير من البلدان الشريكة التي تكبدت تضحيات جسيمة- سؤالا بسيطا هو: ما هو هدفنا في أفغانستان؟ وبعد مضي سنوات عديدة، تتساءلون لماذا لايزال أبناء قواتنا المسلحة من الرجال والنساء يحاربون ويقتلون هناك؟ إنهم يستحقون منا إجابة صريحة واضحة.

ولذلك اسمحوا لي أن أكون واضحا: إن تنظيم القاعدة وحلفاءه -الإرهابيين الذين خططوا ودعموا هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول- موجودون في باكستان وأفغانستان. وتحذر التقارير الاستخباراتية المتعددة من أن تنظيم القاعدة يخطط بنشاط لشن الهجمات على الوطن الأميركي من ملاذه الآمن في باكستان. وإذا قدر للحكومة الأفغانية أن تسقط في يد طالبان -وسمح للقاعدة بممارسة نشاطها دون التصدي لها- فسيغدو هذا البلد مرة أخرى قاعدة للإرهابيين الذين يريدون قتل أكبر عدد ممكن من أبناء شعبنا.

إن مستقبل أفغانستان يرتبط ارتباطا لا فكاك منه بمستقبل جارتها باكستان. فخلال الفترة التي مرت على هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وهي ثماني سنوات تقريبا، اعتاد تنظيم القاعدة وحلفاؤه من المتطرفين على التنقل عبر الحدود إلى المناطق النائية من الحدود الباكستانية. ومن شبه المؤكد أن يشمل هذا زعماء القاعدة أمثال أسامة بن لادن وأيمن الظواهري. وقد استخدموا هذه المناطق الجبلية واستغلوها باعتبارها ملاذا آمنا للاختباء فيها، وتدريب الإرهابيين، والتواصل مع أتباعهم وأنصارهم، والتآمر لشن هجمات، وإرسال المقاتلين لدعم التمرد في أفغانستان. وبالنسبة للشعب الأميركي، فقد غدت هذه المنطقة الحدودية أخطر مكان في العالم.

ولكن هذه ليست مجرد مشكلة أميركية - إنها بعيدة كل البعد عن كونها كذلك. بل إنها، بدلا من ذلك، مشكلة تشكل خطرا على الأمن الدولي على أعلى المستويات؛ إذ إن الهجمات الإرهابية التي وقعت في لندن وبالي لها صلة بتنظيم القاعدة وحلفائه في باكستان، وكذلك الهجمات التي حدثت في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، وفي إسلام آباد وكابول. وإذا وقع هجوم كبير على مدينةٍ ما في آسيا، أو أوروبا، أو إفريقيا، فمن المرجح أن يكون له صلة بقيادة تنظيم القاعدة في باكستان. إن أمن وسلامة أبناء الشعوب في كل أنحاء العالم على المحك.

وأية عودة لحكم طالبان، بالنسبة للشعب الأفغاني، ستكون الحكم على أبناء الشعب الأفغاني بالخنوع لحكم وحشي، وعزلة دولية واقتصاد مشلول، وحرمانهم من أبسط حقوق الإنسان الأساسية - ولاسيما النساء والفتيات. وأية عودة لإرهابيي تنظيم القاعدة الذين يرافقون القيادة الأساسية لحركة طلبان من شأنها أن تلقي بأفغانستان في مستنقع العنف المستمر.

وأنا كرئيس، أعظم مسئولية تقع على عاتقي هي حماية أبناء الشعب الأميركي. ونحن لسنا في أفغانستان للسيطرة على هذا البلد أو إملاء ما سيكون عليها مستقبله. إن وجودنا في أفغانستان هو للتصدي للعدو المشترك الذي يهدد الولايات المتحدة وأصدقاءنا وحلفاءنا، ويهدد شعبي أفغانستان وباكستان اللذين عانيا أشد العناء على أيدي المتطرفين الذين يمارسون العنف.

ولذلك فإنني أريد أن يعي الشعب الأميركي أن لدينا هدفا واضحا ومركزا هو: تعطيل وتفكيك، وهزيمة شبكات القاعدة في باكستان وأفغانستان، والحيلولة دون عودتها إلى أي من البلدين في المستقبل. وهذا هو الهدف الذي يجب تحقيقه. فهذه قضية لا جدال في عدالتها. ورسالتي للإرهابيين الذين يعارضوننا، هي نفسها وهي: إننا حتما سنهزمكم.

ولتحقيق أهدافنا، فإنه يجب علينا وضع استراتيجية شاملة، أقوى وأذكى. وللتركيز على الخطر الأكبر الذي يهدد شعبنا، يجب ألا تحرم أميركا بعد اليوم أفغانستان من الموارد التي تحتاج إليها بسبب الحرب في العراق. ولتعزيز القوات المسلحة، والحكم الرشيد، والقدرة الاقتصادية في أفغانستان وباكستان، يجب علينا حشد الدعم الدولي اللازم. ولكي يتسنى قهر هذا العدو الذي لا يعير أي اهتمام للحدود أو لقوانين الحرب، فإنه يجب علينا أن ندرك الترابط الأساسي بين مستقبل أفغانستان وباكستان - وهذا هو السبب الذي جعلني أعيّن السفير ريتشارد هولبروك للعمل ممثلا خاصا لي لكلا البلدين، والعمل عن كثب مع الجنرال ديفيد بترايوس لدمج جهودنا المدنية والعسكرية وتنسيقها.

دعوني في البداية أتحدث عن سبل المضي قدما في باكستان.

الولايات المتحدة تكنّ للشعب الباكستاني احتراما عظيما. إن الشعب الباكستاني له تاريخ حافل وثري، وقد ناضل طويلا في مواجهة صعاب جمة للحفاظ على الديمقراطية وصونها. والشعب الباكستاني ينشد الأشياء التي ننشدها نحن: القضاء على الإرهاب، والحصول على الخدمات الأساسية، وإتاحة الفرصة لتحقيق أحلامه، واستتباب الأمن الذي لا يمكن أن يتحقق إلا مع سيادة القانون. إن أكبر تهديد يتعرض له مستقبله يأتي من تنظيم القاعدة وحلفائه المتطرفين، وهذا هو السبب في أننا يجب أن نقف متكاتفين معا.

إن الإرهابيين الموجودين داخل حدود باكستان ليسوا مجرد أعداء أميركا وأفغانستان، بل إنهم يشكلون خطرا جسيما وملحا على الشعب الباكستاني. فقد تسبب تنظيم القاعدة وغيره من المتطرفين الذين يمارسون العنف في مقتل عدة آلاف من الباكستانيين منذ هجمات 11 سبتمبر. وقد قتلوا العديد من الجنود وعناصر الشرطة الباكستانيين. واغتالوا (الزعيمة الباكستانية) بناظير بوتو وفجروا المباني، ونفروا الاستثمار الأجنبي بإخراجه عن مساره الصحيح، وهددوا استقرار الدولة. اعلموا تماما أن تنظيم القاعدة وحلفاءه المتطرفين هم سرطان يهدد بالقضاء على باكستان من الداخل.

إقرأ أيضا لـ "باراك أوباما"

العدد 2398 - الإثنين 30 مارس 2009م الموافق 03 ربيع الثاني 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً