نعم لماذا يقلق المواطن من قيام هيئة تنظيم الاتصالات بفرض إجراءات على شركات الاتصالات بهدف الاحتفاظ بسجلات لجميع المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني والمواقع التي يزورونها لمدة ثلاث سنوات، فهذا الإجراء معمول به في أعرق الديمقراطيات كفرنسا وأميركا وغيرها من الدول المتقدمة والمتطورة.
لماذا يخشى المواطن العادي والبسيط على تفاصيل حياته الخاصة من التسجيل؟ وعلى ماذا يخاف أصلا؟ وما المانع من أن يستمع الغريب لحديث زوج وزوجته وملاطفاتهما وخلافاتهما، أو حديث أب أو أم مع أبنائهم، أو السماع لتفاصيل القضايا العائلية أو الشخصية وغيرها...؟
عملية التنصت على المواطنين أمر ليس بجديد بل كانت موجودة من قبل ومعمول بها من قبل الأجهزة الأمنية وذلك بحسب ما أكده مدير هيئة الاتصالات بأن اللائحة المقترحة للتنصت على المواطنين وبريدهم وتصرفاتهم «لم تأتِ بأي أمر جديد لم يكن موجودا في السابق وإنما وضعت أطرا لمواد قانونية موجودة منذ العام 2002»، وهو ما يؤكد أن البحرين سبقت البلدان الأوربية التي بدأت في تطبيق القرار في 2006 بأربعة أعوام تقريبا، إلا أن الدول الأوربية حددت بوضوح الفئات المستهدفة من عملية التنصت في القانون، ولم تتركها عائمة لأنها بذلك تمس بحرية الأفراد العاديين.
في أوروبا والتي استُخدمت شماعة لدعم قرار هيئة الاتصالات، فقد اتخذت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان من مدينة ستراسبورغ الفرنسية حكما ضد قانون تنصت أصدرته الحكومة البريطانية، لعدم تحديد دقيق للفئات المستهدفة قبل اعتماد أي قانون، وأن المحكمة الأوروبية قد أعلنت عدم قانونية القانون البريطاني للتجسس فيما يخص تحديد أهدافه بعد أن تركها عامة تمس الجميع من دون استثناء.
نعم وكما قالها مدير عام هيئة تنظيم الاتصالات إن عملية التنصت على اتصالات المواطنين وتسجيلها لا تشكل أي خرق للدستور كما أنها لا تشكل أي انتهاك لحرية وسرية المراسلات والمكالمات الهاتفية، كما أنه لا يجب على أي فرد أن يقلق من هذه اللائحة التي هي في النهاية أمر تنظيمي.
نعم لماذا القلق من هذا الإجراء وما سبقه، فإجراءات التنصت وقانون الإرهاب وقانون التجمعات، وإجراءات ديوان الخدمة المدنية التي باتت سيفا على رقاب العاملين وقانون العقوبات، كلها من أجل حماية المواطنين وليس لتكبيل حرياتهم!
فماذا بقي للمواطن ليعيش حياة طبيعية من دون أن يشعر بأن هناك من يعد أنفاسه وخطواته، فقد وضع قرار التنصت الأخير المسمار الأخير في نعش الحريات في هذا البلد.
إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"العدد 2395 - الجمعة 27 مارس 2009م الموافق 30 ربيع الاول 1430هـ