العدد 2393 - الأربعاء 25 مارس 2009م الموافق 28 ربيع الاول 1430هـ

لماذا سحبتم المقترح؟

عقيل ميرزا aqeel.mirza [at] alwasatnews.com

مدير التحرير

تذهب المجتمعات المتحضرة إلى معالجة مشكلات الشباب بالتنقيب عن أسبابها، ووضع الحلول الناجعة لها، وغالبا ما يتصدر التعليم قائمة الحلول لقدرته الفائقة على حل غالبية مشكلات الشباب أو كلها أحيانا، وأول ما يفكر فيه التربويون عندما يدرسون مختلف قضايا وهموم الشباب هو التعليم، وتجد نظرياتهم التربوية مكتظة بتوصيات تفتح للشباب آفاق العلم والمعرفة.

أما المجتمعات المتخلفة فهي التي تواجه مشكلات الشباب بتجفيف منابع المعرفة، وإغلاق أبواب العلم وهو ما يزيد من تلك المشكلات تعقيدا، وهو ما يدمر أكبر ثروة ينعم بها أي مجتمع من المجتمعات البشرية وهي ثروة الشباب التي بها ينهض المجتمع وبها يسقط، والعبث بهذه الثروة جناية ما بعدها جناية.

الاقتراح برغبة الذي خطر على بال مجموعة من النواب الأفاضل الأسبوع الماضي والذي يقضي بحرمان المشاركين في تظاهرات ومسيرات غير مرخصة من البعثات التعليمية والخدمات الإسكانية اقتراح في الاتجاه المعاكس لرغبة التربويين الذين يهدفون إلى انتشال المجتمع من التخلف إلى التحضر، ويبدو أن أولئك النواب شعروا بشيء من الخجل فسارعوا بسحبه من درج هيئة المكتب.

الحقيقة التي أُبصم على أن أولئك النواب المقترحين أكبر العالمين بها، هي أن إصلاح التعليم وإتاحته للجميع هي على رأس مطالب الكثير من الشباب الذين غالبا ما يجدون أنفسهم غير قادرين على دفع رسوم التعليم الجامعي، وهم ليسوا في غفلة عن أن مشكلة الإسكان أيضا هي من أكبر هموم الشباب الذي أول ما يقوم به فور استلامه عقد الزواج وقبل الجلوس مع شريكة حياته الجديدة الطيران نحو وزارة الإسكان ليتقدم بطلب خدمة إسكانية ليجد نفسه في مؤخرة طابور طويل يتزاحم عليه نحو خمسين ألف منتظر، ولعل بيت الآخرة أقرب إليه من بيت الإسكان!

أيها النواب التربويون الأفاضل ما رغبتم فيه وهو حرمان هؤلاء الشباب من التعليم والإسكان، هو أمر واقع ولعله أحد أسباب تظاهرهم، ولو تأملتم لاقتنعتم بأنه لم يكن لرغبتكم هذه داع، لأنها واقع يعيشه أولئك الشباب، ولو كلفتم أنفسكم عناء التقصي لوجدتم أنهم وأسرهم يتكدسون بالعشرات أحيانا في بيت واحد على طريقة الحمَام، وأن الكثير منهم لا طاقة له على توفير الرسوم الجامعية، فالحرمان من البعثات والإسكان لا يحتاج إلى اقتراح برغبة، إلا إذا كان هدفكم من هذا الاقتراح هو تقنين ما هو جار عرفا حتى لا يضمحل، فلماذا سحبتم الاقتراح إذن؟!

أعيدوه حتى ننعم بالحضارة والتقدم، وحتى يصبح هذا الحرمان حرمانا وفق الشريعة البرلمانية!

إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"

العدد 2393 - الأربعاء 25 مارس 2009م الموافق 28 ربيع الاول 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً