العدد 2391 - الإثنين 23 مارس 2009م الموافق 26 ربيع الاول 1430هـ

مبادرة من الجزائر

محمد عباس mohd.abbas [at] alwasatnews.com

رياضة

تمتاز الملاعب الرياضية العربية بشكل عام ومنها ملاعبنا المحلية بالإثارة بعد انتهاء المباريات وليس خلالها. وهذه الإثارة سلبية وليست إيجابية من خلال الفوضى والاعتراضات المتتالية والألفاظ النابية وقد تصل أحيانا إلى الاعتداء الجسدي، وكثيرا ما تتدخل الشرطة لوقف ما يحصل.

الإثارة والمتعة يجب أن تكون في الأساس خلال المواجهات الرياضية وبمجرد انتهاء هذه المواجهات فإن جميع الأمور تعود إلى طبيعتها بأقل قدر ممكن من الاحتجاجات، وهذا ما نلحظه وخصوصا في الملاعب الأوروبية التي يخرج فيها اللاعبون والإداريون والمدربون بالتحية لأن الانفعال قد يجر ندما كبيرا، ولأنه في اللحظة التي تغلب فيها عواطف الإنسان على عقله فمن الأفضل ألا يتحدث حتى يهدأ ويكون في رشده.

الجزائر، ونظرا لكونها إحدى الدول العربية التي تعاني من الإثارة خارج الملاعب من خلال الفوضى والشغب الجماهيري، فإنه قد بادرت إلى علاج جديد لهذه الظاهرة مختلف عن العلاج الذي تعتمده مختلف الاتحادات الرياضية في الدول العربية والذي يعتمد على العقوبات والغرامات في الأساس.

فاتحاد كرة القدم هناك أقر جائزة أطلق عليها «جائزة الروح الرياضية» والتي تمنح للفريق الأفضل من ناحية الروح الرياضية من خلال تصرفات لاعبيه ومدربيه وإدارييه وكذلك جماهيره؛ وذلك لتشجيع التصرفات الايجابية بدل مواجهة الظواهر السلبية فقط، لأننا بحاجة بالفعل إلى تقديم النموذج الذي يحتذى وتشجيعه لكي يعمم على جميع الفرق. كما أن التركيز على الفرق ذات الروح الرياضية وعرضها في وسائل الإعلام والإشادة بها سيدفع الآخرين إلى تصرفات مماثلة، لكن ذلك لا يعني أبدا الاستغناء عن العقوبات الرادعة لأن «من أمن العقوبة أساء الأدب».

نحن نحتاج في ملاعبنا أيضا إلى مثل هذه المبادرات التشجيعية التي تقدر أصحاب الروح الرياضية وتشجع على التصرفات ذات الروح الرياضية إن بدرت من لاعب أو مدرب أو إداري أو جماهير أو فريق بأكمله، لأن مثل هذه المبادرات ستتيح مساحة من التغطية الإعلامية لأصحاب التصرفات الايجابية بدل أن تمتلئ الصفحات كما هو حاصل حاليا بالمشاغبين وأصحاب التصريحات غير المنضبطة والانفعالية التي تشجع على الخروج عن الروح الرياضية.

وهذا لا يعني أنه يجب علينا ألا نعترض على أي أمر من الأمور، فالاعتراض هو حق أصيل لأي إنسان، ولكن أسلوب هذا الاعتراض هو المهم باعتباره يعكس ثقافتنا وأخلاقنا وقيمنا.

ونحن كشعوب إسلامية وعربية أولى أن نقدم النموذج الراقي في مجال الاعتراض بدل ما يحصل في بلادنا حاليا من تصرفات شائنة لا تليق بالروح الرياضية بصلة، فنحن كثيرا ما نشاهد طريقة الاعتراض الراقية التي تنتهجها الجماهير الأوروبية والاسبانية تحديدا من خلال رفع المناديل البيضاء في حال الاعتراض على الأداء المتدني لفرقها أو الاعتراض على مدرب فريقها أو حكام المباراة، وهذه الطريقة من الاعتراض الحضاري تكون أبلغ بكثير من الألفاظ النابية التي ننتهجها في عملية اعتراضنا وتنتشر في ملاعبنا.

المبادرة الجزائرية فرصة لتعديل الوضع الأخلاقي في ملاعبنا الرياضية من خلال التشجيع على التصرفات الايجابية وتقديمها كنموذج يحتذى لعل بقية دولنا العربية تحتذي بالمبادرة الجزائرية!.

إقرأ أيضا لـ "محمد عباس"

العدد 2391 - الإثنين 23 مارس 2009م الموافق 26 ربيع الاول 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً