العدد 2386 - الأربعاء 18 مارس 2009م الموافق 21 ربيع الاول 1430هـ

بين الإسكان وكارثة الطلبات

سلمان ناصر comments [at] alwasatnews.com

.

إن مساحة البحرين بدأت في التآكل من جراء التسابق على التسويق للمشاريع العقارية والاستثمارية التي لا تعني المواطن بشيء والذي لا حول له ولا قوة جراء ارتفاع قيمة الشراء أو الحصول على قسيمة سكنية أو وحدة سكنية، علما بأن ما جاء في المادة (9 و) من الدستور تقول: تعمل الدولة على توفير السكن لذوي الدخل المحدود من المواطنين. أما ما جاء في الرؤية الاقتصادية، فهو حماية المساحات الطبيعية لكي تتمتع بها الأجيال المقبلة، ويتم الدعم الإسكاني والإعانات لمن هم في أمس الحاجة إليها.

أين المواطن من هذه البنود حيث لسان حال واقع المواطن في الوقت الراهن يقول «كذب المنجّمون ولو صدقوا» إن هذا التوصيف هو الأقرب لمن يدعي أن هناك حلا لمشكلة الإسكان الكارثية التي يواجهها المواطن البحريني من خلال الموازنة المقترحة.

لقد كانت ندوة جمعية الأصالة المتعلقة بالإسكان والمعنونة بـ «الإسكان حقائق وأرقام» بالرفاع التي كشفت عن بعض الحالات المعيشية لعوائل منتقاة. تخيل مثلا أن هناك 25 فردا يسكنون في منزل واحد، وأسرة أحد أفرادها يعاني من فشل كلوي -عافانا وشفاه الله- وينتظرون الفرج من الإسكان، وأسرة يحتاج أحد أفرادها لعناية خاصة لسبب مرض صحي وفتحة في الدماغ، وأسرة تعيش في غرفة من الصفيح تتخللها الرطوبة والحرارة من كل جانب، ناهيك عن التسليك الكهربائي الذي ينبئ بكارثة في أي لحظة، كل هذه الحالات في انتظار الفرج منذ أكثر من 15 عاما، نعم كل ما ذكرته موثق بالصوت والصورة وقد تم عرضه على الحضور.

هنا أقول هل يعلم وزير الإسكان أننا بصدد كارثة إسكانية، حيث بلغ عدد الطلبات 45000 ألف طلب فقط للوحدات السكنية؟ ولو قدر للوزارة بناء 2000 وحدة سكنية في السنة سنحتاج إلى 22.5 سنة لتلبية هذه الطلبات، ناهيك عن زيادة الطلبات بمعدل 8000 طلب سنويا.

السؤال الأبرز: ما هي مقترحات الوزارة لمواجهة هذه الكارثة، وإذا كان هناك متسع من المساحة لدى الوزارة أو الدولة لمَ لم تخصص 45000 ألف قسيمة لإظهار حسن النية ومن ثم يتم العمل على تحديد آلية توفير تمويل بناء هذه الوحدات، بدل توزيع الشواطئ والأراضي التي يتسابق عليها المتسابقون وكأن باقي المواطنين ليسوا على خريطة القيمة الإنسانية، وخصوصا أن رد الوزارة بإنجاز كل الطلبات الإسكانية للعام 1992 يعد إجابة بعيدة عن الواقع، بدليل من شاركوا في تلك الندوة بطلبات 92 ومن حوّلت طلباتهم منذ 1987 إلى طلبات وحدات سكنية وفقدوا أعوام الانتظار السابقة.

إن التوجهات التي تتبعها وزارة الإسكان لا تشجع المواطن ولا تزرع الثقة بدليل أن الخطة التي اعتمدتها وزارة الإسكان مع نهاية العام 2001، وتم عرضها في مؤتمر الإعمار والإسكان السالف والخطة كانت كالتالي (المقتطف منقول من الدراسة):

حددت وزارة الإسكان أربعة مناطق لإنشاء مدن جديدة وهي كالتالي:

-1 منطقة شرق المحرق بمساحة 2150 هكتارا (21.5 كيلومترا مربعا).

-2 منطقة شمال البحرين بمساحة 2000 هكتار (20 كيلومترا مربعا).

-3 منطقة شرق سترة بمساحة 350 هكتارا (3.5 كيلومترات مربعة).

-4 منطقة غرب مدينة حمد بمساحة 20 هكتارا (2 كيلومتر مربع)».

والمواطن يسأل ماذا حدث لهذه الدراسة، إن ما حدث هو قد تقلصت هذه المساحات واختفت الشواطئ وارتفعت طلبات المواطنين لخدمات الإسكان لتصل إلى 45000 ألف طلب إسكاني وتراكمت الطلبات وزادت فترة الانتظار عن 15 عاما.

لهذا أقول يجب تحديد آلية العمل لمواجهة التحديات للمرحلة المقبلة بحيث يتم حصر عدد طالبي خدمات الإسكان التي رواتبهم 150 دينارا، وكم يحتاجون من الدعم؟ (أي في مثل حالاتهم لا يتم احتساب أي أقساط عليهم)، والطلبات الذين تبدأ رواتبهم من 150 إلى 350 دينارا كم نسبة الدعم التي يحتاجونها لسداد أقساطهم؟. إذا كان الوضع في نهاية 2001 عند ما كان بإمكان المواطن شراء أرض بسعر لا يفوق 3 أو 4 دنانير للقدم الواحد وبناء منزل بكلفة لا تزيد عن 40 ألف دينار كانوا يحتاجون لدعم يصل إلى 40 في المئة إذا تم احتساب قيمة مساحة 3000 متر مربع مضاف إليها سعر البناء آنذاك، فما بالكم اليوم؟

على وزارة الإسكان مواجهة هذه الكارثة بمسئولية وشفافية لا بالوعود والإجابات البعيدة عن الواقع والحقيقة.

وليعلم من يسوّق إلى أن الطبقة الوسطى ستكون في أمان من خلال الرؤية الاقتصادية، حيث هذه النظرية منافية للحقيقة على أرض الواقع، بدليل أن هذه الطبقة أصبح من المتعذر عليها بناء مساكنها الخاصة حتى بعد رفع قيمة القرض الحكومي من 20 ألف إلى 40 ألف دينار، ولن تفي بالغرض حتى لو وصلت إلى 60 ألف دينار بسبب عدم قدرة أغلب أبناء الطبقة الوسطى على توفير بقية المبلغ المطلوب لشراء الأرض، ومن يقول خلاف ذلك فأجزم بأن لديه خلل في آلته الحاسبة.

إذن هناك مشكلة بل كارثة يجب التوقف للعمل على حلها، ليس فقط من خلال الوزارة بل بقرارات من أعلى المستويات. إن الدول المتقدمة دائما ما تسعى إلى وضع الخطط المستقبلية للأجيال فأين نحن من ذلك؟.

من هنا أدعو إلى تقديم مصلحة الجماعة على الفرد ووضع برنامج إسكاني يؤكد إصلاح المشكلة، ووضع الإطار المؤسسي الدستوري الملائم لاتخاذ القرار الإسكاني ضمن خطط اقتصادية واجتماعية مبنية على أسس علمية وعملية، ومراجعة سياسة استرشادية هادفة حتى نتمكن من تحقيق المزيد من الإنجاز.

لسنا بصدد إيقاف المشروعات التنموية التي يعتقد بها البعض ولكن أردنا القول إن استثمار الحجر هدف ولكن ليس على حساب البشر.

إقرأ أيضا لـ "سلمان ناصر"

العدد 2386 - الأربعاء 18 مارس 2009م الموافق 21 ربيع الاول 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً