العدد 2385 - الثلثاء 17 مارس 2009م الموافق 20 ربيع الاول 1430هـ

شركة إنتل وطلب القرب من البحرين

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في كلمته التي ألقاها في حفل توزيع جوائز الأعمال الفائزة بجائزة البحرين للمحتوى الإلكتروني 2009، توقف رئيس اللجنة المنظمة للجائزة أحمد الحجيري عند محطتين كلتاهما ذات علاقة بالمحتوى الإلكتروني: الأولى، أنه بينما بلغت صادرات دول صغيرة مثل الأردن وسنغافورة من صناعة تقنيات المعلومات، خلال العام 2007، ما يقارب من 197 مليونا، و33 مليار دولار أميركي، على التوالي، كانت الصادرات البحرينية، وفقا لإحصاءات رسمية «تكاد أن تكون معدومة»، أما المحطة الثانية، فكانت محصلة لقاء قصير ضم الحجيري مع رئيس مجلس إدارة شركة إنتل، كريغ باريت في لاس فيغاس، حيث أكد هذا الأخير بعد دراسة وافية قامت بها الشركة حول فرص الاستثمار في الشرق الأوسط، أن البحرين هي «المكان الملائم لإنشاء مركز للدراسات والبحوث والتركيز فيها على تطوير صناعة المحتوى الرقمي»، وأن شركة إنتل على استعداد لأن «تساهم، وفق معايير تجارية واضحة، في أي مشروع مجدٍ، يقام في البحرين، على هذا الطريق».

ليست البحرين هي الدولة الوحيدة، خارج الولايات المتحدة، التي تمتلك شركة إنتل مشاريع مشتركة ذات علاقة بتقنية المعلومات معها، فهناك مشروع ضخم تنفذه إنتل في فيتنام.

بدأ المشروع، والذي هو عبارة عن «إنشاء وحدة تجميع ومنشأة مخبرية» في مدينة (هو شي مينه)، بكلفة تربو على 300 مليون دولار، لكنها ارتفعت في نهاية العام 2006 كي تصل إلى ما يزيد على مليار دولار. ما تجدر الإشارة إليه هنا هو أن الصادرات الإلكترونية ومعدات الكمبيوتر من فيتنام، وبفضل ذلك المشروع، ومشروعات أخرى معاضدة، ارتفعت بنسبة 33 في المئة في العام 2005، إلى 1.33 مليار دولار، في العام 2005، وبالقدر ذاته ارتفع حجم الاستيراد من البضائع ذاتها، بنحو 28 في المئة ليصل المبلغ النهائي إلى 1.7 مليار دولار. ويعتبر المشروع، بعد استكمال مراحله كافة، سادس أكبر منشأة للشركة الأميركية في آسيا، والأكبر من نوعه لشركة أميركية في فيتنام منذ انتهاء الحرب بين البلدين في العام 1975.

أما في المنطقة العربية، فهناك الاتفاقية التي وقعتها شركة إنتل مع أكاديمية راية المصرية، وهي إحدى شركات راية القابضة، من أجل التعاون «في تنفيذ برامج تدريبية مشتركة موجهة لمطوري البرامج من الأفراد والشركات ومجموعات مهندسي النظم والتطبيقات»، وتهدف الاتفاقية إلى «تعزيز قدرات شركات التكنولوجيا المصرية وتحسين التعليم وتعزيز الوصول الرقمي على نطاق واسع وتطوير الكفاءات المتخصصة».

وبشأن الجوانب الاقتصادية التي تفرزها مثل تلك الاتفاقات تقول مدير كلية إنتل للبرمجيات، في مجموعة الحلول والبرمجيات لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، سو بناني «يؤدي هذا التعاون بين الشركتين الرائدتين في صناعة تكنولوجيا المعلومات إلى استفادة السوق من جوانب القوة لدى كل منهما، وتتمثل هذه الجوانب في أحدث التقنيات والخبرات مثل: المعالجات مزدوجة النواة من شركة إنتل والخبرة الكبيرة في تصميم برامج ودورات التدريب والتعليم وتوصيل المعلومات من شركة راية».

أما على المستوى الخليجي، فيمكننا الإشارة إلى الاتفاق الذي وقعته إنتل في نوفمبر/ تشرين الثاني 2008، مع حكومة دبي، حين أعلنت أنها «ستقوم بالتعاون مع واحة دبي للسيليكون بالاستثمار في شركة سفير نتووركس لتطوير برامج الكمبيوتر والمتخصصة في حلول إدارة المشاريع، وإن هذا التعاون يأتي ضمن مساعي إنتل لتوسيع الدعم الذي تقدمه في المجال الاقتصادي والتعليمي والتكنولوجي في الإمارات».

حينها أعلن نائب رئيس إنتل للمبيعات والتسويق والمدير العام لأوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا في شركة إنتل، كريستيان موراليس، أن الشركة «بموجب هذا البرنامج تواصل زيادة استثماراتها في أربعة مجالات رئيسية هي المشاريع المحلية والتعليم والتكنولوجيا الرقمية والقدرات الفنية المتخصصة»، مضيفا أن «الهدف من ذلك هو المساعدة على نشر المهارات التكنولوجية ونقل المعرفة واستحداث الوظائف في الإمارات».

هذه الشواهد جميعها تؤكد أن شركة إنتل، شأنها شأن الكثير من شركات صناعة تقنية المعلومات، في نطاق توسيع نطاق عملياتها، وفي إطار فتح المزيد من الأسواق، تبحث عن حلفاء جدد تقيم معهم علاقات شراكة من طراز جديد تتناسب والظروف التي تولدت عن ثورة الاتصالات والمعلومات، ومن هنا تنبع أهمية ما قاله كريغ باريت، الذي يمكن النظر إليه بمثابة مثلث زاويته الأولى. كما يرى متخصصون إن باريت، يضع على نفسه هذا الالتزام في وقت اضطرت فيه شركة إنتل، وهي أكبر شركة لإنتاج رقائق الحاسوب، انصياعا للظروف غير المناسبة التي ولدتها الأزمة الاقتصادية العالمية، إلى تقليص حجم استثماراتها في الخارج، إذ أعلنت الشركة في مطلع مارس/ آذار 2009، عن «تعديلات لخططها الاستراتيجية بشكل كبير في عموم العالم في الفترة الأخيرة»، أدت إلى إغلاق 5 مصانع، وزاويته الثانية، هي البحرين، فإن اختيار البحرين تحديدا دون سواها من دول المنطقة كي تكون الحاضنة الإقليمية، وربما مستقبلا العالمية، لصناعة المحتوى الإلكتروني، سيعني أن باريت يرى في البحرين عناصر استثمارية واعدة غير متوافرة في دول أخرى، أما زاوية المثلث الثالثة في حديث باريت، فهو أنه لابد وأن يكون قد لمس المهارات المهنية، ذات العلاقة بصناعة تقنية المعلومات، التي تتمتع بقوة العمل البحرينية التي يمكن الاستفادة منها في أي مشروع ذي علاقة بالمحتوى الرقمي، ناهيك عن جدية البحرين في البحث عن فرص جديدة لتنويع مصادر الدخل، بدلا من الاعتماد على النفط وحده.

لقد عاد الحجيري من لاس فيغاس حاملا معه، رسميا، طلب إنتل القرب، إن جاز لنا القول، من البحرين، راغبة في يدها، ولم يبق سوى أن يقبل ولي أمرها بهذا العرض كي نزف الاثنين في أقرب فرصة مناسبة.

محذور لابد من الإشارة إليه، هو أن تأجيل القبول قد يدعو إنتل لتغيير رأيها، وربما العدول عنه أو البحث، وهو الأسوأ، عن زيجة أخرى، الأمر الذي قد يضيع الفرصة من أمامنا، وتتحول البحرين إلى دولة عانس اقتصاديا لا تجد من يتقدم كي يطلب يدها مرة أخرى.

وكما يقول المثل البحريني الدارج «كل شيء في وقته حلو».

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2385 - الثلثاء 17 مارس 2009م الموافق 20 ربيع الاول 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً