العدد 2385 - الثلثاء 17 مارس 2009م الموافق 20 ربيع الاول 1430هـ

التعليم مستقبل البحرين... ولكن كيف؟

فاضل حبيب comments [at] alwasatnews.com

.

«يحتاج المواطن البحريني تدريبا وتعليما بجودة عالية، وامتلاك المهارات التي تجعله الخيار الأول لجميع الوظائف في سوق العمل، وهذا ما ينطبق مع ما أكدت عليه الرؤية الاقتصادية».

أعلى النموذج

بهذه الكلمات صرح وزير التربية والتعليم ماجد النعيمي في تلفزيون البحرين حول الرؤية الاقتصادية 2030 م وكيف يمكن للوزارة أن تترجم هذه الرؤية على صعيد الخطة الإستراتيجية لتطوير التعليم.

منذ إطلاق مبادرات إصلاح التعليم في 2005م ونحن نرفع شعار «التعليم مستقبل البحرين» فهو شعار جميل، ولكن ثمة مسئوليات تتحملها مؤسساتنا التعليمية لإيجاد الفضاءات الحرة والكفيلة بتحقيق الرؤية المستقبلية للتعليم في البحرين في ضوء معايير الجودة الشاملة.

واضح بأن الرؤية الاقتصادية 2030 م تنظر إلى التعليم كقوة مؤثرة وفاعلة في البعد الاقتصادي، إذ ثمة فرق بين ما يُعبَّر عنه بـ «الاقتصاد المعرفي» و»الاقتصاد الصناعي» فالأخير يعتمد أساسا على صاحب رأس المال والعامل، بينما الاقتصاد المعرفي قائم على أصحاب «المهارات» وليس أصحاب رؤوس الأموال، وهؤلاء ليسوا عمالا أو موظفين.

لا يساورنا الشك بأن مؤسساتنا التعليمية مطالبة أكثر من أي وقت مضى بوضع برامج متميِّزة لا من أجل أن يكتسب الطلاب فقط المعارف والمعلومات الأساسية، وإنما مهارات الحياة (LIFE SKILLS) اللازمة وتنمية القيم والاتجاهات السليمة المرتبطة بمفاهيم المواطنة وحقوق الإنسان، والتعامل معهم بإيجابية ومن دون تمييز، وإتاحة الفرص التعليمية المتكافئة أمامهم، والسعي إلى إحداث المزاوجة بين ثنائية التعليم والتدريب للجميع وعلى مدى الحياة، وذلك لا يتأتى إلا من خلال مناخ اجتماعي مدرسي جيد، وعلاقة تواصل بين المدرسة وأسرة الطالب من خلال توظيف أحدث النظم التكنولوجية المتنوعة في ظل شراكة مجتمعية.

لعلَّ الحديث عن مشكلات التعليم في الوطن العربي اجترار للماضي، لأننا تعودنا على نقل المعرفة لا نقدها، لذا كان التحدي الأكبر أمامنا أن نعيش حالة طوارئ تعليمية ـ إن صحَّ التعبير ـ تماما كما فعلت الولايات المتحدة الأميركية عندما حلَّق الرائد الروسي يوري غاغارين في الفضاء الخارجي بمركبته Spotnik العام 1961 م، عندما أمر الرئيس الأميركي آنذاك بإحداث تغيير نوعي يشمل المناهج التعليمية بجميع المراحل الدراسية في أميركا.

النتائج تشير إلى حصول البحرين على المركز الأول خليجيا في مادتي العلوم والرياضيات ـ وهذا مؤشر نعتز به ـ فقد أشارت صحيفة Financial Time البريطانية في عددها الصادر بتاريخ 10 ديسمبر/ كانون الأول 2008 م بالنتائج التي حققها طلبة مملكة البحرين في دراسة التوجهات الدولية في مادتي الرياضيات والعلوم TIMSS 2007.

لا بدَّ لنا كمعنيين بالعملية التربوية من وقفة تقويمية لهذا الإنجاز النوعي، خصوصا وأننا نتحدث عن حصول طلبتنا على معدل (467) نقطة وهو المعدل المتوسط العالمي في الدراسة التي أجريت على طلبة الصفوف الرابع الابتدائي والثامن (الثاني الإعدادي)، فقد حصلوا على المركز السادس والعشرين عالميا من بين 49 دولة مشاركة منها 13 دولة عربية. إننا نتطلع إلى «شراكة تعليمية» تماما كما نؤكد بين الفينة والأخرى على أهمية الشراكة المجتمعية لا من أجل الحفاظ على المكتسبات التي تحققت في مجال التعليم، بل لتكون البحرين موئلا لاحتضان الكفاءات التعليمية من أبنائنا وبناتنا، فالتعليم هو مسئولية مجتمع أكثر منه وظيفة جهاز محدود الموارد، إذ إن شركاء التعليم يجب أن يكون لهم دور محوري في تطويره.

قبل أيام وجدتُ أحد الطلاب المتميِّزين علميا وخلقيا مرتديا لباسا أنيقا، استوقفته لأسأله عن أموره الدراسية، فأجابني: أنا سعيد جدا هذا اليوم، لأنني سأكرم من قِبل شركة صناعية كبرى بعد فوزي في أفضل المشاريع البيئية، قلتُ له: وأنا فخور بك، لأنك انفتحت على قضايا مجتمعك بوعيٍ ومسئولية. بعد ذلك أخذ يشرح لي الموضوعات التي يجب البحث فيها أو تقديم المشروعات مثل: الحد من التلوث، وتوفير الكهرباء والماء، وحماية الحياة البحرية والفطرية في البحرين وما إلى ذلك.

بوصلة التعليم في قيادة المجتمع يجب أن تتجه إلى الأمام دائما، وهو ما يُعبَّر عنه في علم البرمجة اللغوية العصبية NLP بـ «التفكير الإيجابي»، فإذا كنا نريد للقطار أن يسير في الاتجاه الصحيح فلا بد من التركيز على التعليم أولا وأخيرا.

طموحاتنا كبيرة، إذ بات من الأهمية بمكان إقامة المعارض والمؤتمرات على مستوى دول المنطقة أو حتى العالم للتعريف بـ «السياحة التعليمية» في البحرين.

نعم هناك حالات من الإحباط أو اليأس لدى البعض منا عندما نتحدث عن مشروع إصلاح التعليم، ولكن: هل فكرنا بأن نغذي حالات اليأس بجرعة من الأمل؟

يقول الشاعر الراحل محمود درويش «لمْ نَعد قادرين على اليأسِ أكثرَ مما يئِسنَا»!

إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"

العدد 2385 - الثلثاء 17 مارس 2009م الموافق 20 ربيع الاول 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً