العدد 2383 - الأحد 15 مارس 2009م الموافق 18 ربيع الاول 1430هـ

شعلة المحتوى الإلكتروني البحرينية

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

مثلما يحمل رياضيو الأولمبياد من مختلف الجنسيات، كل أربع سنوات، الشعلة الأولمبية كي ينقلوها من مهدها في جبال الإغريق إلى المدينة التي تقام فيها، كذلك يحمل رجال المعلومات البحرينيون، وكل عامين، شعلة المحتوى الإلكترونية البحرينية كي يضيئوا بها سماء المنامة في احتفال يشارك فيه مختلف قطاعات الدولة والقطاع الخاص.

واليوم (الإثنين) الموافق 16 مارس/ آذار 2009، تحتضن قاعة التاج بفندق الشيراتون، حفل الإعلان عن الأعمال الإلكترونية الفائزة في مسابقة «جائزة البحرين للمحتوى الإلكتروني 2009».

هذه هي المرة الثاثة التي تضيء فيها احتفالات شعلة المحتوى الإلكتروني سماء المنامة. مثل هذا الاحتفالات، تعود جذورها إلى العام 2005، حينما كانت البحرين من بين الدول العربية السباقة التي بادرت إلى إطلاق مسابقة وطنية للمحتوى الإلكتروني.

حمل الشعلة الأولى، بدعم من جمعية البحرين للإنترنت عضو مجلس إدارة الجمعية حينها وحيد البلوشي الذي كان حينها أيضا أحد أعضاء لجنة التحكيم العالمية التابعة لقمة الجائزة العالمية (WSA)، ويتسلمها اليوم، ومن خلال الجمعية ذاتها، رئيس الجمعية نواف عبدالرحمن الذي يمثل البحرين في المجلس ذاته.

ربما يبدو المشوار قصيرا بالمنظار التاريخي، لكنه، ومن دون شك، غني عندما تقاس الأمور بما حققته البحرين، على المستوى العام، وصناعة المعلومات في البحرين، على المستوى الخاص.

قائمة طويلة من الإنجازات والمكاسب، عرضناها في مقالات سابقة، ليس هناك ما يدعو لتكرارها اليوم، لكن هناك مكسب أساسي، لابد من إلقاء المزيد من الأضواء عليه، والذي هو جلسات عصف الذهن (Brain Storming Sessions) التي جمعت جمعية البحرين للإنترنت، سوية مع مندوبين من القطاع الخاص، وممثلين عن هيئة الحكومة الإلكترونية ووزارة الصناعة والتجارة، من أجل العمل سوية لإنشاء مركز لصناعة المحتوى الإلكتروني. قد يستغرق إطلاق المركز بعض الوقت، وهو أمر منطقي ومتوقع، لكن الأهم من كل ذلك هو زرع الفكرة ورعاية البذرة.

فإنشاء مركز لصناعة المحتوى الإلكتروني موضوع استراتيجي معقد يتطلب تنفيذه خطة طويلة المدى، إذ لا يقتصر الأمر على بناء مؤسسة أكاديمية لتحقيق ذلك، ولا تقف المسألة عند إنتاج نسخ لينة (Soft Version)، من النسخ الصلبة (Hard Copies) لمحتو متوافر، بغض النظر عن طبيعة ذلك المحتوى، وفئة، أو فئات المجتمع التي يخاطبها.

كما أن الأمر لا يقف عند حدود استيراد أجهزة ومعدات قادرة على احتضان ذلك المحتوى من أجل إجراء تغييرات طفيفة عليه وإعادة تصديره.

عندما يتعلق الأمر بصناعة المحتوى، وإنشاء مركز في البحرين لهذا الغرض، فالموضوع ينتشر أفقيا كي يشمل الكثير من النشاطات الإنتاجية ذات العلاقة بصناعة تقنيات الاتصالات والمعلومات، ويمتد عموديا كي يلبي احتياجات تلك الصناعة في إحدى قنواتها التي تبث ذلك المحتوى بعد اقتنائه، ثم معالجته، يلي ذلك تخزينه، قبل إعادة بثه وتوزيعه في الهيئة التي يحتاجها المستخدم، الباحث عن قيمة مضافة يحتضنها ذلك المحتوى والتي تبرر اقتناء ذلك المستخدم لذلك المحتوى دون سواه من منتجات محتوى أخرى تكتض بها الأسواق.

وكي نقرب الصورة أكثر إلى ذهن القارئ، يمكننا أن نشير إلى المحتوى الإلكتروني المعرب، أي المدون باللغة العربية، فرغم الخطوات التي حققتها مؤسسات عربية، من أمثال «صخر» ودار نشر «السفير» و»العريس» و»محيط»، والعالمية من أمثال ما يكروسوفت، و»أبتك» (Apptek) الأميركية، وغوغل على هذا الطريق، نجد أن صناعة المحتوى العربي الإلكتروني لا تزال تعاني من الكثير من النواقص.

يمكننا هنا البدء باستراتيجية صنع المحتوى وآفاقها في مؤسسات صناعية متخصصة، وأن نعرج على الكليات والمعاهد التي ستخرج الأفواج العربية التي ستنخرط في تلك الصناعة، كي ننتقل إلى الإنتاج، قبل أن نصل إلى التسويق.

والحديث هنا لا يتناول البلدان أو الأسواق المحلية الناطقة باللغة العربية أو الإقليمية الشاملة للبلدان للعربية، الحديث هنا يتناول بلدان أجنبية وأسواق عالمية ينافس فيها المحتوى الإلكتروني العربي منتجات محتوى إلكتروني متطورة، بما فيها تلك الناطقة بالعبرية.

بإمكاننا أن نسوق أمثلة كثيرة تؤكد قصور «المحتوى الإلكتروني العربي»، وعدم قدرته على الوقوف للمنافسة في الأسواق العالمية، لعل أكثرها قربا إلى ذهنية المواطن العربي، هو «الكتاب الإلكتروني». يكفي المواطن العربي التوقف عند أية مكتبة إلكترونية غير عربية، سواء في الأسواق أو على الإنترنت، ويقوم بجردة سريعة في عدد العناوين، أو مستوى الإنتاج كي يكتشف مدى التخلف الذي يعاني منه المحتوى العربي مقارنة بغيره دون العربي، بما في ذلك المحتوى المدون بلغات لا تصل حيويتها إلى تلك التي تتمتع بها اللغة العربية، مثل اللغة الكورية على سبيل المثال لا الحصر.

من هنا بوسعنا الذهاب إلى القول بأن القرار الذي اتخذته البحرين في اتجاه تهيئة البحرين كي تصبح بؤرة صناعية لإنتاج المحتوى الإلكتروني، وعلى وجه الخصوص العربي منه، هو قرار صائب وفي الاتجاه الصحيح، لكن الأهم من القرار ذاته هي الخطوات العملية المرافقة لهذا القرار.

ومما لاشك فيه أن إدارات الدولة ممثلة في الحكومة الإلكترونية ووزارة الصناعة والتجارة، والقطاع المدني من خلال جمعية الإنترنت، والقطاع الخاص عن طريق غرفة تجارة وصناعة البحرين، كل هؤلاء مطالبون بأن يحولوا أحلام البحرين إلى حقيقة، وليس هناك شك في قدرتهم وإصرارهم على ذلك.

إن كبر المشاريع يبدأ بقرار... قرار صحيح يضع البذرة التي، هي اليوم، وفي البحرين، جائزة البحرين للمحتوى الإلكتروني. وإلى أن يرى المواطن ذلك تبقى شعلة جائزة البحرين للمحتوى مضيئة تنير سماء البحرين.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2383 - الأحد 15 مارس 2009م الموافق 18 ربيع الاول 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً