... وبت أسائل نفسي: لماذا - على رغم وجود مواد تنص على مساءلة الوزراء - فإنه إلى يومنا هذا لم يُقدم برلماننا على استجواب ولا وزير واحد عن «العين والنفس»؟ هل لأن برلماننا بلا أسنان؟ أم لأن بعض نوابنا أصبحوا نواب خدمات؟ أو لأن بعض النواب مسكونون بعقدة البرقع التي إذا حُلَّت ستُحل كل قضايانا المصيرية ابتداء من بطالة «دكاترة خمس نجوم» مرورا بحملة شهادة الماجستير وغيرهم الذين أقفلت في وجوههم كل أبواب الجمعيات بما فيها تلك الجمعيات التي رفضت استقبالهم لإقامة اتحادهم العمالي وخصوصا بعد أن تحول الاتحاد العمالي إلى واجهة إعلامية تنثر رياحين وزهورا في كل مناسبة على القطاعين الخاص والعام؟ طبعا بعض الأعضاء وليس جميعهم. أم ان بعض النواب مصابون بعقدة السبعينات من حل المجلس الوطني؟
إلى الآن يتعاطى برلماننا مع الوزراء بأسلوب مخملي حريري... وهذا خطأ يمارسه هؤلاء النواب طبعا، بعكس ما يقوم به البرلمانان الكويتي واليمني وغيرهما... الوزراء هم عبارة عن موظفين يخدمون الشعب، فتنبغي محاسبتهم على كل صغيرة وكبيرة، وهذا حق دستوري كفله الدستور ومرّت على المواطن البحريني صور مختلفة لثغرات متعددة وكبرى تهم الشارع البحريني، فلماذا لا يلجأ النواب إلى استجواب الوزراء؟ ولأول مرة أرى مجلسا نيابيا يقوم بالدعوة الخجولة إلى الوزراء لكي يجلس معهم و«يدردش» مع الوزير بعد مقدمات طويلة قائمة على المدح وإلقاء القبلات من بعيد لتأتي بعد ذلك الأسئلة على هيئة قبلات خجولة وفي استحياء تحمل في داخلها العذر، فلربما تسبب «إزعاجا» للوزير، طبعا يكون ذلك مع توزيع الابتسامات القائمة مع «صب الشاي والقهوة»!
يجب أن يكون هناك وضع للنقاط على الحروف عن طريق النقاش بموضوعية، ويجب أن يكون هناك استجواب لكل وزير... أما إذا رأى الوزير ـ أي وزير ـ أن الذهاب إلى البرلمان مثله مثل الذهاب إلى أية جلسة «كوفي شوب» وكأنه يريد أن يشرب «كباشينو» فذلك لا يمكن أن ينبه أي وزير إلى أي تسيب في وزارته.
لست أدعو إلى التصادم تحت قبة البرلمان، لكن المخملية الزائدة في التغزل بـ «بشت» الوزير وبعينه تجعله في مأمن من النقد والمساءلة. وللأسف يناقش بعض نوابنا موضوع «البرقع» و«سياقة السيارة» وينسى أن هناك عوائل بحرينية لا تملك قوتا لا لشراء برقع ولا «فرقع»... الناس تبحث عن سكن وعمل ولقمة عيش... والله عُرف بالعقل
العدد 238 - الخميس 01 مايو 2003م الموافق 28 صفر 1424هـ