العدد 2374 - الجمعة 06 مارس 2009م الموافق 09 ربيع الاول 1430هـ

كشمير: نزاع في وادٍ مسالم

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

حددت سفيرة الولايات المتحدة الجديدة لدى الأمم المتحدة سوزان رايس، كشمير كواحدة من مناطق العالم الساخنة ووضعتها ضمن مناطق مثل البلقان ومرتفعات الجولان في شهادتها أمام لجنة العلاقات الخارجية لمجلس الشيوخ الشهر الماضي.

وبالمثل، وفي مقابلة مع مجلة «التايم» في نوفمبر/ تشرين الثاني 2008، صرّح الرئيس الأميركي باراك أوباما قائلا: «إن العمل مع باكستان والهند في محاولة لحل الأزمة الكشميرية بأسلوب جاد»، هو واحد من «المهمات الحاسمة» لإدارته.

بوجود الاهتمام العالمي مركّزا مرة أخرى على كشمير يأمل جميع أصحاب المصالح والاهتمامات في المنطقة، كباكستان والهند والانفصاليين الكشميريين والمتطرفين الدينيين وبناة السلام على حد سواء، أن يسهّل التركيز العالمي المتجدد وضع حد لنزاع طال لعقود عديدة ونتج عنه ما يزيد على 80 ألف قتيل ومئات الآلاف من النازحين.

وبعكس وجهات النظر واسعة الانتشار بشأن كشمير التي يمزقها النزاع، وتعتريها التدخلات العسكرية والثورات المسلّحة، بقي السلام يسود المنطقة بشكل نسبي حتى قبل عقود قليلة، عندما بدأ نزاع مسلّح للانفصال عن الهند.

حافظت كشمير، في معظم الحالات على شعور بالتناغم المجتمعي عبر حرب العام 1948، بعد استقلال باكستان عن الهند البريطانية العام 1947. وعلى رغم أن إقليم جامو الكشميري شهد أسوأ أنواع المجازر والهجرة الجماعية من قبل المسلمين إلى المناطق المجاورة في البنجاب الذي تحكمه باكستان أثناء الحرب، فإن ذلك لم يؤثر على الحياة اليومية لمعظم الكشميريين خارج إقليم جامو.

تتكون كشمير من ثلاثة أديان ومناطق مميزة. يعتنق 98 في المئة من السكان في وادي كشمير الإسلام. وفي جامو يعتنق 60 في المئة من السكان الهندوسية، بينما يعتنق 49 في المئة من سكان إقليم لاداخ البوذية. طالما شعر الكشميريون بالفخر بثقافاتهم وتقاليدهم وأديانهم المتنوعة، حيث يعيش الهندوس والمسيحيون والبوذيون والمسلمون جنبا إلى جنب بانسجام في المجتمع. وحتى غاندي كان قد مدح الكشميريين لطبيعتهم المُحِبّة للسلام وسمّى كشمير «شعاع الأمل في الظلام».

وعلى رغم أن جذور النزاع الحالي يمكن تتبعها إلى فترة التقسيم، فإن الكفاح العنفي الأحدث بدأ عندما أطلق مسلمو كشمير، الذين شجعهم نجاح المجاهدين الأفغان في الكفاح ضد السوفيات، حركة مماثلة ضد الهند في نهاية ثمانينيات القرن الماضي.

أوجدت السنوات الثماني عشرة من الثورة المسلّحة انقسامات دينية لم تكن موجودة من قبل، نتج عنها هروب 200 ألف كشميري هندوسي من وادي كشمير. إلا أن الكفاح المسلح خفّت حدّته في نهاية المطاف، نتيجة لضغوطات عالمية وانخفاض الدعم الشعبي للأساليب العنفية في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/ أيلول.

بدأت في العام 2008 ثورات جماعية في كشمير مرة أخرى عندما اقترحت الحكومة الهندية التبرع بجزء كبير من أراضي كشمير لبناء معبد هندوسي. اعتبر المسلمون الكشميريون ذلك خطة لتغيير التركيبة الديمغرافية لكشمير، والتي سينتج عنها في نهاية المطاف مستوطنات هندوسية جديدة، وبدأوا يحتجون ضد الهند. وعلى رغم سقوط بعض الضحايا بقيت هذه الاحتجاجات في معظمها سلمية.

خرج أكثر من نصف مليون شخص في 18 أغسطس/ آب 2008 إلى شوارع سريناغار عاصمة كشمير وساروا باتجاه مكتب مجموعة مراقبي الأمم المتحدة في الهند وباكستان (UNMOGIP) في مستوطنة سوناوار في سريناغار لتذكير العالم بأن قضية كشمير مازالت عالقة.

اجتذبت الاحتجاجات الجماعية دعما من مجموعات المجتمع المدني الهندية واهتماما من المجتمع الدولي. رحب أصحاب المصالح والاهتمامات الكشميريون، بمن فيهم المجموعات المسلّحة بحماسة بهذا الاهتمام العالمي المتجدد بحل النزاع الكشميري. وصرّح حتى سيدصلاح الدين، زعيم حزب المجاهدين، نيابة عن مجلس الجهاد المتحد، وهو مجموعة من عدة منظمات مسلّحة، أن تصريحات أوباما ورايس كانت مشجعة في تحقيق حل للنزاع الكشميري.

إضافة إلى ذلك، قال الوزير الرئيسي لمنطقة جامو وكشمير التي تسيطر عليها الهند والمنتخب حديثا عمر عبدالله، في احتفال تنصيبه في 5 يناير/ كانون الثاني إنه يدعم بشكل كامل عملية التطبيع بين إسلام آباد ونيودلهي، وتعهد علنا أن يعمل على تيسير حل قضية كشمير.

وعلى رغم أن هذه التظاهرات غير العنفية اجتذبت انتباه العالم، بالنظر إلى اعتراف الرئيس أوباما بالنزاع، فإن الكلمات وحدها لا تستطيع تقديم المساعدة. يجب اتخاذ إجراءات أساسية من قبل الولايات المتحدة لتيسير سلام دائم في المنطقة.

يتوجب على الولايات المتحدة كخطوة أولى أن تعيّن مبعوثا خاصا إلى كشمير. في الحقيقة، أعلنت حملة أوباما الانتخابية في نهاية يناير أن تكليف مبعوث الولايات المتحدة ريتشارد هولبروك إلى جنوب آسيا لن يشمل كشمير، الأمر الذي يترك المنصب مفتوحا لشخص آخر.

يتوجب على هذا المبعوث أن يشجع الهند وباكستان على ضم ممثلين كشميريين في التفاوض والحوار بين الدولتين عبر العملية.

يمكن للولايات المتحدة، من خلال إعادة تنشيط العملية السلمية الباكستانية الهندية وإشراك الكشميريين في الحوار مع الباكستانيين والهنود، أن تقدم المساعدة في حل المشكلة الكشميرية، والتي شكلت حتى الآن عقبة رئيسية في إرساء قواعد السلام في المنطقة وتشجيع علاقات صحية بين الدولتين النوويتين.

محلل سياسي كشميري مركزه إسلام آباد بباكستان، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»*

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2374 - الجمعة 06 مارس 2009م الموافق 09 ربيع الاول 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً