عقدت وزارة الداخلية بمملكة البحرين بالتعاون مع المعهد الملكي البريطاني للدراسات الأمنية والدفاعية منتدى ومعرض البحرين للأمن في الفترة من 24 - 25 فبراير/شباط 2009 وقد شارك في المؤتمر ممثلون من العديد من دول العالم من الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا وإفريقيا والشرق الأوسط. أما المعرض فقد شارك فيه العشرات من الشركات المعنية بأجهزة الأمن.
ونسوق فيما يلي عددا من الملاحظات السريعة:
الأولى: إن المؤتمر بلا مبالغة يعتبر مؤتمرا متميزا من عدة زوايا سواء عدد المشاركين فيه أو الموضوعات التي تناولها أو أهمية الموضوع ومحاوره أو القارات والتجارب التي عرضها المتحدثون. ومن ثم نسوق التهنئة للمنظمين من مختلف الجهات، وبخاصة وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة.
الثانية: إن قضية الأمن الداخلي في أية دولة تعتبر أولوية قصوى، لأن استقرار أية دولة وتقدمها يعتمد على مدى استقرار أمنها، وسلامة نظامها، وأمن مواطنيها ومن هنا تنبع أهمية المؤتمر.
الثالثة: لجأت وزارة الداخلية إلى أفرادها ومنسوبيها لتنظيم المؤتمر وكان التنظيم بالغ الدقة، وهذا يدل على أن المواطن البحريني يتمتع بقدرات فائقة لا تقل عن قدرات أقرانه من الدول المتقدمة، وكانت الحركة والجوانب اللوجستية للمؤتمر سلسلة، ويستحق من نظموا ذلك تقديرا خاصا. وحبذا لو تلجأ مختلف مؤسسات الدولة للاستعانة بالعاملين بها، فهذا يحقق ثلاثة أمور، أولها تشغيل الأفراد وإشراكهم في العمل، ثانيها تدريب الأفراد ورفع كفاءتهم، وثالثها توفير النفقات.
الرابعة: كانت رعاية رئيس الوزراء سمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة تمثل قوة دافعة لعقد المؤتمر وضمانه لنجاحه، وكانت مساهمة وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة في الجلسة الافتتاحية والجلسة الختامية ووجوده وكبار معاونيه معظم الوقت في قاعات المؤتمر هي الحافز للجميع على العمل وبذل الجهد لإنجاح المؤتمر.
الخامسة: لاشك أن حرص وزارة الداخلية على أمن المواطنين، بل وكل من يعيش أو يزور البحرين هو الدافع الرئيس لاهتمامها بهذه المؤتمرات الأمنية لبعث الطمأنينة في نفس كل فرد في الدولة بأن الشرطة والأمن ساهرين على حمايته وضمان سلامته ومن ثم فمن الضروري أن تتعرف على أحدث التطورات في الفكر الأمني.
السادسة: أبرزت مداولات المؤتمر سواء في الجلسات العامة أو المتخصصة، على مدى يومين عدة قضايا أمنية في مقدمتها مخاطر الإرهاب والتطرف، وهو ما ركز عليه معظم المشاركين وخاصة من الدول الغربية، ضرورة المشاركة الاقتصادية والسياسية والأمنية لقوى المجتمع، ضرورة التعاون الإقليمي والدولي بين الأجهزة والمؤسسات الأمنية، مخاطر جديدة مثل الاتجار بالبشر، غسيل الأموال، أثر الإنترنت والمعلومات والتكنولوجيا الفضائية والإعلام على الأمن الداخلي.
السابعة: رحب كثير من المشاركين وخاصة العرب بالمحاضرة القيّمة في التاريخ السياسي التي ألقتها الأستاذة بجامعة الإمارات مريم سلطان لوتاه لأن هذه المحاضرة حققت هدفين أولهما إعطاء المشاركين من الدول جرعة من المعلومات والتصورات والفرك في المنطقة، وثانيهما إحداث توازن وتكامل بين تركيز خبراء مراكز الأبحاث والمؤسسات الأمنية الأوروبية على مسألة الإرهاب والإسلام، وبين مسئولية الغرب عن نشأة الإرهاب والتطرف وتجاهله قضايا الشعوب وأولوياتها.
الثامنة: كانت مداخلات وزير العمل مجيد العلوي ورئيس الأمن العام اللواء الركن عبداللطيف راشد الزياني والوكيل المساعد بوزارة الخارجية الشيخ عبدالعزيز بن مبارك آل خليفة نظرات تحليلية وذات طابع معلوماتي قيّم، وصفة عملية ترتبط بقضايا المجتمع ومشكلاته، سواء في مجال العمالة الوافدة وأثرها في المجتمع أو الاتجار بالبشر كظاهرة تتزايد خطورتها، أو في تحليل مشكلات الأمن وعوامل القوة والضعف في الأوضاع العربية بوجه عام.
التاسعة: برزت مشكلة القرصنة وكذلك احتمالات سقوط النفايات النووية في أيدي إرهابيين وهذا يمثل خطورة على أمن البلاد واستقرارها ليس فقط في الشرق الأوسط بل في العالم أجمع.
والآن تأتي بعض الهمسات في الذي نسرّ بها في إذن المسئولين:
الهمسة الأولى: بالنسبة لتسمية المؤتمر في العام المقبل وهو ينبغي أن يكون المؤتمر الدولي للأمن الداخلي، وليس مؤتمر الأمن الدولي، كما اقترحه بعض المشاركين لأن الأمرين مختلفان تماما.
الهمسة الثانية: إنه يستحسن تنويع المشاركين في الجلسات، وفي رئاسة الجلسات وكان رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة القاهرة مصطفى علوي محقا في إشارته في جلسة العمل الأولى بأن جميع المشاركين الخمسة على المنصة كانوا من الدول المتقدمة (دول الشمال)، كذلك إشارته إلى قضية فلسطين التي تجاهلها المتحدثون من الدول الغربية.
الهمسة الثالثة: إن هناك مراكز أبحاث في البحرين مثل مركز البحرين للدراسات والبحوث يستحسن الاستفادة بخبرة أعضائه، وما لديهم من كفاءات بالإضافة إلى خبرات المراكز العالمية والمؤسسات. وأعتقد أن لديهم الكثير من الأفكار والرؤى التي يمكن أن تثري النقاش في المؤتمر الثالث للأمن الداخلي سواء بالنسبة لمحاوره أو بالنسبة للمساهمات العلمية في مداولات المؤتمر.
تلك همسات تعزز المفهوم وتقوي الفكر وتدعمه بتفاعل بناء وخلاق من أجل هدف نبيل، وأخيرا نتمنى لوزارة الداخلية التوفيق في تحقيق الأمن المستدام الذي هو ركيزة هامة من ركائز التقدم.
إقرأ أيضا لـ "محمد نعمان جلال"العدد 2367 - الجمعة 27 فبراير 2009م الموافق 02 ربيع الاول 1430هـ