العدد 2361 - السبت 21 فبراير 2009م الموافق 25 صفر 1430هـ

لا تعايرني وأعايرك!

ايمان عباس eman.abbas [at] alwasatnews.com

منوعات

الوالدان هما المرجع الأول لثقافة أبنائهما، فإن كنت تريد لأبناءك بأن يعيشوا كراما، فأحرص على أن يأخذوا من صفاتك وثقافتك أحلها وأنقاها، فلا تعلم أبناءك أمورا أنت تخشى بأن تفضحك وتحقر من قدرك بين أهلك وجيرانك... ومن تلك الأمور السيئة التي تجنب تعليمها لأبنائك ثقافة «المعايرة»، وهي ثقافة سائدة في مختلف المجتمعات، وخصوصا العربية، وهي تكشف لنا الجانب السيئ والسلبي من النفس البشرية التي تسعى إلى تشويه الآخر من خلال وصفه بصفة سلبية تقلل من قيمته وتحط من شأنه.

قبل أيام سمعت من أحد الأقارب قصة حدثت لأحد جيرانه، سأطرحها لتكون عبرة لمن يريد الاعتبار، تقول القصة: طلبت امرأة ذات يوم من ابنها البالغ من العمر سبعة أعوام أن يأخذ طبق هريس إلى بيت جيرانهم الواقع في نهاية الطريق، فقالت مخاطبة طفلها: ماما خذ هذا الصحن إلى بيت «....» (قالت لقبا كانت تكنى به تلك العائلة منذ أكثر من 40 عاما)... عرفته؟!، قال الطفل: لا!، فردت عليه الأم: ذلك البيت ذو اللون الأبيض الواقع في نهاية الطريق. أسرع الطفل وهو يحمل الطبق حتى وصل إلى نهاية الطريق، فوقف محتارا في أمره، إذ وجد في نهاية الطريق بيتين لونهما أبيض، فأيهما البيت المعني؟!، وعليه قرر أن يطرق باب أحدهما ويسأل أهل البيت، هل أنتم بيت «....» (ذكر اللقب). وفعلا طرق الطفل الباب وخرج له صاحب هذا المنزل، فسأله الطفل: هل أنتم بيت «....» (اللقب)... غضب الجار لما سمعه من الطفل، فسأله: من بعثك إلى بيتنا؟!، فقال له: أمي قالت لي خذ الهريس إلى بيت «....». فرد عليه الجار: اذهب إلى والدتك واخبرها بأن بيت «....» الذين هم في الأصل بيت فلان ابن فلان، لا يرغبون في صحن هريس من بيت «.....» (أخبر الطفل بلقب عائلته الذي ربما لا يعرفه هو في الأصل).

وعندما عاد الطفل إلى بيتهم وأخبر أمه بما قاله الرجل، ارتدت المرأة عباءتها متوجهة إلى بيت جيرانها، وطرقت الباب ودخلت، فقالت للرجل: كيف تقول لابني يا بن «....»، ألا تخجل من نفسك؟! فقال لها الرجل: ألا تخجلين أنت من نفسك لترسخي في ذهن هذا الطفل كلمات هي في الأساس «سب» لجارك، هل هذا هو احترام الجار الذي تعلمينه لأطفالك؟!... فنشب الخلاف بين هذين الجارين، والسبب «المعايرة»، التي جاءت نتيجة لـ «لقب» تطور ليصبح «معايرة»، فتحول إلى «سب» ثم وصل إلى «التحقير».

بعد هذه القصة أعتقد أنه آن الأوان لنا لأن نكبر عقولنا وننظفها من هذه المهاترات الجاهلية، وأن نأخذ بكتاب الله منهاجا لتربية أبنائنا، إذ يقول سبحانه وتعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرا مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ» (الحجرات 11).

وأخيرا، ليعلم الجميع أن الزمن دائر، فإن استحقرت جارك اليوم فسيأتي الدور عليك، وذلك وفقا لمبدأ: «لا تعايرني ولا أعايرك ترى الشر طايلني وطايلك»

إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"

العدد 2361 - السبت 21 فبراير 2009م الموافق 25 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً