في أحد المطاعم دار حوار بين طفل ووالده وهما يتناولان وجبة العشاء، وكان صوتهما عاليا جدا، إذ سأل الطفل والده: «بابا بكره شهاداتنا؟!»، فأجابه الأب: «نعم بابا بكره، وإن شاء الله ناجح»... فقال الطفل: «إن شاء الله، بس بابا يمكن مدرس العلوم يرسبني، لأن المدرس حاط لي العداوة»... فضحك الأب لكلام ابنه، وقال: «العب غيرها كان غيرك أشطر (يقصد نفسه طبعا)... دوّر لك حجة غير فهذه كانت الحجة التي استخدمها تبريرا لرسوبي، وكانت تنطلي على والدي، أما أنت فابحث لنفسك عن حجة أخرى».
والد الطفل أخذته ذكرياته إلى مكان أبعد، فقال لزوجته: «تذكرين شهاداتنا؟! كانت ألوانها حلوة، ولكنها في الوقت نفسه كانت فاضحة... في الابتدائي كانت شهاداتنا من الصف الأول وحتى الثالث بيضاء، أما من الصف الرابع وحتى السادس فكانت زهرية اللون، وفي الإعدادية كانت سماوية... في هذه المراحل يا عزيزي (يخاطب طفله)، كانت شهاداتنا فاضحة، فلله الحمد لون شهاداتكم بيضاء، ولا تحدد علامات الراسب بأي شكل من الأشكال، بينما نحن فكانت فلون الدائرة الحمراء التي كانت تحيط بدرجة الرسوب، واضحة للعيان، وكنا نخجل منها، بل كنا نشبه الدوائر بالكعك، فعندما نخرج من المدرسة يبدأ الطلبة بالتنافس في حساب عدد الكيك».
ذكريات هذا الرجل أضحكتني، فأعادتني إلى شهاداتنا البيضاء، والزهرية والسماوية، ولكنها بكل تأكيد لم تأخذني إلى الدوائر الحمراء، فقد كانت ولله الحمد بعيدة عن شهاداتي، كما أنني لم أذق طعم «الكعك الأحمر»، ولكنني رأيته على بعض شهادات زميلاتي.
في هذا اليوم أحببت أن أقول للناجحين ألف مبروك، أما للراسبين والمهملين منهم تحديدا، فاخترت أن أهديهم هذه الكلمات التي ربما كتبها طالب راسب على أنغام أغنية الفنانة نانسي عجرم «انسى»، عصر مخه في كتابة الأغنية، بينما استصعب على مخه فتح كتاب، وهي تقول:
«الدنيا حلوة واحنا ساقطين بنعيشها وأحنا يا ناس فرحانين... ننسى اللي فاتنا ونعيش حياتنا على السقوط متواعدين... انسى... كل الشباب ساقطين ساقطين... متجمعين في المدارس فاشلين... على ايه تكشر وليه تفكر دا العمر كله يومين... انسى... انسى درجاتك على طول، على طول ما تسبش زعلك مره يطول... افرح شويه واضحك شويه كدا خلي روحك عليا وهاي... ويا قلبي طنش كمان وكمان وصل تطنيشي لكل مكان، وانا لو عليا ده الوقت جيا عشان أقول يا درجات باي باي... الدروس غيرت معنى الكون خلتله ملل وزهق ونوم... غياب زيادة لا مش بعاده دنا حاس أني همووت»
إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"العدد 2354 - السبت 14 فبراير 2009م الموافق 18 صفر 1430هـ