إحدى القارئات التي قد تكون علاقتها أقوى من كونها قارئة وتعد للأسف الشديد ضحية من ضحايا الإقصاء والتجاهل والقائمة تطول.
لعلها تكون في الوزارة نفسها والإدارة نفسها التي تحدثت عنها في مقالي المسمى «إبداع في التجاهل والإقصاء» أو ربما تكون في وزارة وإدارة أخرى ولكنها على أية حال تعاني ما تعانيه الضحيات الأخريات في الوزارة والإدارة المبتلاة ببلاء مرض التجاهل والإقصاء والتهميش، كتبت لي تعليقا وأرسلته على بريدي الإلكتروني وطلبت مني أن أنشر معاناتها وأن أتحدث عن ألمها وعن وجعها.
ثم تحدثت عن مرض الإدارة وطلبت التركيز أكبر عبر المقالات على ذلك لعل وعسى الإدارة تتشافى من مرضها المزمن لكون المعاناة مستمرة مع استمرار وضع الشخص غير المناسب في موقع المسئولية ولطالما بقى الفساد الإداري سيد الموقف في إدارة الإدارة وتسيير أمورها المختلفة.
فقد لخصت القارئة/ الضحية كل ما يجري في إدارتها بأنه فساد وبأنه قمة التجاهل والإقصاء والتهميش للكفاءات التي تعمل بجد وإخلاص وتفاني، لأغراض ولأسباب كثيرة ربما على رأسها تلك الطائفية البغيضة التي تحدد وترسم ملامح المستقبل لكل الإقصائيين والمهمشين وتنذر بفاجعة وكارثة إدارية لتجاهلها لأصحاب الكفاءات الموجودة والتي تدير وتدبر الأمور وأمور الإدارة قائمة على جهودهم وعلى أكتفاهم في حين أن الإنجازات تحسب لغيرهم المنافقين وأصحاب المصالح الذين يحاولون جاهدين أن يسموا الأشياء بغير مسمياتها الحقيقية رغبة في الإمعان في الفساد وتحقيق المصالح الخاصة والتملك.
أترككم مع تعقيب القارئة، لترون حجم الظلم الواقع على ضحايا تلك الإدارة، ولا حياة لمن تنادي، ولكن من باب الاجتهاد في توضيح الصورة ورفعها لأصحاب الضمائر الواعية، والطموحات الواعدة في الإصلاح والقضاء على الفساد الإداري الذي ساد معظم بقاع الإدارات، تقول القارئة في رسالتها:
«أنا أعمل في إدارة بإحدى الوزارات الخدماتية، ذنبي الكبير إنني أحب عملي كثيرا أسعى نحو الإخلاص وبذل المزيد من العطاء، وأسعى نحو تطبيق قول رسول الله (ص): «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه». أفخر بنفسي ومن حقي ذلك فما ذكرته شهادة أعتز بها من أناس متنوعين في الشهادة والمسمى الوظيفي عملتُ معهم في مواضع مختلفة. وهؤلاء الناس يتقون الله ويخشونه، ربما يكون ذلك عزائي الوحيد.
ولكن وعبر سنوات عملي بهذه الإدارة - التي ينبغي ويتحتم أن يكون مَن يعمل فيها إنسانا قبل كل شيء، يخاف الله، له قلب ومشاعر، مستعد للتضحية من أجل إنجاز العمل، يقدر ويتفهم هموم واحتياجات الفئات المستهدفة الذين أتعامل معهم بشكل مستمر لأسباب عديدة ربما على رأسها التخفيف عليهم من وطأة ما يعانوه من قلق وخوف على مستقبل أبنائهم. فماذا وجدت الموظفة من الإدارة التي تعمل معها بكل إخلاص وتفاني؟
رأت مصائب وبلاء كبير وبالصبر الجميل واجهت الحقيقة المرة:
- بدلا من أن تُحفز الموظفين على التفاني والإخلاص في العمل تقتل الدافع لديهم وتحطم معنوياتهم. - وبدلا من أن توطد أواصر التعاون والعلاقات الأخوية بين موظفيها تسعى على الدوام على التفرقة والتمييز اللا منطقي بينهم عاملة بشعار «فرق تسد».
- وبدلا من حرصها على الأخذ بآراء موظفيها في أبسط الأمور التي تتطلب المشورة والرأي تدعوهم وبكل صراحة لتكميم أفواههم، وسد آذانهم، وغلق جفون عيونهم بقوة لتحقق بذلك المركزية التامة بل وتدعوهم لذلك وحتى إن وقع عليهم الظلم والضرر.
- وبدلا من سعيها لنصرة المظلوم وإحقاق الحق تسعى لنصرة الظالم وقلب الموازين والحقائق بطرقهم الخاصة.
لهذه الإدارة التي جرعتني مرارة الظلم وقضت على معنوياتي أقول:
- إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا.
- وما توفيقي إلا بالله العلي العظيم فمهما هُمشت واُنحيت جانبا ومارستم علي ضغوطا مختلفة فإن ذلك لن يزعزع ثقتي في قدراتي وفي إيماني بعقاب الله سبحانه وتعالى لكل ظالم.
- إن قتل معنوياتي ودافعي للعمل أمانة في رقابكم لا أبرئكم أمام الله منها؛ لأنكم انتهكتم حقوقي في العمل. وأفيدكم علما بما يلي:
- قال الله تعالى: «وإن الظالمين لهم عذاب أليم» جزء من الآيه 21 من سورة الشورى.
- قال رسول الله (ص):
- «مَن أعان ظالما على ظلمه جاء يوم القيامة وعلى جبهته مكتوب: آيس من رحمة الله».
- «إن الله يمهل الظالم حتى إذا أخذه لم يفلته».
- «مَن أعان ظالما سلّطه الله عليه».
- قال الإمام علي (ع):
- «ليس شيء أدعى إلى تغيير نعمة الله وتعجيل نقمته من إقامة على ظلم، فإن الله يسمع دعوة المضطهدين وهو للظالمين بالمرصاد».
- «أجْور الناس مَن عدَّ جوْره عدلا».
- قال الإمام الصادق (ع): «من أعان ظالما على مظلوم لم يزل الله عزوجل عليه ساخطا حتى ينزع عن معونته».
وختاما حسبنا الله ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير».
انتهى تعقيب القارئة الكريمة التي استطاعت أن تلخص معاناتها ومعاناة من حولها لوجودها في تلك الإدارة المنكوبة التي شعارها الدائم «لا أرى لا أسمع لا أتكلم» ويبقى الفساد سيد الموقف.
أعانك الله وأعانكم جميعا لأن لا حياة لمن تنادي فالظلم مستمر والفساد يعيش به ومعه، ويبقى الأمل في الإصلاح ولعلنا نجد الإصلاح المناسب الذي يستطيع أن يواجه الظالم ليقول له إنك ظالم وليس لك مكان هنا.
إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"العدد 2351 - الأربعاء 11 فبراير 2009م الموافق 15 صفر 1430هـ