تقرأ جانبا من المشهد البحريني اليوم؛ فتكتشف أنه تجاوز «الحالة» إلى «الواقع» المكرَّس. واقع قائم أولا على النسيان والقفز على ما نشأ عليه وفيه ومن خلاله، وتكونت والتحمت عبره أواصر. وثانيا، التورط بواقع مفروض ومقحم. واقع يرى في المختلف استهدافا وانقضاضا على حصته في الهواء. يرى فيه تهديدا لنوعه. يرى فيه تهديدا لغده. ومن ثم، ثالثا، لا بد من تأسيس واقع يضمن ذلك الغد أولا من خلال تنقية الحاضر من المختلف/المغاير/ الآخر، ومثل تلك التنقية ليس بالضرورة أن تتحقق وتتم بالتصفيات المباشرة لذلك المختلف/ المغاير/الآخر؛ بل يمكن تحققها بأدوات «تصفية نصية». ومثل تلك الأدوات تضطلع بها منافذ وحقول لا تستعصي على الرصد والمتابعة.
بعض المنابر ببعض حرسها. بعض الصحف ببعض أقلامها. بعض الشاشات ببعض برامجها وتوقيتها. بعض المرتزقة الذين لا يهمهم من قريب أو بعيد أن يصل الواقع هنا إلى مرحلة التصفية المباشرة للمختلف/المغاير/الآخر مادامت خدماتهم مدفوعة الأجر!
***
مع كل «انهيار» «قمة». مع كل «قمة» «انهيار». القمم الطارئة تكشف عن خلل في النظام أو «فوضى» في النظام». لا قمم طارئة في الغرب؛ لأن النظام مستوٍ وقائم. قمم تضع أجندتها بـ «اطمئنان» وثقة بالغة؛ لأن القمع والطغيان في كتب التاريخ. لا مكان لهما في «نص» الحاضر و»كتاب» المستقبل. القمع والطغيان لا ينتجان إلا التخلف والانزواء والاستلاب والارتهان. لا مكان للانتاج في ظل وصفة كتلك. فقط إنتاج المسوخ وكل ما يمت إلى المعطل والعدم بصلة.
مع كل «انهيار» «قمة» يتم اعتلاؤها لرؤية المشهد. مشهد الحروب والانتهاكات والخسف والقيامات ومحو الخرائط. فرم البشر من قبل «طغيان الآلة» أو «آلة الطغيان». وماذا بعد؟ التاريخ يحتفظ لكم بحصيلة الفراغ الذي خلفته تلك القمم. حصيلة اللاجئين... الأوبئة... الخرائط التي ذابت... المدن التي سويت بالأرض... القبور الجماعية... الاجتياحات... وإعلام مازال يهز «وسْطه» وسط كل ذلك
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 2337 - الأربعاء 28 يناير 2009م الموافق 01 صفر 1430هـ