العدد 2336 - الثلثاء 27 يناير 2009م الموافق 30 محرم 1430هـ

إذا كانت الفرقة هدفا صهيونيا فلماذا يسعى البعض إلى تحقيقه؟

عبدالحسن بوحسين comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

هل الحوادث التي تمر بها منطقتنا هي حوادث تلقائية؟ أم هي نتاج تخطيط محكم أوكلت مهمة تنفيذه لوكلاء تجمعهم المصالح؟ هل دعاة الفرقة بين المسلمين مؤمنون حقا بالتوجيه الألهي»ولا تفرقوا فتذهب ريحكم»؟ وهل وقوفنا مأخوذين بهول كارثة الأبادة الجماعية في غزة هو محض صدفة؟ أم تم التخطيط له منذ أمد بعيد؟ ألا يحق لنا التساؤل عن السبب الذي شل قدرة الأمة.

في بحثي عن الحقيقة قرأت ذلك التقرير السري الذي جاهدت الصهيونية العالمية لمنع نشره منذ صدوره العام 1902. إنه بروتوكولات حكماء صهيون، الذي فصل خطط الصهيونية العالمية للهيمنة على العالم. فما هي هذه الخطط؟ وما هي وسائل تنفيذها؟ وما هي تأثيرات هذه الخطط على العالم العربي والإسلامي؟

يرى بعض المؤرخين أن هذه الوثائق مزورة صدرت ضمن مؤامرة حاكتها الشرطة القيصرية في الامبراطورية الروسية، في حين يرى البعض الآخر صحتها مستشهدين بمقولات لرئيس المنظمة الصهيونية العالمية حاييم وايزمان، وبالحوادث التي توالت وتطابق مضمونها مع الخطط الواردة في التقرير. كما يشيرون إلى تطابق أهداف التقرير ونصوص يعتقد الصهاينة أنها وردت في التلموذ والتوراة. وبغض النظرعن صحة هذه الوثائق من عدمها، فإن ما شهده العالم من أحداث، وما تعانيه منطقتنا من مؤامرات بدءا من إنشاء دولة «إسرائيل» يستحق التمعن في أهداف التقرير والتي نوجزها في ما يلي:

- الهيمنة على الإعلام العالمي: اعتبر البروتوكول الثاني الصحافة قوة عظيمة يتم بها توجيه العالم. ونظرة سريعة إلى وسائل الإعلام في الدول العظمى نلاحظ أن هذا الهدف قد أصبح حقيقة. فجل وسائل الإعلام في أميركا وأوروبا هي إما ملكا لليهود أو تدار من قبلهم. ومن هذه الؤسسات شبكة «ان بي سي»، «أ بي سي»، شركة «أ او ال»، «فوكس تي في»، و»التايمز» اللندنية، وكثير غيرهم. فهل حدث كل هذا بمحض الصدفة؟ لقد نتج عن هذه الهيمنة صياغة واضحة للرأي العام في الولايات المتحدة الأميركية وفي اوروبا لصالح «إسرائيل»، وحتى الجرائم الأخيرة في غزة تم التعتيم عليها ولم يتم إبرازها للرأي العام في هذه الدول بصوركاملة.

- الهيمنة الاقتصادية: نص البروتوكول السادس على ما يلي: «سنبدأ سريعا تنظيم احتكارات عظيمة نمتص من خلالها الثروات الواسعة».

إن استعراضا سريعا للشركات الصناعية والمالية في الغرب يكشف لنا حجم الهيمنة الصهيونية على اقتصاديات هذه الدول التي أصبحنا تابعين لها من الناحية الاقتصادية والسياسية. أما الأزمات المالية التي شهدها ويشهدها العالم فإن أصابع الاحتكارات الصهيونية فيها واضحة، حيث تمكنت هذه الاحتكارات من امتصاص فائض العائدات النفطية من منطقتنا تمشيا مع ما ورد في البروتوكول الأول «نحن نسيطر على اقتصاد العالم ونمسك المال كله في أيدينا».

- نشر الحروب وتفكيك المجتمعات:

نص البروتوكول الثالث على ما يلي: «توفير الأسلحة لكل الأحزاب لخلق الحروب الحزبية بلا ضوابط لتنطلق الفوضى ونحكم الطوائف» وعلينا أن نتساءل عن عدد المواجهات الدموية التي تخوضها الأطراف المتصارعة في منطقتنا وعن الجهات الممولة، والطريقة التي تتم بها تسليح هذه الجماعات التي تحالفت مع أعداء أمتها بصورة مباشرة أو غير مباشرة سواء في لبنان أو العراق أو أفغانستان. أما في البروتوكول الخامس فقد جاء مايلي: «تفشي الرشوة والفساد في المجتمعات يجعل الخلافات متحكمة على الدوام، فقد بذرنا الخلاف بين كل واحد وغيره بنشر التعصبات الدينية والقبلية، بهذا لن تجد أية حكومة منفردة سندا لها من جارتها حين تدعوها لمساعدتها ضدنا لأن كل واحدة منها ستظن أن أي عمل ضدنا هو نكبة على كيانها الذاتي». أن بروز التعصبات الدينية والقبلية في مجتمعاتنا تواكبت وجهود الدول الكبرى حلفاء الصهيونية لاستخدام هذه الأدوات لأغراض سياسية تخدم مصالح هذه الدول. أما الخوف الشديد من العقاب الصهيوني فقد بدا واضحا من الصمت المميت الذي خيم على دول المنطقة وهم يشاهدون «إسرائيل» تبيد أهل غزة، حتى أضحى التسابق لنيل رضا العدو هدفا يتنافس البعض عليه اعتقادا منهم أن هذا الخضوع سيمنحهم البقاء، إلا أن الصهيونية العالمية سبق أن أجابتهم في البروتوكول التاسع بما يلي «إننا نسخّر في خدمتنا أناسا من جميع المذاهب والأحزاب، وبهذا تتعذب الحكومات، وتستعد من أجل السلام لتقديم أية تضحية، ولكننا لن نمنحهم أي سلام حتى يعترفوا في ضراعة بحكومتنا الدولية العليا». أما في البروتوكول الأول فقد جاء بما يلي» أن خير النتائج في حكم العالم هو ما ينتزع بالعنف والإرهاب، فالحق يكمن في القوة». وهذه هي فعلا سياسة «إسرائيل» منذ إنشائها.

إفساد العلاقة بين الحكام والشعوب ونشر الكراهية في المجتمعات: جاء في البروتوكول العاشر ما يلي «لابد أن يستمر في كل البلاد اضطراب العلاقات القائمة بين الشعوب والحكومات، فتستمر العداوات والحروب، والكراهية،والموت استشهادا، هذا مع الجوع والفقر». كما جاء في البروتوكول الأول ما يلي «يتم وضع دكتاتور على أولئك الذين تخلوا بمحض رغبتهم عن قوتهم».

لقد تمكنت الدول الغربية بعد الحرب العالمية الثانية من الهيمنة على منطقتنا فجزأتها وصاغتها لتتلاءم والخطط التي وضعتها حليفتها،الصهيونية العالمية. فجاءت النتائج متطابقة مع هذه الأهداف. فإذا بنا أمام نظام القائد الضرورة الملهم والأوحد المخلد الذي بطش بشعبه، وغرر به لغزو جيرانه ومن ناصروه، وبآخر يعتبر الأرض والبشر والحجر ملكا له وحده لا شريك له. ومن أجل ضمان تلك الملكيات لزم على هذه الأنماط تفكيك شعوبها باحتضان قوى التطرف، وتشجيع خطاب الكراهية وعدم التسامح مع المسلمين الصهاينة بحسب تقليعاتهم وذلك في مفارقة غريبة من موتورين نذروا أنفسهم لخدمة اهداف الصهاينة المعجبين بنهجهم وخصوصا في كتابة التقارير السرية. فهل بالإمكان فصل ما يدور حولنا عن ما صمم لهذه المنطقة من خطط؟ أم هي أمور تلقائية لا علاقة لأحد بها؟

- أفساد الإدارة الحكومية: جاء في البروتوكول الثامن ما يلي: «ما دام ملء المناصب الحكومية بأخواننا اليهود غير مأمون بعد، فسنعد بهذه المناصب الخطيرة إلى القوم الذين ساءت صحائفهم وأخلاقهم كي تقف مخازيهم فاصلا بين الأمة وبينهم» كما جاء في البروتوكول الثاني ما يلي: «سنختار من بين العامة رؤساء إداريين ممن لهم ميول العبيد». لقد تمكنت الصهيونية العالمية من خلال نفوذها المالي والاقتصادي والسياسي المتمثل في أخطبوط اللوبيات المنتشرة في أميركا وأوروبا بالذات من التأثير المباشر على عملية صنع القرار في هذه الدول. فهذه أميركا العظمى ليس بوسعها وضع رئيس في البيت الأبيض أو عضو في الكونغرس من دون التوافق مع اللوبي الصهيوني ممثلا في منظمة ايباك التي تمكنت من دعم الرئيس السابق جورج في حملته الانتخابية بمبلغ 250 مليون دولار. وحتى الرئيس الجديد باراك أوباما، على رغم قدراته، لم يكن له الوصول إلى البيت الأبيض لولا أنه وضع الكوفية الصهيونية على رأسه، وأحاط نفسه بمستشارين صهاينة كرئيس موظفي البيت الأبيض.

هذ هي صورة القوة العظمى التي ترسم مستقبل منطقتنا، وتجول أساطيلها في مياهنا، وتربض قواعدها العسكرية في أراضينا، وتمسك بعائدات نفطنا في بنوكها، ونعتمد عليها في تسليح وتدريب جيوشنا. فهل بقي شيء لنا نقرره لصياغة مستقبلنا؟ وهل لنا أن نستغرب عندما تصاغ الإدارات الحكومية في كثير من بلداننا وفقا لهذه الأهداف الصهيونية؟ لقد التبست علينا الأمورفلم نعد نعرف حقا من هم الصهاينة ومن هم الأصدقاء، إن وجدوا

إقرأ أيضا لـ "عبدالحسن بوحسين"

العدد 2336 - الثلثاء 27 يناير 2009م الموافق 30 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً