لست من المعتادين على مشاهدة برامج تلفزيون العائلة العربية منذ سنوات طويلة، إلا أن هذه القناة دائما ما تقع في وسط تلك القنوات التي أعشق أن أتنقل بينها لمعرفة الحقائق والتطورات العالمية، فلا مجال ولا سبيل إلا بالمرور عليها من باب الفضول فقط.
في الأسبوع الماضي وأنا أتنقل بين القنوات بما فيها قناة العائلة العربية توقفت عند مشهد يجمع (سيد وسيدة) ضمن برنامج أسبوعي تم التناول فيه لمفهوم «الإنسان البحريني الجديد»، وذلك وفق مفهوم «هيا بنا نخلق إنسانا بحرينيا جديدا».
فالسيد والسيدة يبحثان الآن وبعد 5 آلاف سنة تقريبا من الإنسان الدلموني الذي كان مركزا لحضارة عظيمة تركت كثيرا من الآثار التي تدل على رقيها وقد عرفت قبل التاريخ بأرض الفردوس وأرض الخلود والحياة، ذلك الإنسان الأصيل الذي قاوم الاستعمار بلا طائفية.
الآن ونحن في القرن الحادي والعشرين توصل المفكران الكبيران إلى ضرورة أن يتم إعادة تصنيع الإنسان البحريني الذي أصبح لا يواكب التطورات الأيديولوجية الجديدة ولا يفهم ضرورة الانفتاح على الغرب والتقرب من المسيحية والتطبيع مع الصهيونية، الآن أصبح من الضرورة إعادة تركيب هذا الإنسان العريق في تاريخه ليواكب ثقافة الرضا والخنوع إلى الواقع والسكوت كما يريد له الآخرون وإلا فإنه يصبح متخلفا غير منفتح.
الآن أصبح البحريني بحاجة إلى إعادة هيكلة فكرية لأنه لا يتلاءم أبدا مع الفكر الانفتاحي الجديد الذي ينتميان له، فالانفتاح بالنسبة إلى «سي سيد» لابد أن يبدأ من المظهر أولا ليتأصل ومن ثم ينتقل إلى الجوهر، ومن مستلزمات الانفتاح الجل والبورش وماركات الكارتير وزيارة المجمعات بشكل دوري، ومن ثم التملق هنا وهناك لتنال المناصب من كل مكان وتصبح بذلك الإنسان البحريني الجديد المنشود.
أما الإنسان البحريني الجديد بالنسبة للسيدة ذات الثمانية عشر عاما في الصحافة البحرينية فهي التقلب هنا وهناك دون أي مبدأ أو فكر فاليوم معك وغدا عليك المهم أن تكون المصلحة الشخصية في ذلك هي المحرك الرئيسي. فهي تؤمن بحرية التعبير، ولكن بشرط أن لا تصل لمن لا ترتضى الوصول إليهم فهي حاميتهم والمدافعة عنهم إن أخطأوا أو أصابوا، نعم الإنسان البحريني الجديد يجب أن يُضرب كما ضربت النساء أمام المحكمة الأسبوع الماضي دون أن يتكلم، أو يطالب بحقه.
والإنسان البحريني الجديد بالنسبة للسيدة هو الاستماتة في الدفاع عن المسئولين والمجرمين، ولكن قذف طائفة ووصفها بأبناء «الكلاب والخنازير» وضرب النساء وهتك الحرمات والتعذيب وتلفيق التهم جزافا تستوجب سكوت السيدة لأنها ستخرجها من عباءة «الإنسانة البحرينية الجديدة» والتي سيكون لها ما لها من مميزات لا يمكن الحصول عليها إلا من خلال هذه المواصفات الجديدة.
إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"العدد 2325 - الجمعة 16 يناير 2009م الموافق 19 محرم 1430هـ