العدد 232 - الجمعة 25 أبريل 2003م الموافق 22 صفر 1424هـ

دمشق ليست بغداد... لكن أحلام صقور واشنطن وتل أبيب مخيفة

الصحف العربية...

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

شكَّل محور تعليقات الصحف العربية التهديدات التي وجهتها الولايات المتحدة إلى سورية، في وقت تكثفت فيه الجهود الدبلوماسية العربية والصديقة لتهدئة الأزمة بين دمشق وواشنطن وبدت هذه الجهود مثمرة من التصريحات الأخيرة للرئيس الأميركي جورج بوش التي رأى فيها «علامات إيجابية» على تعاون سوري، ما يشير إلى بداية حل قد تكرسه زيارة وزير الخارجية الاميركي كولن باول المتوقعة مطلع الشهر المقبل.

وتحدثت «الأهرام» المصرية، عن جولة الرئيس المصري حسني مبارك العربية، ورأت انه من خلال هذه الجولة تعلن مصر وسورية والبحرين والإمارات والسعودية رؤيتها للتعامل مع «عراق ما بعد صدام» لتكون هذه الرؤية بمثابة رسالة إلى الولايات المتحدة التي خاضت حربها ضد العراق من دون أي شكل من أشكال الشرعية، ولتقول هذه الدول مجتمعة انه إذا كانت الحرب غير شرعية، فإن النتائج المترتبة عليها لا تصلح أن تكون أساسا شرعيا لأي تصور لمستقبل العراق والمنطقة، بل الصحيح ضرورة إنهاء واقع الاحتلال سريعا، وإعطاء الفرصة كاملة ومن دون أي ضغوط للشعب العراقي لكي يحدد طريقه بإرادته الحقيقية. وتؤكد هذه الدول أيضا استعدادها لتقديم كل السبل الكفيلة بتمكين الشعب العراقي من تقرير مصيره بنفسه، وكل المطلوب لتجاوز محنة حرب بغداد. ويضاف إلى ذلك انها تعمل جاهدة على تطويق أي خلافات عربية صدرت بالنسبة إلى التعامل مع الأزمة العراقية بما يعيد التضامن العربي على نحو صحي وواضح وراسخ لا يهتز مستقبلا بأي مفاجآت أو مستجدات تهدد الأمن العربي. ولاحظت أخيرا ان روحا جديدة تدب الآن في الصف العربي لطي صفحة الشهور السوداء الماضية يعززها اتفاق وجهات النظر بين هذه الدول العربية المحورية وصدق نياتها للقيام بعمل حقيقي لإنقاذ الإرادة العربية من كبوتها ولديها القدرة فعلا على تحقيق التوجهات العربية الجديدة في مرحلة ما بعد الحرب. ولفت إبراهيم نافع في الأهرام إلى ان دمشق ليست بغداد، إقليميا ودوليا، وعلى رغم ذلك فإن الحذر مطلوب في ظل الأحلام التي تراود صقور واشنطن وتل أبيب، والتي لا تدرك العواقب على المدى البعيد، لأنه مهما تمتلك من قوة، فإنها لن تبقى متحكمة في قرار العاصمة الأميركية للأبد.. فهناك أصوات أخرى تعارض هذه التوجهات التوسعية على حساب الشعوب واستقلالها السياسي. والحكمة العربية الآن، تتطلب منا أن نكون في غاية اليقظة، وان نبتعد عن الخلافات الثانوية، التي سببت كوارث عربية، وآخرها ما جرى في العراق، من احتلال نتيجة سياسات خاطئة من القيادة العراقية السابقة. وأشار إلى ان ما قام به الرئيس المصري، هو قراءة في أوراق المستقبل العربي، ومحطة دمشق في جولته السريعة جاءت لإظهار ان مبارك، الذي طالب من قبل بمؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب، وإخلاء الشرق الأوسط من أسلحة التدمير الشامل، وحذر طويلا القيادة العراقية من بناء تصورات خاطئة، يقول مرة أخرى للعرب والعالم: إن مصر لاتزال في القلب من الحوار الاستراتيجي العربي، الذي لابد أن يبدأ الآن وليس غدا.

«الراية» القطرية

ولفتت «الراية» القطرية، إلى موقف دولة قطر التي أكدت رفضها التام للتهديدات التي تتعرض لها سورية، وأكدت أيضا انها على قناعة بإمكان اعتماد منطق الحوار مع الإدارة الأميركية، والتوصل إلى النتائج المرجوة لمصلحة الطرفين، من دون الحاجة إلى التصعيد والتهديد والوعيد. ولاحظت ان أكثر ما يميز سياسة سورية الشقيقة اعتماد الحكمة والابتعاد عن التطرف، ومواجهة الأزمات بالحوار والمرونة، وهو ما بدا واضحا من خلال التحرك الدبلوماسي السوري لدرء الاتهامات التي كان واضحا ان «إسرائيل» تساهم في تغذيتها، بهدف إضعاف مواقف سورية المتعلقة بعملية السلام والمطالبة باستعادة حقوقها وأراضيها المغتصبة. ورأت انه كان لافتا أن الرئيس بوش وبعض المسئولين الأميركيين أشادوا بتعاون سورية الايجابي إزاء القضايا موضع الخلاف وهو الأمر الذي يؤكد إمكان حل القضايا كافة بالحوار.

«النهار» اللبنانية

ورأى علي حمادة في «النهار» البيروتية، ان جدول الخلافات السورية - الأميركية طويل، ولا يتوقف عند الملف العراقي كما يحاول البعض أن يشير. فالنفوذ السوري في الداخل العراقي يكون محدودا في ظل نجاح الأميركيين في قطع «التواصل» بين البلدين، وخصوصا ان أي «حوار» مع أميركا اليوم في الوقت الذي يمكث فيه ربع مليون جندي أميركي على أبواب سورية، سيكون مختلفا عن أي حوار حصل في السابق. لذلك يمكن فهم التهدئة السورية السريعة واستجابة بعض البنود الواردة على جدول الخلافات. لكن هذا لا يعني ان سلسلة المطالب الأميركية ستقف عند هذا الحد، وبالتالي، توقع حمادة أن مسلسل التنازلات السورية مرشح للتوسع مع طرح قضايا شائكة وجوهرية أخرى مثل مصير «حزب الله» في لبنان (الجناح العسكري والأمني)، والموقف من «خطة الطريق»، وربما مبدأ تحول سورية إلى دولة طبيعية بعد مرحلة انفلاشية طويلة على الجوار الجيو ـ سياسي! يبقى ان المرحلة الصعبة المقبلة على سورية ومعها لبنان المتلازم معها، ستكون طويلة نسبيا. والتهدئة الأميركية الحالية قد لا تدوم في ظل احتمالات تعاظم الصعوبات في وجه الاحتلال الأميركي للعراق، إذ ان مرحلة الصدمة العراقية ستعقبها مرحلة الممانعة والمقاومة المدنية. وعرج حمادة، في نهاية مقاله، على لبنان، ليسأل إن كان ما يحصل على المستوى السوري ـ الأميركي يبرر كل هذا الخطأ السوري في تنصيب حكومة لبنانية جديدة تضاهي قفزة كبيرة إلى الوراء؟

«الحياة اللندنية

ورأى منير شفيق في «الحياة» اللندنية، انه إذا كانت خصوصية نظام صدام حسين سمحت لمن يريد الارتباك بأن يرتبك في قراءة حقيقة الأهداف الأميركية ـ الصهيونية من العدوان عليه، وأن يحمله كامل المسئولية حتى بالنسبة إلى ما تعد له أميركا، فإن انتقال العدوان إلى سورية يجب ألا يترك مجالا لقيادة دولة عربية أو إسلامية أن تتردد، أو ترتبك، في مواجهة الخطر الداهم المتحرك باتجاه الجميع خطوة بعد خطوة. فما ينبغي لأحد أن يتوقف أمام التهم ـ ذرائع الحرب ـ التي راحت توجه إلى سورية، بدلا من أن يواجه الجميع الحقيقة الصارخة: العالم كله، بعد العراق، واليوم سورية، وغدا هذا البلد أو ذاك، أصبح مهددا في أمنه وحياته واستقلاله ومصالحه العليا من جانب فريق متطرف يجمع بين يهود وصهاينة ما فوق ليكوديين وأتباع كنيسة «مسيحية صهيونية» شاذة منبوذة من غالبية الكنائس المسيحية، سلبوا المؤسسة الأميركية لفرض نظام عالمي، وإقليمي عندنا، من خلال القوة المسلحة العارية. واعتبر شفيق، ان المهم أن يصار إلى تجاوز ما كانت عليه الحال حتى الآن ليُدعم شعب العراق، وتُنصر سورية ولبنان وفلسطين على أوسع نطاق، وتُتخذ عشرات الخطوات العملية رسمية وشعبية لدرء الخطر. فهذا الفريق يطلب الأقصى في كل شيء ولن يهرب أحد بجلده حتى لو دخل «تحالف الراغبين». فلا حل إلا في مواجهته وإفشاله.

«الرأي العام» الكويتية

ودعا ياسر الصالح في «الرأي العام» الكويتية، إلى فك الارتباط في الخطاب السياسي والإعلامي الكويتي مع الأجندة الأميركية فيما يخص العراق أو دول المنطقة حتى إن كلفنا ذلك أثمانا، فالسياسة الستالينية الدولية التي تنتهجها الإدارة الأميركية مع دول المنطقة والتي قوامها التصفية الوقائية للمعارضة المحتملة التي بدأت تطول دولا شقيقة لها فضل علينا كسورية، توجب علينا أن نظهر التباين معها بشكل لا لبس فيه، وألا نكسب عداوة جميع الجيران في المنطقة الذين سيأتي عليهم دور الاستهداف الأميركي واحدا تلو الآخر كما صرح بذلك الأميركان أنفسهم ويصرح بذلك حلفاؤهم الصهاينة بطرق مختلفة. وأوضح ان الدعوة إلى القيام بخطوة فك الارتباط هذه مبنية على اعتبارات بدهية أساسها المتبنيات الإسلامية التي تحرم تأييد المعتدي والظالم ولو لفظيا، ويتبعها معرفتنا بأن القوات الأميركية ستغادر المنطقة عاجلا أم آجلا وخصوصا إذا ما وجدت ان وجودها سيجر عليها الويلات كما حصل سنة 1982 عندما غادرت لبنان، وحينها سنجد أنفسنا في مواجهة قدرنا وجيراننا وحيدين.

كما علقت الصحف العربية، على وصول الجنرال الأميركي المتقاعد جاي غارنر إلى بغداد ليتولى مهماته على رأس الإدارة المدنية المؤقتة التي أقامتها قوات الاحتلال الأميركية في العراق. وفي حين ان غارنر تعمد أن يعطي بعدا إنسانيا وحياتيا لمهمته من خلال زيارات تفقدية للمستشفيات ومحطات المياه، أكدت تصريحات لكبار المسئولين الأميركيين عزم واشنطن البقاء في العراق لفترة طويلة، لن تشكل خلالها حكومة عراقية قبل خمس سنوات على الأقل. بحسب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، ريتشارد لوغار، الذي أوضح ان ما تقوم به الولايات المتحدة بقيادة الجنرال غارنر للبدء في إعادة بناء عراق ما بعد الحرب «بدأ متأخرا جدا» إذ قام مسلمون شيعة وآخرون يريدون إقامة دولة دينية بملء الفراغ السياسي.

«السفير» اللبنانية

وإذ كرر طلال سلمان في «السفير»، ملاحظته ان صدام حسين اختار وريثه (يقصد غارنر)، لفت إلى ان الأخير ها هو يباشر مهماته من حيث انتهى «سلفه»، شاكرا له انه سهل عليه «الإنجاز» بأكثر مما قدر أو تصور. وأكد ان «الفوضى المنظمة» التي أديرت بأمر عمليات أميركي لا يمكن دحضه بشهادة وزارة النفط التي حرستها دبابات الاحتلال ورجال المارينز الأقوى من... الموت! كما لفت إلى ان أحدا بين العرب لم يقبل بجريمة البرجين، لاحظ ان أحدا لم يهتم، مع العدوان الأميركي على العراق، بضحايا إرهاب الدولة العظمى المنظم جدا، والمعلن مسبقا، والذي رافقته كاميرات الفضائيات والأرضيات وواكبه حشد من رجال الإعلام زاد على خمسمئة صحافي، بين محرر ومصور. واعتبر سلمان ان توصيف ما قامت به قوات الاحتلال قد يتجاوز في بعض جوانبه كل التعريفات المتداولة للإرهاب. فالجنرال المتقاعد الآتي ليتولى حكم العراق بالاحتلال هو المحرر، معلم الديمقراطية، باني العراق الحديث. أما الفتى الفلسطيني الذي يقاوم الاحتلال الإسرائيلي بدمه فهو «الإرهابي»، وكذلك من يؤيد هذا الفتى الفلسطيني، ولو بالموقف، «إرهابي». أما من يلتفت إلى شعب العراق بالتضامن أو بالمساندة، ولو في مواجهة مخاطر الجوع والأمراض المعدية، فهو «مساند للإرهاب»، أو انه «يتدخل في ما لا يعنيه»، فالعراق من اختصاص الاحتلال الأميركي بقدر ما هي فلسطين من اختصاص الاحتلال الإسرائيلي، والعصا لمن عصى وهي هنا أميركية إسرائيلية، أفضل من يمثلها هذا الجنرال الأميركي المتقاعد المتطرف في صهيونيته الآتي لحكم العراق وتحضيره وتعليمه الديمقراطية: جاي غارنر... وخلص سلمان، إلى ان ثمة الكثير من الجنرالات الأميركيين المتقاعدين المستعدين لتقديم خبراتهم الديمقراطية في تحضير الشعوب المتخلفة من حول العراق! ودعا جبران تويني في «النهار»، إلى الاعتراف من دون خوف أو عقد بأن الشعب العراقي لم يكن قادرا على أن ينتفض أو يقلب نظام صدام حسين أو يتحرر وحده من دون تدخل خارجي، ودخول قوات التحالف ارض العراق! إلا ان هذا لا يعني أبدا ان المطلوب من هذه القوات أن تبقى في العراق لتتحول إلى قوات احتلال أو استعمار. ولكن المطلوب أن نفهم ان الأولوية اليوم هي لمساعدة الشعب العراقي على سلوك طريق الديمقراطية والحرية من دون الوقوع في فخ الفوضى وتحويل التنوع الطائفي والمذهبي والسياسي إلى حال سلبية قد تؤدي إلى صدام لا بل إلى حرب أهلية تعدم نهائيا فرصة قيام عراق ديمقراطي حر وموحد. ورأى ان المطلوب منا خصوصا أن نساعد المعارضة العراقية على عدم توزيع شهادات التخوين وعدم إيجاد أجواء انهزامية سلبية.

«الوطن» السعودية

وكتبت «الوطن» السعودية، ان الحرب انتهت والعالم رضي بالأمر الواقع مع سقوط نظام صدام، لكنها رأت انه لا يمكن قبول هذا الأمر الواقع إلى ما لا نهاية، فقد أفرزت هذه الحرب واقعا جديدا انطلق منه الجميع في المطالبة بسرعة إعادة الأمور إلى طبيعتها في العراق، وإنهاء الاحتلال بسرعة. فالعراقيون أجمعوا على انهم لن يقبلوا بالاحتلال الأجنبي لذلك على الأميركيين أن يعملوا وفق ذلك، أي وفق رفض العراقيين والعرب منطق الاحتلال، وهذا يتطلب سرعة في إعادة الأمور إلى نصابها وسحب قوات الاحتلال كيلا تنشأ مشكلة جديدة هي مشكلة كيفية التخلص من هذا الاحتلال. وأملت الصحيفة السعودية أن تكون مهمة جاي غارنر قصيرة وسريعة وألا يطول الحكم العسكري وألا يرزح العراقيون تحت احتلال أجنبي ترفضه كل دولة مهما كانت مبرراته. فالشعب العراقي قادر على حكم نفسه بنفسه، فهل يدرك الأميركيون ذلك؟. واعتبرت «البيان» الإماراتية، ان نوايا ومآرب أميركا في منطقتنا العربية تتكشف أمامنا كل يوم من خلال تصريحات الساسة في واشنطن كما يمكن التعرف عليها من بين سطور المقالات وتحليلات الصحف ووسائل الإعلام الأميركية، التي تؤكد حقيقة لا لبس فيها وهي ان الولايات المتحدة تسعى إلى فرض «وصايتها» على العرب من جانب، وخدمة المصالح الإسرائيلية والصهيونية من جانب آخر

العدد 232 - الجمعة 25 أبريل 2003م الموافق 22 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً