نعم، يتوجب علينا أن نطالب ونصرّ في مطلبنا هذا -من أجل التاريخ- على ضرورة أن يتحمل البوق الذي وصلت به الجرأة والوقاحة لأنْ يطلق جزافا ألقابا وتسميات غير لائقة ولا محل لها من الإعراب على السكان الأصليين والناس الشرفاء لهذا الوطن الطيب وعليه أن يتحمل المسئولية الكاملة، ويعتذر لكل من أخطأ في حقهم، وعلى الملأ يعتذر عن أخطائه كلها التي اقترفها بلسانه القاتل وفلتات لسانه الذي نقرأ فيها كل شيء كريه، نقرأ فيها الحقد والحسد والكره المقيت لطائفة من طوائف هذا البلد الطيب لها ما لها من التقدير والاحترام ولا تعد عالة عليه ولا على أحد. فليس كل مرة تسلم الجرة يا خطيبنا المفوّه، ولا هكذا تورد الأبل يا صاحب الخطب الشقشقية!
ليس من الذوق ولا من الأخلاق الإسلامية حتى تعطي لنفسك الحق في السب والشتم والقذف لكل من تريد ومتى ما تشاء ومن غير المناسب أن تتناولهم في خطبك بالشكل الذي يحلو لك، عليك أن تلتزم الأدب وأنت تتحدث عنهم وعليك أن تكون موضوعيا في أطروحاتك وعليك أن تحترم مَن حولك، فليس من المعقول السكوت عنك في كل مرة، فأحيانا المرء يقول إن السكوت من ذهب ولكن لا يكون ذلك على الدوام، فهناك إجراءات أخرى تتطلب الوقوف عليها إذا ما زاد الشيء عن حده وبالفعل قد زاد الأمر عن حده، فالتطاول على رجال الدين وعلى طائفة بأكملها وقذفهم بأبشع الألفاظ بلا خجل وبلا حياء يعد أمرا مستنكرا لا يحتمل المجاملة ولا السكوت، عليك أن تعتذر ومن بعدها تلتزم الصمت وتفكر ألف مرة ومرة قبل أن تتجاوز حدودك أو تتمادى في صلاحياتك.
كما على الجهات الرسمية أن تتخذ الإجراءات اللازمة معه، فليس من المعقول أن القانون يطبق وفق أمزجة معينة وهوى خاص فـ»ناس وناس»، ناس تمنع وتعاقب عن الخطابة والصلاة وتغلق في وجوههم أبواب المساجد بلا سبب واضح أو مبرر ومقنع وناس تترك هكذا يعيثون في الأرض فسادا بلا حسيب ولا رقيب وكأننا نعيش في غابة والبقاء للأقوى ولكل من لديه إسفاف بمشاعر الآخرين.
توقيفه بشكل مؤقت لا يعد حلا مناسبا ويعد ضحكا على الذقون، كما أن تدويره إلى مكان آخر يعني نقل السباب والشتم إلى منطقة أخرى، ولكن حرمانه إلى الأبد من الصعود على المنبر والخطابة للناس ومنعه من الصلاة أظن أنه السبيل الأمثل لكونه لم يحترم الدور المناط به ولأنه يحمل أهدافا تضر الوحدة الوطنية وليكن عبرة لمن لم يعتبر، هذا أقل القليل في حقه وفي حق كل من اعتدى عليهم بالقول وقذفهم بألفاظ خشنة لا يقبل أي إنسان شريف أن يلحق به هذا الاسم أبدا، وهو يعلم جيدا هو وغيره من المحرضين على كراهيتنا بأننا لسنا كذلك فلسنا صهاينة كما يدعون أبدا بل الصهاينة إن جاز لنا القول والتعبير هم الذين يتآمرون علينا في جنح الليل المظلم، والصهاينة هم الذين يلعبون لعبة تبادل الأدوار من أجل جبر الخواطر، والصهاينة هم من يحاولون قلب الموازين لصالحهم بحقدهم وحسدهم، وما التقرير المثير إلا صورة من صور التآمر، وما التجنيس السياسي إلا وسيلة من وسائل العبث بالتركيبة السكانية لصالح الأجنبي وضد المواطن الأصلي.
غريب ما نشهده على أرضنا الحبيبة فهناك تكالب غير عادي علينا، يواجهنا من كل جهة وصوب بهدف سحقنا وإزالتنا من على الخريطة بأية وسائل وبأي أساليب، وكأن الغاية تبرر الوسيلة، نعيش بالفعل أجواء غير صحية، أجواء ملوثة تسودها الضغينة وتعمّق وترسخ الطائفية في النفوس.
وللعلم من يضع في خلده هذا الهدف إلى جانب أهداف مرضية أخرى يحق لنا أن نصفهم بأية صفة مثل الإقصائيين و... ولكن لا يحق لنا أن نتمادى في المبالغة لنصفهم بأنهم صهاينة على رغم أن هناك تقاطعا واضحا في الأهداف والمضامين، فما بالكم بالمستضعفين الذين بذلوا ما يملكون من أجل إرساء مبادئ الديمقراطية بمطالبهم السياسية، والذي يعد البرلمان واحدا من أهم الإنجازات التي تحققت على يدهم بفعل مطالبهم ونضالاتهم المختلفة وهم في يوم من الأيام قد وصفوا بأنهم مخربون وبأنهم غوغائيون وغيرهما من ألقاب ذابت عندما ذابوا في المشاركة واستفادوا من الأجواء الإيجابية التي جاءت نتيجة صراعات ونضالات جاءوا لقطف الثمار وللاستحواذ على الغنائم فكانوا دخلاء والدخلاء عادة لا يفقهون ما يقومون به ويظلون ينتظرون اللقمة لكي تأتي إلى حلوقهم.
اليوم مثل هؤلاء يحلو لهم المزايدة والمكابرة والتمادي فيصفون الوطنيين المخلصين والشارع المطالب بالحقوق وإرساء دولة المؤسسات والقانون بأنهم صهاينة، وبأنهم إرهابيون وبأنهم خوارج وتكفيريون ويا لها من ألقاب كبيرة وعميقة، وغدا لا نعرف بماذا نسمى ونلقب، كما لا نعرف ماذا تخبئ لنا الأيام المقبلة من عجاب فعش رجبا ترى عجبا، وما زلنا ننتظر قدوم اليوم الذي لم نعشه بعد فقد وُعدنا وننتظر! وإن غدا لناظره قريب.
إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"العدد 2319 - السبت 10 يناير 2009م الموافق 13 محرم 1430هـ