أحد أبواق الفتنة نعق ولا يزال كذلك يحاول جاهدا أن يفت في اللحمة الوطنية.

دأب منذ زمن على النيل من الرموز الوطنية والقيادات الدينية لأحد الطوائف، له شطحات لا تغتفر وله مواقف لا يمكن نسيانها وله بيانات فاقعة وصارخة تغرد في الغالب خارج السرب، وكأنه يؤمن بدرجة كبيرة بالمثل الشعبي الدارج «خالف تعرف».

من خلال المتابعات والملاحظات التي هنا وهناك يبدو أن لديه مشروعا أهدافه تختلف كثيرا عن الأهداف الوطنية المتسالم عليها والمرغوبة، يبيت كرها غير عادي لأحدى الطوائف المسالمة والتي أعتادت التعايش مع الجميع في أجواء تسودها الحب والوئام، وفي كل مرة يحاول أن يرمي سهامه السامة عليها، وإذا لم يصب لا يشعر باليأس والإحباط لا لأنه قوي الإرادة وذو بأس ولكن لكونه مسنودا ومدعوما، فهو لا ينطق عن الهوى بل هو أداة من الأدوات المستخدمة، أداة لا تعرف قدر نفسها ولو أنه كذلك لراجع خطابه وعرف أنه مدان ليس فقط من الشارع ولكنه أيضا مدان من نفسه بقرارة نفسه، ولكن هل للنفس الإنسانية المخطئة والتي أعتادت على الخطأ واقتراف الذنوب والمعاصي ومارست الظلم أن تشعر بنفسها وبأخطائها وهي ترى بأنها الأحسن والأفضل والأكفأ والأعدل... وكل الصفات الإيجابية التي يتمنى المرء أن يوصف بها؟

مسكين يبدو أنه يعاني من أوجاع نفسية ومن مشاكل اجتماعية ومن هموم أخرى لذا فهو يصب جام غضبه في الطالع والنازل بمناسبة أو غير مناسبة، على الرموز الوطنية المخلصة التي تحرص على أمن البلاد واستقرارها نراه يزايد عليها ويتهمها بتهم هم في الغالب بريئون منها.

ما عساه أن يشهر بذاته وقد لاحقه شعور الانتقام ممن حوله لكونه يشعر بأنه صاحب حق ومظلمة، وبأن عليه أن ينال ممن حوله حتى يحقق التوازن النفسي السوي، الوصول إلى مستوى أن يصل فيه الإنسان إلى تكفير من حوله ووصفهم بنعوت لا تليق بهم أمر غير سوي البتة ويحتاج إلى النصح والإرشاد فعليه الالتجاء إلى المصحات النفسية والمواظبة على الجلسات، لعل وعسى، فهو يستحق الشفقة على نفسه المريضة الملوثة، فقد تجاوز حدوده وأخذ من أساليب التجريح في الآخرين واستغلال المؤسسات الدينية والمنابر كأدوات للوصول إلى الأهداف الذاتية الدنيئة على مدى طويل ولا حياة لمن تنادي، بدورنا نعلق على ذلك ونقول: قمة الإفلاس وغاية التحدي.

لا يمكننا النزول إلى المستوى الواطي الذي تجرأ غيرنا للوصول إليه والتحدي من خلاله، وإلا لكان يحق لنا أن نسمي الأشياء بمسمايتها الحقيقية فالصهاينة ليسوا كما وصفتهم عبر خطابك المثير للجدل والذي يعد أحد أوراق التقرير المثير، وكأنها سقطت منه، فأهل البحرين الذين وصفتهم بالصهاينة هم وطنيون مخلصون محبون لأوطانهم بصفاء وبنية حسنة، بلا مقابل وبلا مزيدات مالية أو واجهات وأبواق إعلامية مأجورة أو وجاهات اجتماعية فهم يعملون بصمت رهيب لا يطمحون لنيل منصب هنا أو مكانة هناك وإلا لكان تحركهم يختلف كلية عن تحركاتهم الحالية ولكن العكس هو الصحيح، فالشمس لا يمكن حجبها.

الصهاينة، هم الذين يعتدون ويحاولون دائما الاعتداء على الضعفاء والعزل وعلى المواطنين المخلصين من أبناء البلد ويرمونهم بأي شيء أحيانا بالتهم جزافا بغرض تشوية مستقبلهم الذين يحذون حوله، الصهاينة إن أردت معرفتهم أكثر هم المتسترون على الخلايا الإجرامية التي كشف عنها التقرير المثير الذي لم تشهد مثله البحرين من قبل ولا تزال تعمل تحت الحزام وكل ما نشهده اليوم وغدا يدخل ضمن مخططاتهم، الصهاينة إن جاز لنا التعبير هم المحاربون اليوم لحرية الرأي والتعبير الذين يحاولون دائما قمع الآخرين ورجمهم، والذين يسعون لزرع الخوف والقلق في نفوس الآمنين وترويعهم.

وليسوا العاطلين المحبطين الذين لم يجدوا الأحضان ولم يجدوا من يساندهم ويرعاهم ويقدم لهم العناية والاهتمام وهم في أمس الحاجة إلى ذلك.

وليسوا كما وصفتهم في أحد خطبكم على ملأ من المؤمنين بغرض غرس الكراهية والحقد في نفوسهم من خلال مرض تشعر وتحس به، المشكلة الحقيقية كيف يتم استغلال المنابر والمؤسسات الدينية والمواقع والتستر بالدين، ومن بيوت الرحمن يتم زرع الفتن والتخريب والدمار بدلا من أن يكونوا رسل سلام وأمان يكونوا رجال خراب ودمار، مستغلين في ذلك طيبة الجمهور وسماحتهم وثقتهم المفرطة فيهم.

لا يحق لك أن تستغل كل ذلك محاولا الإضرار بمن حولك وتكون أنت المستفيد الرابح، لا يحق لك أن تكون بطلا لمسرحية ممنهجة، وشخوصها شرفاء وطنيون، ولكنهم مدانون على نهجك وعلى طرحك وكأن الغيب أنكشف لك.

الحمد لله أن في القرآن الكريم العديد من السور والآيات التي تؤكد وتحرص على ضرورة التحقق والتأكد، قبل لا أن نرمي سهامنا على الآخرين، ولكن يبدو أن النظارة السوداء التي نلبسها ليس فقط لحماية أعيننا من أشعة الشمس ولكن لحماية أطروحاتنا ومواقفنا من هؤلاء الواعين الموضوعيين الذين لا يريدون جنازة ليشبعوا فيها لطما، ولكنهم يريدوا الاستقرار كل الاستقرار لوطنهم ويريدوا الأمان كل الأمان لوطنهم فحبهم لأوطانهم يجعلهم لا يساومون عليه، يجعلهم في الكثير من الأحيان أن يسدوا آذانهم عن المهاترات التي تؤخرنا ولا تقدمنا شبرا واحدا إلى الأمام.

فهلا تنبهنا لذلك؟ وجعلنا القافلة تسير في مسارها الصحيح وتركنا من حولنا... كما يحلو لها، فلن يضرنا شيء طالما خلصنا لأرض وطننا الذي لا نرضى لها سوى الخير والسلام والأمان ولا نرضى عليها الفتنة والشقاق، نريد لها الخير كل الخير والتقدم والرخاء والتطور.

وحمى الله بحريينا الغالية من حقد الحاقدين ومن طيش الطارئين ومن حماقة الحمقى ومن طمع الداخلين ومن فتن الفاتنين كارهي الخير لها، وجعلها واحة للأمان والحرية والسلام، فكم أنت عزيزة على قلوبنا يا بحريننا الحبيبة مهما حاول البعض زرع الشكوك والظنون ستظلين وحدك في القلب ولا يسع سواك.