العدد 2314 - الإثنين 05 يناير 2009م الموافق 08 محرم 1430هـ

العام 2025

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تلقيت بالبريد التقليدي نسخة من كتاب «الخليج 2025»، أرسلتها، مشكورة أستاذة علم الاجتماع بجامعة البحرين منيرة فخرو، ومن إصدار دار الساقي البريطانية التي أسستها المرحومة مي غصوب.

وكما يبدو، فإن هناك أهمية خاصة للعام 2025، إذ صدر في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي تقرير آخر حمل العنوان ذاته، وهو عبارة عن تقرير يصدر كل خمس سنوات عن وكالات الاستخبارات الأميركية. وهو تقرير شبه كامل، يغطي مختلف جوانب الحياة والأنشطة الإنسانية عسكرية كانت، أم سياسية، بل وحتى الاجتماعية والاستراتيجية. وتناقلت قنوات الإعلام، ملخصات مختلفة لذلك التقرير توزعت فحواها من المحاور من بين أهمها: أن الدولار سيفقد الكثير من قيمته المعنوية، ولن يعود في وسعه، حينها، الاستمرار كعملة رئيسية في العالم، كي تحل مكانه مجموعة من العملات قد يكون بعضها آسيويا. وسيترافق ذلك مع تراجع ملموس للاقتصاد الأميركي لصالح الاقتصادات الآسيوية، ومن بين أهمها الهند والصين.

إن الماء، وليس النفط، سيتبوأ الخانة الرئيسية في المصادر الطبيعية، نظرا إلى موجة شح المياه التي ستجتاح العالم، ولفترة طويلة، سيضطر العالم حينها إلى البحث، جديا، عن مصادر أخرى، من دون اللجوء إلى، أو القدرة على، الاستغناء عن الماء. وسيعاد تشكيل السيادة والزعامة في العالم، كي تتناسب والأداء الاقتصادي والحيز الذي يحتله ذلك الاقتصاد القطري على ساحة الاقتصاد العالمي، وهذا يعطي دولا مثل الصين والهند، ومرة أخرى روسيا، حصة كبيرة في صنع القرارات الدولية.

توقع مشوب بالحذر، يرى احتمال بروز دول صغيرة من مستوى إيران وتركيا وإندونيسيا، واحتلالها مواقع مهمة على خريطة العلاقات الدولية، وفقدان النفط للكثير من أهميته الاستراتيجية لصالح مصادر جديدة لتوليد الطاقة، وغياب أي ذكر ملموس للكتلة العربية، ليس من حيث قدرتها على التأثير على الأحداث العالمية، بل ربما هامشيتها في الدور الذي يمكن أن تلعبه هذه الكتلة حتى في المسارات الاستراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط.

ولو عدنا للكتاب المعنون «الخليج 2025»، والذي هو نقل لوقائع ندوة اللقاء 29 لـ «منتدى التنمية في دول الخليج»، التي تنعقد دوريا مرة في كل عام، يمكن أن نقتطف منه مجموعة من الإشارات والاستنتاجات التي لا تتناقض مع، ولا نقول تنقل عن، التقرير الأميركي، مع اختلاف الدوافع والأهداف بطبيعة الحال، لكن من جهة اخرى هناك ما يختلف معها جوهريا مثل درجة ومستوى اعتماد العالم على النفط مصدرا رئيسيا من مصادر الطاقة.

هذا ما ذهبت إليه الورقة التي قدمها في الجلسة الثانية من المنتدى سعيد غباش والمعنونة «سيناريوهات المستقبل الاقتصادي»، إذ يؤكد غباش أن «سعر النفط سيبلغ (بحلول العام 2025 ) 200 دولار... وان حدث وقل الطلب على النفط من جهة الغرب، فسيستمر الطلب من الهند والصين. وإن استمرت الأمور على ما هي عليه فمن الممكن أن يصل سعر البرميل في العام 2025 إلى 150 دولارا».

كما تتوقع ورقة غباش تراجع دور الدولار كعملة عالمية، إذ نجده يقول في الورقة «وأتوقع ظهور عملة جديدة، قد تكون الـ (CDR: Special Drawing Rights)، أو حقوق السحب الخاصة بالعملة التي اتفق عليها صندوق النقد الدولي».

كتاب «الخليج 2025» الذي يقع في 135 صفحة من القطع المتوسط، ثري بالمعلومات القيِّمة التي تنقل عصارة بحوث وخبرات عملية لنخبة من العقول الخليجية المفكرة. ويطرح الكثير من التحديات ذات العلاقة بالتركيبة السكانية ومنهجية إدارة التنمية، إذ يرجع المحلل الاقتصادي الكويتي جاسم السعدون سبب فشل تجارب التنمية في دول الخليج العربي إلى المفهوم المترسخ لدينا «في المنطقة العربية الإسلامية، وهو أن السلطة والهيبة يجب أن تكون للسلطان وليس للسلطات».

الباحث الكويتي محمد غانم الرميحي كان جريئا في طرحه، حين استشهد ببعض الدراسات العالمية التي رسمت ثلاثة سيناريوهات محتملة تنتظر دول مجلس التعاون بحلول العام 2025 «الأول يعود صحراء جرداء، الثاني أن يبقى واحة صغيرة أو دولا صغيرة محدودة القوى الاقتصادية، الثالث أن يصبح الخليج خصبا، وهذا يعتمد على القرارات التي سنتخها في الوقت الحالي وخاصة فيما يرتبط بالتعليم».

وينطلق الرميحي من ذلك كي يضع أمامنا تحديات مصيرية تتقاسمها «ثلاث متغيرات، أسعار الطاقة، وتصادم المصالح داخل المجتمع والتغير الإرادي، فالتغير في الخليج وقع بالمصادفة لاكتشاف النفط»

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2314 - الإثنين 05 يناير 2009م الموافق 08 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً