ما إن يسمع أحدنا اسم لاس فيغاس، التي هي أكبر مدينة في ولاية نيفادا الأميركية حتى تقفز أمامه صورة كازينوهات القمار، وصناعة الإباحيات، وقنوات تبييض الأموال. ولسنا مخطئين في ذلك، إذ يتم صرف ما لا يقل عن 8 ملايين دولار سنويا على الإباحيات، ناهيك عن مليارات الدولارات على كازينوهات القمار، والتي استثمرت فيها شركة عربية واحدة هي المجموعة الاماراتية الحكومية العملاقة «دبي وورلد» ما يقرب من خمسة مليارات دولار في مجموعة كازينوهات «إم جي إم ميراج»، والتي تملكت «دبي وورلد» بموجبها 9.5 في المئة من اسهم «إم جي إم ميراج» إضافة الى 50 في المئة من مشروعها العقاري الضخم «سيتي سنتر».
أما عن تبييض الأموال، فمازالت تحضرنا قصة اثنين من مديري «مصرف الصين» السابقين وزوجتيهما، اللذين أدينا بتهمة سرقة نحو 485 مليون دولار من أموال المصرف من خلال عمليات تبييض.
لكن الأمر يختلف هذه المرة، فقد ورد اسم المدينة في دعوة من قبل غرفة تجارة وصناعة البحرين، للمشاركة في المعرض الدولي للأدوات الإلكترونية الإستهلاكية، وهو معرض يعقد مرتين في العام، في الشتاء في لاس فيغاس وفي الصيف في مدينة شيكاغو. وكما يقول موقع المعرض، هناك ما لا يقل عن 2،700 عارض، حضره في العام 2007، نحو 140 ألف زائر، جاءوا من مختلف بقاع العالم. ولا تقتصر أهمية المعرض على عدد المشاركين من عارضين وزوار، بقدر ما تكمن أهميته من استخدامه منصة انطلقت منها الكثير من الاختراعات، التي استخدمها مئات الملايين من الناس، ودرت على مخترعيها، من أفراد ومؤسسات، مليارت الدولارات، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، مايكروسوفت إكس بوكس في العام 2001، و «مسجل الأقراص المضغوطة» في العام 1999، وشاشات التلفزين عالية الإظهار في العام 1998، والأقراص المضغوطة في العام 1996.
لكن بعيدا عن التكنولوجيا والفرص التجارية التي يفتحها هذا المعرض أمام عارضيه وزواره، تكتسب مبادرة الغرفة هذه أهمية خاصة نظرا إلى ارتباطها بمجموعة من العوامل الأخرى.
العامل الأول والأهم، ذو بعد سياسي، إذ تنسق غرفة تجارة وصناعة البحرين، مع سفارة الولايات المتحدة في المنامة، ويتم ذلك تحت مظلة تنشيط اتفاقية التجارة الحرة وتفعيلها بين البلدين، والتي بغض النظر عما يحيط بها من ملاحظات، تبقى من أكثر القنوات المعاصرة بين واشنطن والمنامة، كفاءة وفاعلية، إذا ما تم تفعيلها على نحو خلاق. إن مبادرة «الغرفة» قد تم التمهيد لها عبر أربع مؤسسات أميركية لكل منها خبرتها الغنية، في مجال تعزيز العلاقات التجارية الثنائية بين الولايات التحدة وسائر دول العالم. فإلى جانب السفارة الأميركية، هناك المكتب الأميركي للخدمات التجارية الخارجية، ومعه وزارة التجارة الأميركية، والمكتب التنفيذي الأميركي لخدمات المؤسسات العالمية، ولكل هذه المكاتب قنواته، وعناصر قوته، التي بوسع وفد «الغرفة» أن يستفيد منها في التعرف على المؤسسات الأميركية الضالعة في قطاع صناعة المعدات الإلكترونية والبرمجيات المرتبطة بها، من جهة، ونسج علاقات تجارية مع الشركات البحرينية ذات العلاقة من جهة ثانية. العامل الثاني، ذو بعد اقتصادي وتجاري، فمما لاشك فيه أن مشاركة وفد من «الغرفة»، سيتيح المجال أمام الأعضاء المشاركين أن يطلعوا على اتجاهات سوق هذه الصناعة المتنامية، ومن ثم تلمس مدى استفادة الشركات البحرينية من تلك الاتجاهات، وإرشادها نحو الطريق الصحيح والأكثر سلامة من أجل خفض النفقات، وتحقيق المزيد من الأرباح.
ويمكننا هنا الاستشهاد بما ورد في وثيقة وزعها المكتب التجاري الأميركي بهذه المناسبة أورد فيها بعص قصص النجاح التي عرفتها بعض الشركات، بما فيها بعض الشركات العربية، إذ نجحت شركة مصرية في توقيع عقد عهدة بلغت قيمته عدة ملايين من الدولارات من خلال مشاركتها في ذلك المعرض.
العامل الثالث استثماري، فاليوم، وأمام الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعصف بمشروعات الصناعة الأميركية، من الطبيعي أن تتجه انظار المستثمرين، من حملة رؤوس الأموال، أو المصنعين، نحو الأسواق الخارجية، ولربما كانت المشاركة في المعرض، فرصة ذهبية أمام الوفد، كي يعرض إيجابيات وعناصر القوة في السوق البحرينية مقارنة بالأسواق العربية المحيطة بها.
لا نريد أن تستبق الأحداث، ولا أن نبني الكثير من الآمال، لكننا أيضا لابد أن نشير إلى صحة هذه المبادرة، وضرورة دعمها وتشجيعها، ومسك الختام هنا أن هناك فرصا عظيمة، غير القمار والإباحيات، في لاس فيغاس
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2308 - الثلثاء 30 ديسمبر 2008م الموافق 02 محرم 1430هـ