عند الحديث عن شركة ممتلكات فإننا نتحدث عن شركة مساهمة بحرينية مقفلة. برأس مال 2 مليار دينار بحريني وحدد رأس المال الصادر المكتتب به بمبلغ مليار وثلاثمئة مليون دينار موزعة على عدد مليار وثلاثمئة مليون سهم القيمة الأسمية للسهم الواحد دينار بحريني حسب ما جاء في مرسوم 64 لسنة 2006 بتأسيس شركة ممتلكات البحرين القابضة (شركة مساهمة بحرينية مقفلة).
كما أن رأسمال الشركة يتكون من مجموعة موجودات الشركات التابعة لها العينية والنقدية.
ومن المفترض أن تعمل الشركة على الدخول في شراكات محلية وإقليمية وعالمية، مستهدفة الفرص التي تحقق عوائد مستديمة على المدى الطويل، حيث تملك الحكومة حصصا في عدد من الشركات والمؤسسات من ضمنها الشركات التابعة وهي 6 شركات من أبرزها شركة ألمنيوم البحرين ألبا، شركة البحرين لمطاحن الدقيق، شركة حلبة البحرين، الشركة العامة للدواجن، شركة المشاريع السياحية. أما الاستثمارات المحلية وهي 14 شركة من أبرزها شركة الخليج لدرفلة الألمنيوم، شركة درة خليج البحرين، طيران الخليج، بنك البحرين الوطني ، بنك الخليج الدولي، شركة البحرين للإتصالات السلكية واللاسلكية، شركة البحرين للمواشي أما الاستثمارات الخارجية فتستثمر في 9 شركات هذا المعلن عنها من أبرزها مؤسسة الخليج للاستثمار، شركة الملاحة العربية، الشركة العربية البحرية لنقل البترول. إن الهدف من هذه المقدمة هو توضيح وضع الشركة للقارئ قبل طرح ما سنتطرق له.
كما إن الهدف الرئيسي للشركة حسب ما يسوق له القائمون على الشركة هو تقليل اعتماد الدولة علي النفط وإحداث تغيير نوعي في الاقتصاد البحريني من خلال التركيز على تحسين الجودة وخلق فرص على تعليم وتدريب البحريني، فهذا مطلب أساسي عند العموم كما أنه من الممكن أن يكون شعار لدى الآخرين.
لن أدخل في جدلية قانونية التصرف في الممتلكات الحكومة التي تديرها الشركة لأني لست جهة اختصاص ولكن سنتطرق إلى استراتيجية الشركة وحجم الشفافية لدى القائمين على إدارة الشركة والموازنة وحساب الأرباح والخسائر ما إذا كانت متفقة مع الواقع أم لا؟
حيث هناك عدة تساؤلات مطلوب الإجابة عليها من أبرزها.
هل الموازنة وحساب الأرباح والخسائر متفقة مع الواقع؟
هل البيانات التي سلمت للجنة المالية بمجلس النواب متفقة مع ما هو وارد في دفاتر وسجلات الشركة؟
ما هي النسبة المئوية التي تقتطع من صافي الأرباح لترحل للاحتياطي الإجباري وهل بلغ الاحتياطي 50 في المئة من رأس المال؟
ما حجم السيولة التي تتداول بها الشركة في بيع وشراء الأسهم والسندات إن وجدت؟
هل قام رئيس مجلس الإدارة بنشر الموازنة وحساب الأرباح والخسائر في صحيفتين يوميتين محليتين على الأقل حسب ما نصت عليه المادة 30 من عقد التأسيس؟
ما هي مبالغ استثمارات الشركة لدى الشركات الخارجية التي تساهم بها؟
كل هذه التساؤلات تحتاج إلى إيجابات أو إيضاح للمواطن البسيط وكذلك كي لا تأول الأمور، فإذا كان الحديث عن ما إذا كان حسابات الأرباح والخسائر متفقة مع الواقع فإننا نقارن حجم الاستثمار بإسهامات الشركة ضمن الإيرادات الحكومية حيث بلغ إسهام شركة ممتلكات للإرادات الحكومية 52.5 ملايين دينار فقط لسنة 2009 و60 مليون دينار فقط لسنة 2010، مع العلم بأن الشركة حققت 246 مليون دينار كصافي أرباح للسنة المالية 2007! والأمر ينطبق على جزء من أرباح الشركة القابضة للنفط والغاز! وهنا أقول بأن هذا الأسهام لا يتناسب مع حجم رأس مال الشركة البالغ أكثر من 2 مليار دينار.
كما أن الشركة لم تتطرق إلى احتياطها الإجباري لا من قريب ولا من بعيد بالتقرير المالي. ولم تتطرق إلى قدر المكافآت التي يقدرها الوزير لمجلس الإدارة حسب ما نصت عليه المادة 22 من عقد التأسيس علما أن غالبية أعضاء مجلس الإدارة هم موظفين حكوميين. ولم تتطرق لمبالغ الأسهم المضارب بها ولا قيمة الاستثمارات الخارجية. ولا الضرر الناجم من الاستثمارات الخارجية من شراء أسهم وغيره (حصتها 30 في المئة من مجموعة مكليرن المحدودة وهي الشركة الأم لفريق سباق فدافون مكلرين مرسيدس فورمولا واحد)؟، وخصوصا بعد الغرامة التي منيت بها هذه الشركة لصالح شركة فراري التي بلغت 150 مليون دولار!؟
كما أنها لم تتطرق إلى موازنة حلبة البحرين لسباق الفورملا واحد لسبب عدم جاهزية موازنة الحلبة علما بأن الحلبة قد دخلت العمل الفعلي منذ شهر أبريل/ نيسان 2004!
وهنا أقول إن الشفافية هي جزء من حقوق المواطن وليس كلها... فإذا كانت هذه صعبة، وقد تعوق الموافقة على طلب الرضا... فإن بقية حقوق المواطن لن تظهر... وكثير منا لا يختلفون على أنها مثل البحر تستطيع أن تطفو على مياهها وتسير بقوة دفع أمواجه الخشب وأكبر السفن التي تتجاوز بحجمها ووزنها وإمكاناتها البرلمان بصيغته الراهنة... وبصيغته القادمة الدائمة وكذلك القائمين على هذه الشركة.
لا أنفي أبدا أن ثمة علاقات فعلية وكبيرة بين مواجهة هذه التحديات الحياتية... وموقف القائمين على هذه الشركة والتحديات السياسية... لكننا نؤمن أن ثمة فرصا متاحة تحتاج من يفعلها، فالمسئولية مشتركة إذا ما صدقت النوايا.
إن نتاج شركة ممتلكات قد أسهمت في إنشاء شركات عقارية (شخصية وعائلية) لم تراعٍ البر والبحر لقيام منشآتها، كما أنها لم تسهم في حل إحدى مشكلات المواطن المركزية والتي تتعلق بالأمن الاجتماعي وهي مشكلة الإسكان. بل هناك توجه للشركة لبيع أصول مقابل استثمارات خارجية لا يعلم مدى مخاطرتها إلا الله (حصتها من بتلكو).
ليعلم القائمون على هذه الشركة أن القيادة الناجحة تتطلب إدارة عالية الشفافية للمؤسسات جنبا إلى جنب مع وجود قيم تقليدية تتمثل بالرؤى الحكيمة وبسط ثقافة الثقة وبناء فريق فعال، فإن القيادة تعني ببساطة تبوأ موقع ريادي وإرساء مثال يحتذى به.
كما أن الشفافية مطلب أساسي لنجاح الشركات الحكومية، وكذلك لتعزيز ثقتها لدى العامة. كما يجب التشديد على حاجة المؤسسات الحكومية إلى التحلي بالمسئولية وزرع الثقة لدى العامة، تماما كما تفعل شركات القطاع الخاص مع عملائها وإلا ستمنى بالفشل. وفرص إصلاح المؤسسات الاستثمارية الحكومية هي مطلب ولكن هل شركة ممتلكات على جاهزية للقيام بذلك، لقد اثبتت هذه التجربة من خلال السنتين المنصرمتين ازدواجية استراتيجيتها وعدم شفافيتها.
والسؤال هل نحن نخرج بما قدمناه عن المهام المفترضة على لجان البرلمان كمؤسسة سياسية رقابية... بل نحن نقول إن النقد البناء أعرض بوابه لإيضاح الأمور فالحكمة والعدالة والصدق والطموح والإخلاص من أهم ركائز بناء الأوطان
إقرأ أيضا لـ "سلمان ناصر"العدد 2308 - الثلثاء 30 ديسمبر 2008م الموافق 02 محرم 1430هـ