صار حذاء خروتشوف أسهل طريقة لاستذكار هذا الزعيم، فكلما جرى حديث عن «الصرامي» و»الجزم» استحضرت الذاكرة، شخصيتين تاريخيتين هما صدام حسين ونيكيتا خروتشوف واليوم أضيف إليهما شخص ثالث هو جورج بوش الابن.
الرجل وعصره، أول سيرة لزعيم سوفيتي تعكس تاريخ الإمبراطورية الروسية كتبها وليم تاوبمان وتصور تناقضات الفلاح الذي دفع العالم إلى الخطر الأكبر أثناء أزمة الصواريخ الكوبية، وأذهل الناس عندما وضع حذاءه وبقوة على الطاولة التي كان يجلس عليها في الأمم المتحدة العام 1960 مقابل هارولد ماكميلان رئيس وزراء بريطانيا ليعلن عن احتجاجه على مشروع الأسلحة النووية وعدم الموافقة على نقل مقر الأمم المتحدة إلى فيينا أو سويسرا.
جاء «نعال» أبوتحسين، ذاك المواطن البغدادي الذي انفجر غضبا في ساحة الفردوس يوم 9 أبريل/ نيسان 2003 ليعلن نهاية سقوط نظام الرعب والخوف وقت أمسك «نعاله» بيده وصاح أمام الفضائيات «هذا دمرنا وقتل أولادنا» يقصد نظام صدام حسين.
أمس انفتحت الشهية وتدفقت معلومات غزيرة عن الحذاء واستخداماته عبر المنتديات والمواقع الإلكترونية، منهم من أشاد بفعلة منتظر الزيدي واعتبر تصرفه نوعا من وسائل «حرية التعبير» ومنهم من نظر إليها بمنظار أخلاقي واستهجان في التصرف غير الحضاري.
وبدل أن يتحول الحدث إلى زيارة الرئيس المنتهية ولايته جورج بوش الابن، خطفها منه، هذا الصحافي العراقي الشاب الذي امتلك قدرة فائقة وشجاعة على ذاك الفعل.
عادة رفع الحذاء بوجه الناس تعتبر أمرا طبيعيا عند الأميركيين فالرؤساء يفعلونها ولا يرون فيها شيئا من الحرج منذ أن اخترع أول حذاء في العالم قبل 9 آلاف سنة بحسب عالم باحث في علوم الإنسان، أميركي الجنسية، يدعى أريك ترينكوس.
حوادث رفع الأحذية كثيرة من أشهرها، عندما وقف مرتضى منصور في استاد القاهرة الرياضي وعرضه أمام الجمهور وعصمت السادات عندما خلع حذاءه لزميله النائب أحمد عز في قاعة مجلس الشعب ولعل أشهرها تدافع المصلين الفلسطينيين ورميهم بالأحذية لوزير الخارجية المصري السابق أحمد ماهر في ساحة الأقصى بالقدس العام 2003 بعد اجتماعه بشارون أثناء اندلاع الانتفاضة.
والتاريخ ملئ بالأحداث التي ارتبطت «بالحذاء» فالرئيس الإيراني محمد علي رجائي الذي كان رئيسا للوزراء في عهد أبوالحسن بني صدر أقدم في أول لقاء له مع رجال الصحافة في مبنى الأمم المتحدة بنيويورك العام 1981على خلع «حذائه» ليواجه بقدميه العاريتين الصحافيين ليريهم آثار التعذيب في سجون الشاه.
والأطرف من هذا أن نائبا يمنيا يدعى طاهر علي سيف وجه رسالة عاجلة قبل سنوات إلى رئيس مجلس النواب الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر يشكو فيها سرقة حذائه أثناء انعقاد لجان المجلس وهو الحذاء الوحيد الذي يملكه، مما اضطره إلى الخروج حافيا من الجلسة وطالب النائب بالاتصال بالإنتربول الدولي للكشف عن السارق وسحبه بواسطة الكلاب البوليسية!
يبدو أن وسائل التعبير بالكلمة واللسان تراجعت ولم يعد بمقدور اللغة إحداث هزات دراماتيكية فلجأ البعض إلى الحذاء ليقوم بالتعويض وهو ما حصل
العدد 2295 - الأربعاء 17 ديسمبر 2008م الموافق 18 ذي الحجة 1429هـ