عمل رائع هو الذي قدمه المخرج والفنان البحريني القدير أحمد الصائغ خلال فترة عيد الأضحى المبارك، والذي حمل اسم «أشش ولا كلمة»، العبارة التي تستخدم عادتا لإخراس الأفواه الناطقة بكل ما هو حقيقة مرة، يأبى القلب والعقل الاستماع لها، وبذلك لا يكون من حل لمثل هذه الوخزات الجارحة سوى تكميم الأفواه إن لم يكن صم الآذان خيارا واردا للمستمع.

في عادة المسرح، والقصد هنا هو المسرح الراقي الذي يعمل من خلاله هذا المخرج، أن يطرح على الخشبة ما يهم الناس في مشكلاتهم وقضاياهم اليومية، لذلك فقد أعد الصائغ، الذي هو نفسه كاتب نص المسرحية، توليفة من القضايا، لا تربطها صلة سوى المواطن البحريني الذي يتصادم معها بشكل يومي، بل إنها كانت وقت العرض أشبه بلقطات فلاشية تصور التغيرات التي حلت على الناس، وأثرت على أسلوب الحياة لديهم، تنتقل من الأطفال وهم في مراحل تعليمهم الأولى في «الرياض»، وأثر التغيرات البيئية حولهم من التقنيات التي انتشرت كأجهزة التقاط القنوات والهواتف النقالة، إلى الناس وهم في المستشفيات وتعاملهم مع المرضى بقلة اهتمام، إلى الناس الذين يمارسون التخييم في الصخير وما يقومون به من أفعال خلال تلك الفترة.

لقد طرق الصائغ الأبواب التي قد يتهيب الكثيرون التقرب منها، فكانت أبرز المساحات التي دخلها العمل المسرحي هي تصوير مشكلات الناس الإسكانية وقضايا الدفان التي تتعرض لها السواحل، إذ استخدم المخرج سقلات بناء لعمل نماذج عن بيوت الإسكان، نقل منها الضيق الذي يصيب الناس فيها، ونوعية العلاقات المتوترة التي تشوب أجواءها بسبب انتقال الإزعاج ما بين الشقق المتجاورة.

وكان مشهد آخر قد تميز به العمل هو تصوير بعض الخيام التي تنصب في الصخير بغرض الترفيه الغير بريء، والتي تتسبب في تسهيل العلاقات المشبوهة تحت حضور ورحمة متنفذين، يستغلون بعد المنطقة عن أجواء المدينة في توفير أجواء المتعة الرخيصة لهم على حساب جرف الشباب إلى مثل هذه الأجواء.

انتقال العمل من مشهد إلى آخر كان خفيفا على قلوب المشاهدين نظرا لأن المخرج لم يغفل تطعيم العمل الذي لم يفتقد إلى الرقي في الطرح ببعض الوصلات الغنائية الراقصة، عوضا عن أن العمل في ذاته كان على طبق كوميدي ساخر، أحبه الجمهور وكانوا لآلآمهم التي تلمسها يضحكون