كثر الحديث عن نية هيئة الكهرباء في تحصيل المتأخرات المتراكمة على المشتركين أو بالأحرى المستفيدين من خدمات الكهرباء وهذا حق الهيئة ولكن.
أولا: لنفند المتسبب في تراكم هذه المتأخرات، ففي اعتقادي أن المسئولية مشتركة تتحملها الهيئة لعدم حزمها في الفترة السابقة والتي أدت إلى تراكم المتأخرات إلى ما وصلت إليه وكذلك المشترك الذي لم يبادر بدفع فواتيره أو ما يتناسب مع إمكانياته آنذاك، لتخفيف ما ترتب عليه من متأخرات للهيئة التي لا تتناسب مع إمكانية راتبه في الوقت الراهن، علما أن هناك من المشتركين من تعمدوا عدم دفع فواتيرهم وخاصة الذين لم يستفيدوا من المكرمة السابقة لسبب التزامه بسداد الفواتير، ومنهم من رأى إنها فرصة كي تأتي مكرمة أخرى.
ثانيا: إن مقترح الهيئة بتسديد نصف المبلغ (أي متأخرات المشترك) ويقصد الباقي على 12 شهرا يشوبه عدم العدالة وبعيد عن حل المشكلة بما يتناسب مع جميع الأطراف، مثال على ذلك لو كانت متأخرات المشترك 2000 دينار، ومرتبه 200 دينار ومشترك آخر مرتبه 800 دينار، ويقسط المبلغ المتبقي (نصف مبلغ المتأخرات) 1000 دينار على 12 شهرا سنرى فارق استقطاع القسط كنسبة وتناسب كبير حيث الذي راتبه 200 دينار سيخصم ما يعادل 40.5 في المئة من مرتبه الشهري أما الذي راتبه 800 دينار سيخصم ما يعادل 10.5 في المئة، لهذا أقول عدم عدالة آلية التحصيل بعناية.
ثالثا: لم توضح الهيئة الهدف من هذا التحصيل، ولو أنه حق أصيل لها، ولكن ما أريد قوله لمعالجة هذه الإشكالية هو، هل المقصود تحصيل المتأخرات المتراكمة أو استمرار التدفقات المالية للفواتير الشهرية التي يجب أن لا تفرط بها الهيئة؟ ليتسنى لها القيام بواجباتها، حيث تحصيل المتأخرات مع استمرارية دفع الفاتورة شهريا، يشكل معضلة للغالبية من المشتركين (القطاع السكني).
رابعا: على المشترك أن يقر بأن هذا الدين سداده واجب بالعرف والشرع، حيث من المعلوم متى استفاد المشترك من هذه الخدمة بأجر معلوم شرعا وجب عليه سداده بما إنه استفاد من حيث تشغيل الأدوات الكهربائية لديه في المنزل.
خامسا: إن الهيئة لم توضح وضع الأسر المسجلة لدى وزارة التنمية الاجتماعية والأرامل والمطلقات التي لا تعمل والأسر المقيمة بمنازل ورثة وهم مسجلين لدى وزارة التنمية الاجتماعية، حيث إن الفاتورة تخالف اسم المقيمين بهذا المنزل.
سادسا: على الهيئة أن تبين أصل المتأخرات لغاية 2007 (للقطاع السكني فقط) كي نعتبره الدين العام الواجب تحصيله مع بيان إحصائي للدين على القطاع الحكومي، السكني، الصناعي، التجاري، الزراعي، الفندقي، كما يجب عدم الإغفال عن العقارات التجارية التي تسجل بأسماء الملاك، فمثل هؤلاء يجب تحصل فواتيرهم فورا.
سابعا: اقترح أن تقوم الهيئة بترحيل الدين (المتأخرات) لغاية 2007 ومن ثم تقسيمه على 5 سنوات، مما يعني تحصيل 20 في المئة من (الفواتير المتأخرة) سنويا، وتقسيمه على 12 شهرا + الفاتورة الشهرية، وبهذه الآلية ستحافظ على التدفقات المالية الشهرية التي تشكل نفطة تحول في ديمومة التدفقات المالية الشهرية بالإضافة إلى تحصيل ما يعادل 20 في المئة من أصل مبلغ المتأخرات على القطاع السكني سنويا.
ثامنا: تصنيف القطاع السكني:
أ: آلية السداد للمستفيدين من وزارة التنمية الاجتماعية. ب: آلية السداد للأرامل والمطلقات التي لا تعمل والقاطنين بمنازل ورثة، حيث الفاتورة لا ترسل باسم المستفيد. ج: آلية التحصيل للفئة التي رواتبهم من 600 دينار وما فوق.
وهنا أقول لهيئة الكهرباء إن النهوض بأي عمل كان، يجب أن يكون على أساس العمل والجهد المشترك، كما هو الحال لتحصيل المتأخرات التي على المشتركين. هذا بجانب محاسبة الذات ومراجعة أوجه القصور إذا ما أردنا السير قدما لما فيه خير وصالح البلاد والعباد، فالأمر ليس مقتصرا على دخل الهيئة مقابل مصاريفها كما نوه رئيس الهيئة في إحدى الندوات بل متعلق بإستراتيجية الهيئة، حيث يجب تقديم خدمات الكهرباء والماء بمواصفات علمية وأن توفّر خدمات الكهرباء والماء بأعلى مستويات الكفاءة والتميز من أجل إرضاء زبائنها وتكون الشفافية، الصدقيّة، المسئولية، المرونة، العمل بروح الفريق الواحد هو شعارها، هذا بجانب دراسة توقعات الطلب على الاستطاعة والطاقة الكهربائية وإعادة تقيمها في ضوء تطور الأحمال الفعلية والمرتقبة باستخدام البرامج الحاسوبية المتطورة، مما سيسهم في تحسين أدائها ومراجعة توقعات الطلب على الاستطاعة والطاقة الكهربائية المعدة من قبل الهيئة كما يجب، ورصد ومتابعة الأسعار العالمية لمحطات التوليد والتحويل، وتجميع المعلومات ذات الأهمية في إجراء التحليل الاقتصادي بدل التعلل بهذه الأسباب في الندوات التي تبين أن القائمين على هيئة الكهرباء والماء بعيدون عن المهنية.
أما بالنسبة للتخطيط فمن المفترض على الهيئة أن تعد وتناقش الخطط السنوية والخمسية المتكاملة ومتابعة إقرارها لدى الجهات المختصة وتعميمها على الجهات التابعة للهيئة وكذلك إعداد تقارير تتبع تنفيذ الخطط السنوية وتقيم الخطط الخمسية لا أن نسمع عن هذه الخطط البعيدة عن الواقع من خلال التصاريح الإعلامية.
أما بالنسبة للمسئولية التي تتحملها الدولة هي دراسة الإنفاق الفعلي على المشاريع الاستثمارية للشركات والمنشآت حيث أصبحت البحرين من جراء بناء البر والبحر عقاريا تحتاج إلى إعادة تقييم الاحتياجات الكهربائية، وأذكرهم بأن الوعود هي كلمة وإن الكلمة تشهد للإنسان أو تشهد ضده، فالكلمة من قائلها بمعناها في نفسه لا بمعناها في نفسها وهو حين ينطق بها، فإنها تحكم عليه أكثر مما يحكم هو عليها، والكلمة حين تكون محكومة معقولة فإنها توضح حقا أو تبطل باطلا أو تنشر حكمة أو تذكر نعمة، وأما حين تكون بعيدة عن الواقع فإنها قد تنم عن عدم إدراك أو تسبب ضررا أو تذيع سرا أو تتلف نفسا، فأين نحن من هذه الكلمة.
إقرأ أيضا لـ "سلمان ناصر"العدد 2280 - الثلثاء 02 ديسمبر 2008م الموافق 03 ذي الحجة 1429هـ