العدد 2279 - الإثنين 01 ديسمبر 2008م الموافق 02 ذي الحجة 1429هـ

الفرصة الذهبية من الأزمة الدبوية

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في آخر يوم من نوفمبر/ تشرين الثاني 2008 أعلنت شركة «نخيل» الإماراتية للتطوير العقاري التي تمتلكها حكومة دبي أنها «استغنت عن خدمات المئات من موظفيها، تماشيا مع المتغيرات في المناخ الاقتصادي العالمي الراهن». وأكد مسئول في الشركة في حديث تناقلته وسائل الإعلام أن «عدد الموظفين الذين استغنت نخيل عن خدماتهم يبلغ 500 موظف يشكلون نحو 15 في المئة من إجمالي أعداد الموظفين في الشركة».

وتعتبر «نخيل» من الشركات الناجحة التي نفذت مجموعة من المشروعات الناجحة في الإمارت من بينها مشروع «جزر العالم» الذي يضم 300 جزيرة، والذي سلمت «نخيل» في مطلع هذا العام 50 في المئة منه للمستثمرين والمطورين.

ليست هذه المرة الأولى التي تمر بها شركة «نخيل» العقارية بأزمة، ففي نهاية العام 2005 بادرت الشركة بتوجيه رسائل للمستثمرين في مشروع «نخلة ديرة»، تعلمهم من خلالها «بتأخر إنجاز المشروع حتى العام 2015 بدلا من 2010، كما كان مقررا... وقامت بدعوة المستثمرين إلى عقد اجتماع موسع لمناقشة القرار، مع إعطائهم خيار «تحويل استثماراتهم إلى أحد المشروعات الأخرى في الشركة في مناطق أخرى، أو عدم استكمال الاستثمار في الجزيرة».

ومن الأهمية بمكان، بالنسبة لنا في البحرين، النظر إلى ما يجري في «نخيل» على أنه حالة يمكن أن تتكرر في المستقبل المنظور في دبي وفي شركات أخرى تعمل في دول خليجية أخرى. ومن الخطأ اللجوء إلى سلوك متخلف يقوم على «الشماتة»، أو الانتشاء فرحا، ما يلمُّ بسوق العقار الدبوية أو سواها من الأسواق الخليجية الأخرى، فمثل هذا التصرف يعكس ذهنية متخلفة تنطلق من نظرة قصيرة المدى، ولا تحمي البحرين من موجة الأزمة المالية التي عصفت بالسوق العقارية في دبي، ولا تصد عنها ذيول الأزمة. لذلك وعوضا عن ذلك، ينبغي التفكير في كيفية الإستفادة مما سينجم عن إعادة هيكلة السوق الدبوية، وربما غيرها من الأسواق الخليجية، لحماية السوق البحرينية من أزمة مشابهة أو لتقليص دائرة الآثار السلبية التي يمكن أن تنشرها تلك الأزمات.

أول هذه الخطوات أن تقوم البحرين بتمهيد الطريق أمام الموظفين الذين صرفتهم «نخيل»، ومن المتوقع أن يبحثوا عن فرص للعمل في إحدى دول المنطقة، أو ربما يحاولوا أن يجدوا مدينة في الوسع الانتقال، مؤقتا، لها إلى حين إعادة ترتيب أوضاعهم بشكل استراتيجي وللمدى البعيد.

ينبغي إدراك أن هؤلاء، ونسبة عالية منهم من الخبراء القادمين من الغرب، ليس في وسعهم العودة إلى الغرب، لأن نمط الحياة التي نعموا بها هنا، من الصعب الاستمتاع بها في بلدانهم الأصلية.

هذه التهيئة لاستقبال هؤلاء الباحثين عن فرص عمل أو مأموى أو الاثنين معا، من شأنهم، فيما لو نجحت البحرين في استقطابهم، أن يمثلوا إضافة نوعية لقطاع الخبراء الأجانب المقيمين في البحرين من جهة، ويولدون حاجة ملحة لتوسيع نطاق الخدمات التي تلبي احتياجاتهم من جهة أخرى. ومن المفترض أن تكون متطلبات هذا القطاع ضخمة وقابلة للنمو والتوسع على نحو مستمر، الأمر الذي يخلق فرصا جديدة للعمل أمام قوة العمل البحرينية من جهة، ويفتح آفاقا واسعة أمام الخدمات التي توفرها الشركات المحلية، وخاصة تلك العاملة في قطاع الضيافة (Hospitalty) من جهة ثانية.

ومن المتوقع أن تترافق «هجرة الموطفين» مع بحث المؤسسات التي يعملون بها، أو مؤسسات أخرى بدأت تلسعها نيران الأزمة العالمية، وغلاء المعيشة وارتفاع أكلاف إدارة أعمالها من دبي، وبالتالي فهي تبحث عن موقع في المنطقة غير مكلف، وقريب من الأسواق التي تنشط فيها تلك المؤسسات، كي تنقل مقارها إليه.

وتوفر البحرين، موقعا نموذجيا، مقارنة بدول أخرى في المنطقة، قادر على جذب أنظار تلك الشركات وإغرائها باختيار مقرها البديل لـ «دبي»، بدلا من الاكتفاء بإغلاق تلك المكاتب والرحيل من المنطقة.

خلاصة كل ذلك، يمكننا القول إن هناك فرصة ذهبية ولدتها الحالة الدبوية، بوسع البحرين أن تستثمرها كي تنعش اقتصادها، الذي لا يمكنه، بغض النظر عن إدعاءات المسئولين، أن يكون بمنأى عن الأزمة العالمية

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2279 - الإثنين 01 ديسمبر 2008م الموافق 02 ذي الحجة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً