قدمت جمعية الوفاق الوطني الإسلامية من خلال أمينها العام الشيخ علي سلمان رؤيتها الوطنية للتجنيس في ورشة العمل التي أقيمت خلال الشهر الجاري في جمعية وعد بعنوان: نحو رؤية وطنية للتجنيس بمشاركة الجمعيات السياسية الست (الوفاق، وعد، أمل، المنبر التقدمي، التجمع القومي، الإخاء) وبغياب الجهات الرسمية كعادتها التي جبلت نفسها عليها.
هدفت الرؤية إلى تقديم مسودة لرؤية وطنية عن التجنيس، بهدف مناقشتها للوصول لتوافق عليها من جميع الأطراف، لتشكيل إطارا عاما تنطلق منه التشريعات المنظمة لعملية التجنيس والممارسة العملية في هذا الملف.
حيث أشار الشيخ سلمان إلى المنطلقات التي تنطلق منها الرؤية: حيث تساهم الرؤية في بناء الثقة، وتعزيزها بين المجتمع والسلطة، وهذه الركيزة التي يحتاجها أي مجتمع من أجل استقراره وازدهاره، ومن هذه الزاوية فإن التشريعات والتطبيقات التي تنظم عملية التجنيس يجب أن تكون واضحة وشفافة، حتى لا تثير المزيد من الهواجس والقلق عند هذا الطرف أو ذاك، كما أكد أهمية مراعاة المصلحة الوطنية في التشريع والتطبيق، والمصلحة التي تنطلق من حماية مصالح المواطن كمعيار أساسي، والتي تعمل على توفير جميع سبل العيش الكريم له في وطنه، فتحصر التجنيس استنادا إلى سيادة الدولة في العدد، والنوعية التي تحقق مصلحة الوطن ومواطنيه، أو على الأقل لا تضر بمصالحهم في الحصول على الخدمات الأساسية، فضلا عن شعورهم بالانسجام والاستقرار الاجتماعي، كما أكد أن الحاجة إلى وجود القانون المنظم لعملية التجنيس، فكل بلد متحضر لا بد أن يكون لديه قانونا ينظم عملية اكتساب الجنسية لغير مواطنيه، مراعيا الجوانب الإنسانية والقوانين الدولية.
وأشار إلى أن القانون الذي ينظم إعطاء الجنسية لا بد من توفر شروط فيه حيث أكد ضرورة أن يكون قانون التجنيس وتطبيقاته تصب في تحقيق الرؤية الوطنية المتوافق عليها بين جميع الأطراف، وأن ينطلق وجود قانون للتجنيس من حاجة تشريعية للتعاطي مع أفراد قلائل في المجتمع ليست لهم جنسية محددة، أو يرغبون في التحول من جنسية إلى أخرى نتيجة لاختيارهم العمل والسكن في بلد الجنسية المراد التحول إليها، فقانون التجنيس وتطبيقاته يجب أن يقتصر على هذه الحالات، محذرا من أن يتحول التجنيس إلى ورقة سياسية خطيرة تضر البلد، مؤكدا ضرورة أن تعطى الجنسية البحرينية سنويا لعدد محدد لا يزيد عن 50 فردا، حتى لا يتضرر المواطنون في التعليم، والعمل، والحصول على الخدمات الإسكانية، والصحية، مع ضرورة إلغاء فكرة الاستثناء معللا ذلك بأن الجنسية تمثل انتماء وولاء للأرض والنظام السياسي، وقبل حصول أي فرد على الجنسية البحرينية يجب أن يتخلى عن جنسيته الأخرى، فلا يجوز بتاتا ازدواج الجنسية لأي سبب من الأسباب، كما أن الجنسية شرف يفتخر به، لذا من أن تنشر أسماء جميع من حصلوا على الجنسية البحرينية في الصحيفة الرسمية فور حصولهم عليها.
لو أن قانون الجنسية يلتفت لمثل تلك الأمور فإن ذلك سيوفر مساحة من الأمان لبحريننا الغالية ويحميها من الآثار المدمرة سياسيا، واقتصاديا، واجتماعيا.
الآثار الإيجابية المترتبة على وجود رؤية وطنية متفق عليها للتجنيس بحسب سلمان: توقف تنامي المخاوف على مستقبل البحرين، وأرزاق أهلها من ظاهرة التجنيس عند سائر المواطنين، وهي مخاوف من شأنها أن تسبب الإحباط والتذمر بين المواطنين وهذا بحد ذاته أمر طبيعي. كما أنه يوقف نزيف الثقة بين الأسرة الحاكمة والمجتمع الذي سببته ظاهرة التجنيس في السنوات الأخيرة فلسنا بحاجة إلى أعداد كبيرة من المجنسين عالة على المجتمع ولا يمكن الاستفادة منهم وعلينا الكثير من الواجبات لابد من توفيرها لهم.
سيعطي صدور قانون من المجلس مؤشرا مهما وحيويا ورئيسيا على جدوى المجلس، والتجربة السياسية عموما، وسيُعد ذلك أحد أهم مؤشرات نجاح التجربة السياسية. كما أن حل موضوع التجنيس يخلق انطباعا واسعا بإمكان حلّ كل الملفات عبر المجلس، وهو ما سيؤثر بشكل إيجابي على التعاطي مع سائر الملفات، وسيعطي التجربة المزيد من الوقت اللازم للبرهنة على صلاحها، بعكس ما هو موجود حاليا وأنه ليس هناك ثقة بالمجلس ولا يوجد إيمان بأهميته وقدرته على التشريع أو تلبية احتياجات المواطنين كما أن التجربة السياسية توصف بكونها عقيمة لا يمكن لها أن تنجب نظرا إلى حالة الإحباط الكبيرة التي يعيشها المواطن وتزداد يوما عن يوم.
الشيخ سلمان أكد من خلال الرؤية التي قدمها ومن خلال العرض الذي قدمه أن مشكلة التجنيس السياسي من أكبر المشكلات التي نعاني منها وأخطرها على الإطلاق كما أن حلها من أسهل الحلول، حيث أن حل المشكلة يكمن فقط في توفر الإرادة السياسية والقرار السياسي من القيادة السياسية، معللا ذلك بأن وقفه لا يكلف مالا ولا يحتاج إلى تخطيط وبرامج، بل أكد أن وقف التجنيس السياسي سيوفر الكثير من الأمور التي تعد حاليا ناقصة أو غير متوافرة فهو سيوفر المال، وفرص العمل أمام العاطلين منهم، كما سيساهم في توفير خدمات إسكانية أفضل وأكثر، وخدمات تعليمية بخلاف ما هو متوافر حاليا، وخدمات طبية أفضل للمواطنين، ما سيساهم في التخفيف من المشكلات المعاشية المعاشة. فالمجنسون حاليا يشاركوننا في كل شيء وهم المستفيدون والرابحون ونحن من في قوائم التعطل والانتظار.
الموقف من التجنيس السياسي محل توافق كبير بين مختلف القواعد الشعبية السنية منها والشيعية. فالقوى الوطنية الشريفة والمخلصة لمصلحة هذا الوطن وأهله تمد يدها من خلال هذه الرؤية، وتأمل أن يُطوى هذا الملف بتوافق وطني يبني الوطن.
وبطبيعة الحال المعارضة وكل من يحب البحرين ومصلحة أهلها يطلب من السلطة كبادرة إيجابية لجديتها في الحوار عن هذا الموضوع المهم والعمل على توقيف عمليات التجنيس القائمة، حتى يتم التوافق على القانون الصادر من هذه الرؤية الوطنية.
من هذه الرؤية يتضح أنه فعلا هناك من يفكر في البحرين واستقرارها ويتمنى لها الخير فهو يضخ ما لديه من رؤى وطنية وأفكار جديرة بالتأمل لعرضها للتوافق، فالديمقراطية تستوعب التوافق وتلاقح الأفكار وتستنكر البيروقراطية والدكتاتورية في فرض الرؤى
إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"العدد 2274 - الأربعاء 26 نوفمبر 2008م الموافق 27 ذي القعدة 1429هـ