العدد 2268 - الخميس 20 نوفمبر 2008م الموافق 21 ذي القعدة 1429هـ

الجوع يعوق التنمية في بنغلاديش

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

تضاعفت أسعار المواد الغذائية في بنغلاديش عبر الشهور القليلة الماضية، كما حصل في بقية أنحاء العالم. وتعاني بنغلاديش من نقص في المواد الغذائية وصعوبات مالية بشكل اعتيادي بسبب الأعاصير وغيرها من الكوارث الطبيعية. وتحتل بنغلاديش حاليا الموقع رقم 70 (من 88 دولة) على مؤشر الجوع العالمي. وعندما لا يتم تحقيق احتياجات أساسية كهذه فإن التنمية المطلوبة لرعاية ديمقراطيات عاملة فاعلة تتخذ موقعا أقل أهمية.

وتتضاعف هذه الحاجة في ممرات تلال شيتاغونغ في جنوب شرق بنغلاديش، إذ أدى على مدى أكثر من سنة انتشار وباء من الجرذان، التي تجتذبها أزهار نبات البامبو التي تُفتّح مرة كل خمسين سنة أو نحوها، ولكنها قد تستمر لفترة تصل إلى ثلاث سنوات، بتدمير المحاصيل في بنغلاديش وبنتائج كارثية.

ما يبدو وكأنه موقع لفيلم خيال علمي بالنسبة للبعض إنما هو أمر واقع وحقيقة مرّة لأناس مثل أونغ خي مارما، وهو مزارع يبلغ من العمر 70 عاما، وأب لستة أولاد. يعيش أونغ خي مع زوجته في تلال قرية ماجهير بارا في واحدة من ثلاث مقاطعات جبلية في شيتاغونغ. محصول أرضه يطعمه وزوجته لمدة نصف سنة. يقوم أونغ وزوجته بعد ذلك بجمع وبيع قصب البامبو من الغابة ليأكل هو وزوجته بقية السنة.

يشكل قصب البامبو رمزا للحياة لأونغ خي وغيره من الذين يعيشون في الإقليم. فهو يوفر دخلا حيويا في مساحة 5093 ميلا مربعا هي منطقة ممرات تلال شيتاغونغ، وعشرة في المئة من مجمل مساحة بنغلاديش. ولكن منذ العام 2006، بدا أن قصب البامبو أصبح موضوع كارثة لأونغ خي مارما والعائلات الأخرى وعددها 150 عائلة في مجتمعه المحلي، الذين أصبحوا يعتمدون الآن على المعونة الحكومية والدولية للحصول على احتياجاتهم الغذائية الأساسية إلى حين انتهاء وباء الجرذان.

يشكل تفتح أزهار البامبو بالنسبة لسكان التلال مؤشرا على مجاعة مقبلة. عندما يبدأ حقل من البامبو بالإزهار وحمل الثمر، تأتي جموع حاشدة من الجرذان يطلق عليه اسم طوفان الجرذان. تتكاثر الجرذان بسرعة، وتأكل محاصيل ثمر البامبو ثم تنتقل إلى القرع والبطاطا وحقول الأرز والمحاصيل الأخرى المزروعة في المنطقة.

على سبيل المثال، استهلكت الجرذان ثلاثة أرباع محصول بذور حقول الأرز البالغة 24 كيلوغراما التي زرعها أونغ خي. وقد عانى آخرون في القرية من المصير نفسه.

يلقي زعماء المنطقة المحليين باللائمة للأزمة الغذائية على سوء إدارة المجلس التنموي لبنغلاديش، الذي تم إنشاؤه بعد اتفاقية السلام بين حكومة بنغلاديش وسكان المنطقة، الذين حاربوا للحصول على حقوق محلية ووضع خاص.

خصصت الحكومة، اعتبارا من مايو/ آيار 2008 مبلغ 2،2 مليون بالعملة المحلية (32،460 دولارا أميركيا) لمحاربة نقص الغذاء في أقاليم مختلفة من المنطقة. إلا أن ذلك المبلغ لم يكن كافيا واضطرت الهيئات المانحة العالمية أن تتقدم لتوفير المعونة.

ويتخذ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي زمام المبادرة في تنفيذ مشاريع تنموية في منطقة ممرات تلال شيتاغونغ، إذ يقوم بتوزيع أكياس من الأرز والملح ومسحوق جراد البحر المجفف ومصائد الجرذان لسبعة آلاف من الأسر المتضررة بشكل سيئ. كما تدير الكاريتاس وبرنامج الغذاء العالمي ومنظمة الغذاء والزراعة، ضمن غيرها برامج لمساعدة المحتاجين.

هناك حاجة ماسة لخطة منسقة جيدا وجهود كبيرة بين حكومة بنغلاديش وسكان منطقة ممرات تلال شيتاغونغ والهيئات الدولية للتعامل مع هذا الوضع.

وعلى رغم أن هذا الحدث الذي يقع كل خمسين سنة كان متوقعا إلا أن السكان المحليين غير قادرين على تخزين كميات كافية من الغذاء للإعداد للمجاعة التي يخافونها. يتوجب على الحكومة أن تقود الجهود من خلال التنسيق مع كل الأطراف المتأثرة للعمل بشكل جماعي للتعامل مع كوارث كهذه. يتوجب على الحكومة تقوية الهيئات الإدارية المحلية مثل مجالس المنطقة للتعامل مع هذه الكوارث. وحتى يتسنى خفض الاعتماد على قصب البامبو يتوجب على الحكومة المبادرة ببرامج تدريب فني مثل صناعة النسيج وغيرها من الصناعات المنزلية لتشجيع مصادر رزق بديلة.

يتوجب على المنظمات المحلية غير الحكومية أن تتعامل مع المشاكل مثل طوفان الجرذان ضمن أجنداتها وأن تتخذ إجراءات احتياطية. فهي تستطيع إيجاد صناديق إغاثة طارئة للتعامل مع تهديدات المجاعة على المدى القصير. على سبيل المثال، وبالإضافة إلى كتابة التقارير عن طوفان الجرذان لرفع مستوى الوعي، تجاوبت جمعية البيئة والتنمية البشرية، بالتعاون مع المنظمة الاجتماعية المحلية، صندوق تريبورا كاليان، مع مأساة 55 أسرة متأثرة في قرى رويلوي ولونغلار في ممرات تلال شيتاغونغ من خلال توفير معونة غذائية على شكل أكياس طعام.

على المدى الأبعد، يمكن لهذه المنظمات أن توفر التدريب للأسر في مجال الزراعة البديلة مثل الزراعة من دون تربة والزراعة المنزلية وتربية الطيور... الخ، وخاصة تلك الممارسات التي لن تتأثر بوباء الجرذان في المستقبل.لقد بدأت الخسائر الناتجة عن طوفان الجرذان الأخير في ممرات تلال شيتاغونغ، إلا أن بإمكان المزارعين وعائلاتهم الاستفادة من المعونة الإضافية. يمكن لجهود الإغاثة المكثفة، مضافا إليها البرامج الوقائية أن تخفف من أثر المجاعات المستقبلية على السكان في المنطقة وأن تمكن الدولة من التحرك إلى ما وراء الجوع في برامجها التنموية.

* منسق البرامج الثقافية في المنظمة البنغلاديشية غير الحكومية، جمعية البيئة والتنمية البشرية، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2268 - الخميس 20 نوفمبر 2008م الموافق 21 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً