قال محدثي: «أنا في غاية الأسف والحزن والأسى، فقد كثر الخداع والنفاق وسوء الظن بين الناس في المجتمع البحريني وهو أمر لم ولن يكون من صميم هذا المجتمع... كذب وخداع ونفاق في السياسة... كذب وخداع ونفاق في البرلمان... كذب وخداع ونفاق في الوظائف... وهذا الكذب والخداع والنفاق، نلمسه في كل شيء في حياتنا».
لم تكن لديّ إجابة تريح صاحبي، لكنني اكتفيت بأن قلت: «هون عليك يا صاحبي... لست مسئولا عن كل ذلك... ليس في مقدورك أبدا أن تحل مشاكل البلد، فالأجدى والأنفع لك أن تراقب نفسك وتعدل سلوكك، وتسعى لرزقك ورزق عيالك، واترك كل الباقي... فلست عنهم بمسئول! ثم من ينصب نفسا وصيا وحكيما على الناس، عليه أن يحذر هو الآخر، فكلك عورات وللناس أعين».
لكن محدثي ينظر إلى الموضوع من عدة زوايا... والحقيقة الدامغة التي كانت نصب عينيه، أن في هذا المجتمع الصغير، تصبح الأكاذيب سلسلة متصلة ببعضها بعضا، فالكل يخدع الآخر، ويكذب على الآخر، لذلك، تجد البركة قليلة والبلاء يزداد ويشتد...
لم أكن موافقا معه تماما، لكن، لا بأس من أن يكون في كلامه بعض الصواب...
قلت له: إذا كنت تريد بيع البرتقال، فكن صادقا!... لم يفهم محدثي العبارة، لكنني شرحتها له من خلال هذه القصة، وهي من قصص الحكمة الصينية:
انتصب بائع برتقال على قارعة الطريق يبيع ثماره، فمرت بقربه عجوز وسألته إن كانت هذه الثمار المعروضة للبيع حامضة؟
ظن البائع أن زبونته العجوز لا تأكل البرتقال الحامض، فرد عليها مسرعا:
- لا... هذا برتقال حلو، كم يلزمك يا سيدتي؟
-ولا حبة واحدة... أنا أرغب في شراء البرتقال الحامض، فزوجة ابني حامل وهي تهوى أكل ذاك الصنف من البرتقال.
ها قد خسر البائع زبونته.
بعد وقت طويل، اقتربت منه امرأة حامل، وسألته:
- هل هذا البرتقال حامض يا سيدي؟
وبما أن المرأة حامل، فإن الإجابة كانت على طرف لسان البائع:
- نعم... هو حامض يا سيدتي، كم كيلوغرام تريدين؟
- ليست لي رغبة في هذا البرتقال، فحماتي تحبذ البرتقال الحلو وتمقت البرتقال الحامض.
ها هو التاجر يخسر مرة ثانية الصفقة.
إن من يريد خداع الآخرين يخدع نفسه قبلهم!
إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"العدد 2267 - الأربعاء 19 نوفمبر 2008م الموافق 20 ذي القعدة 1429هـ