في المقال السابق تحدثنا عن الرؤية الاقتصادية للعام 2030 لمملكتنا الحبيبة، وفي المقال الحالي نتطرق إلى رؤية دولة قطر أيضا للعام 2030، وكأن الحمى قد أخذت مأخذها.
أطلق ولي العهد القطري الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في 28 أكتوبر/ تشرين الأول الرؤية الاقتصادية لقطر خلال افتتاحه ندوة دولية تركز على هذه الاستراتيجية القطرية.
قطر التي أعلنت خبر رؤيتها الاقتصادية بعد خمسة أيام فقط من إعلان رؤية البحرين تفوقت في خبرها على البحرين التي سبقتها في الإعلان عن رؤيتها الاقتصادية فلم يفتها أن تتكلم عن ركائز الرؤية ومضامينها فهي لم تتكلم كلاما إنشائيا ولكنها حين نطقت بالرؤية يبدو أن استعداداتها أكبر بكثير مما لدينا وكأن البحرين أرادت تحقيق السبق والريادة على قطر، أو أن تكون أولى الدول الخليجية تتجه لتلك الخطوة، إذ إن أبوظبي هي الأخرى تسعى للإعلان عن رؤيتها الاقتصادية في الفترات القادمة بحسب رئيس دائرة التخطيط والاقتصاد في أبوظبي ناصر بن أحمد السويدي الذي قال في 30 أكتوبر/ تشرين الأول: «إن الخطة الاقتصادية الخمسية لإمارة أبوظبي ستنبثق عن رؤية أبوظبي 2030 التي سيتم الإعلان عنها بشكل رسمي قريبا». مؤكدا أن اقتصاد الإمارة عموما يسير باتجاه الانفتاح على الاستثمار الأجنبي المتنامي، وتيسير الإجراءات أمام المستثمرين المحليين والأجانب.
وتسعى استراتيجية الرؤية الاقتصادية للعام 2030 لقطر بحسب ما تم الإعلان عنها في الإعلام القطري، والتي تتألف من أربع ركائز أساسية هي:
التنمية البشرية: وتهتم بتطوير وتنمية السكان ليتمكنوا من بناء مجتمع مزدهر.
التنمية الاجتماعية: وتركز على تطوير مجتمع عادل وآمن مستند إلى الأخلاق الحميدة والرعاية الاجتماعية، وقادر على التعامل والتفاعل مع المجتمعات الأخرى، ولعب دور هام في الشراكة العالمية من أجل التنمية، مع التركيز على أن الأسرة هي الركيزة الأساسية للمجتمع.
التنمية الاقتصادية: وتهدف لتطوير اقتصاد وطني متنوع وتنافسي قادر على تلبية احتياجات مواطني قطر في الوقت الحاضر والمستقبل وتأمين مستوى معيشي مرتفع.
التنمية البيئية: وتسعى لإدارة البيئة بشكل يضمن الانسجام والتناسق بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية وحماية البيئة.
قطر استطاعت أن تنجز الكثير خلال العقدين الأخيرين كما نجحت في تحقيق نقلة نوعية اقتصادية واجتماعية وثقافية استغرق تحقيقها عقودا في دول أخرى. ويرى المراقبون أن وفرة موارد قطر من النفط والغاز، وحكمة القيادة القطرية وبعد نظرها، كان لهما أثر حاسم في توفير التمويل اللازم والسبل الضرورية لتطوير اقتصاد حركي وفاعل، وإحراز تقدم كبير في تنمية الموارد البشرية وتطويرها.
وأعلن رئيس الوزراء القطري أن الحكومة بدأت خلال الشهور القليلة الماضية، صوغ استراتيجيات وخطط وبرامج عمل قطاعية فالوعود كما هي لدينا لديهم وسنرى أيهما تتحقق، كما أن أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، كان أصدر قرارا بإعادة هيكلة الحكومة والوزارات من أجل زيادة كفاءة الإدارة الحكومية ورفع مستوى أداء الخدمات الحكومية وتطويرها. وشدد على أن تحقيق الرؤية الوطنية، مسئولية جماعية تحفزها الدولة وتقودها ويشارك فيها القطاع الخاص والمجتمع المدني ورجال الفكر والعلم، وأن الحكومة ستعمل على تعزيز الشراكة بين القطاعات في إطار تنسيق السياسات الاقتصادية والاجتماعية لبلوغ مجتمع قطري أكثر تقدما وازدهارا.
ولكي تتحقق الأهداف ينبغي أن تكون تلك الخطط القطاعية متسقة مع الاستراتيجية الوطنية، ما يستدعي التعاون والتنسيق مع الأمانة العامة للتخطيط التنموي.
قطر أعلنت عن رؤيتها الاقتصادية من خلال ندوة دولية نظمت من قبل الأمانة العامة للتخطيط التنموي احتفاء بإطلاق أول استراتيجية وطنية قطرية ويشارك فيها أكثر من مئتي شخصية محلية من الوزارات والمؤسسات الحكومية والخاصة والمجتمع المدني، بجانب خبراء من دول مجلس التعاون الخليجي ودول آسيوية، وممثلين عن وكالات دولية كالبنك الدولي والأمم المتحدة. رؤيتنا لم نعرف عنها إلا من خلال الصحافة بعد أن تم تدشين الرؤية الاقتصادية.
وكان أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني قد أصدر قرارا في يونيو/ حزيران الماضي باعتماد «رؤية قطر الوطنية 2030»، التي من المتوقع استكمالها وبدء العمل بها العام 2010.
كما تشير الرؤية إلى أن قطر ستعمل على تعزيز دورها الإقليمي اقتصاديا وثقافيا وسياسيا، ضمن منظومة مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، كما ستساهم في تحقيق الأمن والسلم العالميين وتنفذ التزاماتها الدولية وبصفتها عضوا مسئولا في المجتمع الدولي.
الرؤية القطرية لم يفتها التطرق للتحديات الموجودة بل إنها رصدتها والتي هي:
التحديث والمحافظة على التقاليد: وفي هذا الإطار تستهدف الرؤية القطرية ربط القديم بالحديث بشكل متوازن، مؤكدة أنه يمكن الجمع بين أنماط الحياة الحديثة وقيم المجتمع وثقافته.
النمو المستهدف والتوسع غير المنضبط: ان قطر مطالبة بالتحرك بسرعة تتماشى مع تطلعات واقعية لتحسين المستوى المعيشي ونوعية الحياة، ولكن بمعدلات نمو تتواءم مع قدرة الاقتصاد على التوسع الحقيقي.
احتياجات الجيل الحالي واحتياجات الأجيال القادمة: من خلال الحرص على تلبية احتياجات الجيل الحالي والمحافظة على حقوق الأجيال المقبلة من خلال مسار تنموي يوازن بين منفعة الجيلين.
التنمية الاقتصادية والاجتماعية وحماية البيئة وتنميتها: التنمية وحماية البيئة مطلبان لا يمكن التضحية بأحدهما لحساب الآخر.
مسار التنمية من جهة وحجم ونوعية العمالة الوافدة المستهدفة من جهة أخرى: تدعو الرؤية إلى تحديد حجم ونوعية العمالة الوافدة، عبر الموازنة بين ما يترتب على استقطاب هذه العمالة من حقوق ثقافية واحتياجات معيشية وآثار سلبية محتملة على الهوية الوطنية من جهة وبين المنافع الاقتصادية المرتجاة من زيادة نسبة هذه العمالة من جهة أخرى. كما تبين الرؤية كيفية استقطاب التوليفة المرغوب فيها من العمالة ورعاية حقوقها وتأمين سلامتها، والحفاظ على أصحاب المهارات المتميزة منها.
في النهاية نقول إن قطر التي تفوقنا عليها كثيرا سابقا قد قبلت التحدي اليوم وبدورها، تكسب الكثير من الجولات لكونها بالفعل تمر بمرحلة تحول اقتصادي رهيب لأن محورها الرئيس التنمية البشرية، وأتوقع لقطر أن تكون دبي الخليج الثانية بعد عدة أعوام والأيام دول.
إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"العدد 2267 - الأربعاء 19 نوفمبر 2008م الموافق 20 ذي القعدة 1429هـ