دشنت البحرين الرؤية الاقتصادية حتى العام 2030 في 23 أكتوبر/ تشرين الأول 2008، مؤكدا جلالة الملك من خلالها بأنها الطريق المشترك نحو التنمية الاقتصادية، استنادا إلى ثوابت الوحدة الوطنية ومعايير الكفاءة والانتماء وأسس العدل والحق والمساواة وتهدف إلى ضمان حياة أفضل للمواطنين، عن طريق تعزيز الاقتصاد، وزيادة عدد الفرص الوظيفية ذات المردود العالي. داعيا الجهات المعنية إلى البدء في تطبيق هذه الرؤية الوطنية، وعلى رأسها الحكومة بكل أجهزتها ومؤسساتها، لكي تحيل هذه الرؤية إلى استراتيجيات ومبادرات خلاقة، يلمس المواطنون مردودها وفوائدها في القريب العاجل.
الرؤية جاءت من منطلق بأنه لا إصلاح سياسي أو اجتماعي ناجح من دون اقتصاد ناجح، ولكنها كانت تنشده في وقت متأخر جدا بعد 22 عاما من انطلاق الرؤية، بمعنى آخر «صبري يا حريقة سار إلى أن تأتيك المياه من الحنينية»، اليوم ومن خلال التشخيص الدقيق والذي لا يختلف فيه أثنان بأن هناك حاجة كبيرة جدا عن وجود رؤى تستطيع نقلنا اليوم من حال إلى حال أحسن خصوصا مع التضخم الكبير الذي نعاني منه، اليوم الرؤية بأن الخير ربما يأتي بعد 22 عاما، هذا ما تبشرنا به الرؤية الجديدة فهناك راتب ضعف ما نحصل عليه الآن جميل جدا، ولكن لا يمكننا تجاهل بأن التضخم وقتها سيكون أضعاف ما هو عليه الآن، اليوم نحتاج لأن تكون رواتبنا ضعف ما هو عليه لمواجهة التضخم ولنشد الرفاهية الاقتصادية.
ثم أنه هل يعقل أن يكون لدينا رؤية اقتصادية بهذا المستوى وبهذا الحجم من دون مشاركة الفعاليات الأخرى، في الوقت الذي يقال فيه بأن الرؤية قد نوقشت بصورة مستفيضة مع قطاعات عريضة من قادة الرأي في القطاعين العام والخاص، بالإضافة إلى بعض بيوت الخبرة الاستشارية والهيئات الدولية؟.
الشيخ علي سلمان الأمين العام للوفاق عبر عن صدمته من الرؤية وخبر الإعلان عنها، حيث قال هل نزلت علينا الرؤية من السماء؟
يقول ذلك لأنه رئيس أكبر كتلة نيابية في البرلمان ورئيس أكبر جمعية سياسية تهتم بالشأن الاقتصادي قبل السياسي فلا سياسة بلا اقتصاد مستقر، ومع ذلك لم يسمع عن الرؤية إلا يوم الإعلان عنها، والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا غيبت الرؤية الاقتصادية طالما تحمل إلينا الأنباء السارة والمستقبل الاقتصادي المشرق؟
لماذا غاب الإعلام عنها طوال تلك الفترة؟ ولماذا لم تنشر مضامينها في الإعلام إلى الآن، طالما تحمل إلينا الأمل، وتبشرنا بالمستقبل الاقتصادي المشرق؟
أليس حريا بنا أن نجعلها في متناول يد الجميع وعلى رأسها الصحافة؟ ثم أين هي الآن أيضا بعد الإعلان عنها؟ فنحن إلى الآن لم نعرف ركائزها ولا مبادئها التي في ضوئها تمت صياغتها ولكننا عرفنا على الأقل الركائز التي بنيت عليها الرؤية الاقتصادية لدولة قطر بل تعرفنا على أبرز التحديات التي تواجهها، على رغم أنه أعلن عنها بعد أيام قليلة جدا من إعلان الرؤية الاقتصادية لدينا.
باختصار شديد وبلا مبالغة كل ما نعرفه عن رؤيتنا الاقتصادية لعام 2030 سوى قشور القشور، على رغم أن محورها الرئيس التي بنيت في ضوئه المواطن فهو الثروة الحقيقية التي تسعى بكل برامجها وخططها الى تنميته والحفاظ عليه وتطويره، المواطن كان يرغب في إشراكه في صياغة رؤيته الاقتصادية من خلال ما يمثله من ممثلين من نواب ومن أعضاء فاعلين وفعاليات مؤسسات مجتمع مدني.
الحكومة اليوم بحسب ما نعرف بأنها مكلفة بوضع الخطط الاستراتيجية المفصلة، والخطط التنفيذية الكفيلة بتحويل هذه الطموحات التي تحمله الرؤية الاقتصادية إلى واقع يحقق تطلعات المجتمع البحريني، وبدورها تحمل الوعود كعادتها للمواطنين بشكل خاص من خلال ترجمة الرؤية الاقتصادية إلى استراتيجية وطنية متناسقة من قبل مختلف الوزارات والهيئات الحكومية والمواطن بدوره ينتظر الولادة الجديدة للبرامج والخطط الموجه إليه.
فهل تصدق الحكومة في وعودها وتنجز ما قطعته على نفسها من وعود وآمال أم أنها تتجاهل كل ما يهم المواطن من مصالح وتجري وراء المشروعات الإعلامية الكبيرة التي تجدب أنظار الخارج إليها، وتجعل كل من هو في الداخل يندب على حظه، وينتظر الفرج؟
الرؤية الاقتصادية تحمل لنا الأحلام وأن كان متأخر جدا إذ إن الأعمار بيد الله تعالى فهل يكتب لنا أن نرى ما ترسمه لنا الرؤية الاقتصادية لعام 2030؟ أم سيكون ذلك مستقبل الأجيال القادمة؟
الأجيال القادمة تحمل مقدار من اليائس والاحباط يجعلها لا تعول كثيرا على ما تحمله الخطط الخمسية، فما بالكم بالرؤى التي من الممكن تنفيذها بعد كذا سنة؟ يريدون اليوم أن يتلمسوا بأيدهم ما تحمله لهم الرؤية الاقتصادية في مستقبل أيامها.
وبدورنا لا نحرض الآخرين على اليأس والإحباط أكبر مما لديهم من رصيد غني ولكن ما نسمعه من خلال ما يسرب إلينا بأن هناك ضرائب ورسوم أكبر ستفرض على المواطن، وهناك إيجابيات أخرى في طريقها إليك أيها المواطن فالتنمية البشرية هي أبرز ما يميز الرؤية ونحن بانتظار ما يكحل أعيوننا وبحماس كبير ننتظر طرح الرؤية للاطلاع عليها وتحليلها من أجل بناءها وتطويرها لا التقليل من شأنها ودورها.
للمتابعين برجاء متابعة المقال القادم الذي يقارن بين رؤيتنا الاقتصادية والرؤية الاقتصادية لقطر لعام 2030.
إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"العدد 2262 - الجمعة 14 نوفمبر 2008م الموافق 15 ذي القعدة 1429هـ