تتلقى اللجنة المنظمة يوميا المزيد من استمارات طلب المشاركة في مسابقة «جائزة البحرين للمحتوى الإلكتروني»، التي نظمتها، وشكلت لجنتها، هيئة الحكومة الإلكترونية بمشاركة من وزارة الصناعة والتجارة وجمعية البحرين للإنترنت وممثلين عن القطاع الخاص. وقبل الإجتهاد، وبمسئولية شخصية غير ملزمة بأي شكل من الأشكال للجنة التحكيم المنبثقة عن اللجنة المنظمة، من أجل إلقاء الضوء على بعض المقاييس التي أعتقد، ومن قراءات ذاتية، التي تراعى في تقويم الأعمال المتقدمة للفوز بالجائزة، أرى ضرورة لفت نظر القارئ إلى بعض المرتكزات الأساسية ذات العلاقة بها.
يحصر بعض المشاركين، انطلاقا من فهم محدود لما يوحي به الإسم، الأعمال في دائرة المواقع المعروضة على الشبكة العنكبوتية العالمية (الويب)، وهذا الأمر ليس صحيحا، ففي نطاق الويب ذاته هناك الأعمال القائمة الداخلية الخاصة بكل مؤسسة على حدة على شبكة «الإنترانت» وليس الإنترنت. أما على المستوى العام الشامل، فالجائزة يمكن أن تكون أيضا من نصيب أعمال تستخدم تقنيات أخرى، وبرمجيات أخرى، وأوعية حاضنة أخرى للمحتوى مثل الأقراص المضغوطة أو أشرطة الفيديو. المقياس الوحيد هنا هو أن يكون العمل قد تم بناؤه، ويمكن تخزينه واسترجاعه، وفق وضمن مقاييس عالمية قادرة على مخاطبة أي بيئة من البيئات الإلكترونية.
الأمر الثاني المطلوب إلقاء الضوء عليه كي يساعد المتقدمين إلى المنافسة، هو الهدف الرئيسي الكامن وراء إطلاق تلك الجائزة. إن ذلك الهدف هو تسخير الإمكانات اللامحدودة التي توفرها تقنيات وأوعية المعلومات الإلكترونية والبيئات التي تستخدمها للتخزين والمعالجة والبث، في خلق الوعية بأهمية المعلومة، على أن يتبع ذلك ضمان توصيل المعلومات لمن يحتاجها في الوقت المناسب، وبالكلفة المناسبة، وفي الهيئة الإلكترونية المطلوبة، ومساعدته، إن أمكن، في توليد قيمة مضافة لذلك المحتوى جراء استخدامه المبدع له.
بعد ذلك ننتقل لتناول مسألة المقاييس المراعاة عند الحكم على الأعمال المتنافسة. وعلى رغم صعوبة حصرها جميعا، لكننا بوسعنا الإشارة إلى ما نعتقده أهمها: اللغة المستخدمة في بناء المحتوى، وطالما أننا نتحدث هنا عن محتوى يخاطب المجتمع العربي، فهناك حاجة إلى أن تكون العربية من بين اللغات المدون بها ذلك المحتوى. بالطبع، تبقى هناك اللغة الإنجليزية وهي اللغة السائدة في العديد من الأوعية الإلكترونية، والتي من الضروري أن تعضد بعضهما الأخرى. الإستخدامية (Usability) والمقصود بها هنا مدى قدرة الوعاء الحاضن للمحتوى والمحرك الذي يوفر معلوماته أو خدماته على مساعدة المستخدم على الوصول إلى المعلومات أو الإستفادة من الخدمة في فترة قصيرة نسبيا، من دون أي تعقيد. بالطبع هنا يتكامل المحتوى مع الخدمات، من دون إغفال دور المحرك الذي يعرض المحتوى أو يسير الخدمات. الإبحار (Navigation)، بما يعنيه ذلك من التنقل من صفحة إلى أخرى، أو من قناة إلى أخرى، على نحو سريع ومن دون أي تعقيدات تقنية من شأنها أن تحرف الزائر عما يبحث عنه. هنا ينبغي لمن يصمم هيكلية الوعاء والشكل الذي سيبدو عليه (Display)، أو المحرك الذي سيوفر خدماته، أن يراعي سرعة الإبحار عند التنقل بين قوات الوعاء. الحيوية (Dynamism) وهي المساحة التي يحتاجها المحتوى كي يتحول الوعاء من حاضنة جامدة غير قادرة على تجديد المحتوى أو قبوله بالإضافات المطلوبة في الوقت الصحيح وإيصالها للمستفيد في الوقت الصحيح، إلى قناة متحركة تتجاوز كل العناصر السلبية التي يولدها الجمود والإستاتيكية وتخلقها وتطورها الحيوية. التفاعلية (Interactivity) والتي هي من أهم عناصر إغناء المحتوى ومده بالقدرة على الإتصال والتواصل مع المتعامل مع الوعاء والباحث عن محتوى قادر على مخاطبته، ويمتلك القدرة على فهم مفردات اللغة التي يستخدمها. التفاعلية هي بمثابة القناة التي بوسعها استقراء ما يدور في ذهن الزائر، وفهم ما يجول في خاطره، من خلال تقفي أثار تصفخه للمحتوى ووتيرة زياراته للقنوات التي تبث ذلك المحتوى وبالمقومات التفاعلية المطلوبة. وهكذا يتحول المحتوى من حقائق صماء متتابعة إلى باقة معرفية قادرة على توليد قيمة مضافة لمن يطالعها.
كما جرت الإشارة تلك هي مجموعة مختارة من قائمة من العوامل التي يصنف من خلالها المحتوى الإلكتروني، ويتم تقييمه بالمقارنة مع أعمال «محتوى» أخرى.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2261 - الخميس 13 نوفمبر 2008م الموافق 14 ذي القعدة 1429هـ