في تمام الساعة العاشرة صباحا من يوم الخميس 30 أكتوبر/ تشرين الأول 2008 في مبنى الأمم المتحدة في جنيف، وتحديدا في الغرفة رقم 16 بالطابق الخامس بالمبنى، دقَّت رئيسة لجنة متابعة تنفيذ اتفاقية مناهضة كل أشكال العنف ضد المرأة (السيداو) ديبرافكا سيمونوفيك، مطرقتها معلنة بدء أعمال الجلسة... في القاعة حضر أعضاء الوفد الرَّسمي الواحد والثلاثين بمعية سفير مملكة البحرين إلى سويسرا المقيم في جنيف، وعضوات الوفد الأهلي التِّسع... وحضر المصورون والإعلاميون للتَّغطية وسط مجموعة كبيرة متنوعة وفاخرة من إصدارات المجلس الأعلى للمرأة بما فيها التقرير الرسمي محل المناقشة.
ختم الوفد الرسمي المقدمة الاستهلالية بملخص للتَّدابير الوطنية التي اتخذها المجلس الأعلى للمرأة أو كان سببا وراء تنفيذها وهي: تعديل وثيقة الزواج بإدراج الشروط الخاصة، وتنظيم لائحة عمل المأذونين بما يصون حقوق المرأة ويحدد السن الأدنى للزواج، ومنح الجنسية لعدد من أطفال البحرينيات المتزوجات من أجانب عبر مكرمة الملك، وتعديل قانون الإجراءات أمام المحاكم بإضفاء صفة الاستعجال على القضايا الأسرية في المحاكم الشرعية، وتأسيس صندوق النفقة، وإصدار القرار رقم 12 للعام 2004 من قبل وزير الإسكان بشأن حق المرأة البحرينية الحاضنة في الانتفاع بالخدمات الإسكانية.
كذلك نوهت رئيسة الوفد الرسمي نائبة رئيس المجلس الأعلى للمرأة، إلى انضمام البحرين إلى العهدين الدوليين للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والحقوق المدنية والسياسية واتفاقيات منظمة العمل الدولية... وتمت الإشارة إلى عقد مؤتمر مكافحة الاتجار بالبشر في مطلع العام 2009. كما تمت الإشارة إلى تبني مجلس الشورى مقترحا بقانون عن حق المرأة البحرينية في منح أبنائها الجنسية البحرينية من زوج غير بحريني، وان العمل جارٍ على تعديل قانون الجوازات لإزالة أية مفردات تمييزية ضد المرأة.
لقاءات الوفد الأهلي ضمن آليات
لجنة السيداو لإشراك المجتمع المدني
ألقى الوفد الأهلي البحريني أمام اللجنة بيانا أو موجزا شفهيّا عن الملفات ذات الأولوية، ألقته بالنيابة عن الوفد كل من عضوة مجلس إدارة جمعية نهضة فتاة البحرين عائشه غلوم بوجيري، وعضوة مجلس إدارة الاتحاد النسائي البحريني غنية جاسم عليوي، في فترة 10 دقائق، في جلسة جماعية مع وفود ثلاث دول أخرى هي البرتغال وميانمار والسلفادور... وجلسات الاستماع هذه هي إحدى الآليات التي تتبعها اللجنة مع الوفود الأهلية للبلدان المدرجة على قائمة دول المراجعة... كما نظم الوفد لقاء غداء مع الخبيرات عبر سكرتارية اللجنة، استغرق حوالي الساعة والربع استقبل فيه الوفد الأهلي أسئلة الخبيرات ورد عليها وفق تخصص واطلاع العضوات... هذا بالإضافة إلى اللقاءات على هامش الجلسات مع ممثلات وممثلي بعض المنظمات الدولية والمقررين الخاصين بالعنف والاتجار بالبشر.
وتنشر لجنة الاتفاقية والمنظمات المتعاونة معها نشرات تعريفية تدعو إلى مشاركة المجتمع المدني من خلال موقع الأمم المتحدة وعلى صفحة المفوضية السامية لحقوق الإنسان ومواقع عدة أخرى.
كذلك ترحب اللجنة والفريق العامل قبل الدورة بأي تقارير أو معلومات من قبل ممثلي الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني عن ملفات معينة تتعلق بالبلد تحت المراجعة بشكل شفوي أو مكتوب... إلا أن اللجنة لا تموّل حضور الأفراد من هذه المنظمات بل تشجع كل هيئات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية على ذلك التمويل. وعندما تتسلم اللجنة تقارير المجتمع المدني سواء أكانت تقارير بديلة أم تقارير ظل، فإنها تعرضها على موقع المفوضية السامية لحقوق الإنسان... وتطلب من الوفد الأهلي تزويدها بأربعين نسخة ورقية للقراءة المسبقة قبل اللقاءات مع الوفد الأهلي أو تزويد سكرتارية اللجنة بها قبل أسبوع، على الأقل، من موعد مناقشة الدولة.
أسئلة اللجنة عن التحفظات
والتدابير والقوانين المعطلة
بشأن المادتين (1) تعريف التمييز ضد المرأة، والمادة (2) الالتزامات الخاصة بالقضاء على التمييز، سأل عدد من الخبيرات عن موقف البحرين من العدد الكبير من التحفظات التي وضعتها على الاتفاقية وإن كان هناك استعراض دوري لمراجعتها وسحبها، وخصوصا أن هناك دولا إسلامية استطاعت المواءمة بين الشريعة والاتفاقية وتم سحب التحفظات... وسألن إن كانت البحرين قد بدأت حملة من أجل إزالة التحفظات، وعن مدى استعدادها لإعادة النظر في التحفظات وخصوصا المواد (2) و(9) و(16) في الاتفاقية... سألنَ أيضا إن كانت هناك خطة للتصويت على البروتوكول الاختياري؟ وإن كان قد تم تقديم التقرير للبرلمان... علما بأنه لا يوجد نص في الاتفاقية يدل على ضرورة عرض التقرير الرسمي على البرلمان إلا أن اللجنة تشجع على عرض التقارير على البرلمان لجعلها أكثر مرئية.
وسألت الخبيرات كذلك عن الخطة التي توفر الحماية للمرأة، في ظل الكثير من القوانين التمييزية ضد المرأة مثل قانون الجنسية... وأنه على رغم تيسير المرسوم الملكي، بشأن البحرينيات المتزوجات من أجانب، موضوع اكتساب الكثير من الأبناء الجنسية فإن المرسوم ليس بوزن وقوة القانون.
وعن غياب قانون أحكام الأسرة ارتأت الخبيرات ضرورة إصدار قانون في شكل مدونة حتى لا يتفرد القضاة بإصدار القرارات وفق قراءاتهم ومدارسهم الخاصة، وسألن عن عمليات إصدار القوانين وتعديلها وإن كان هناك جدول زمني للإصدار... وسألت الخبيرات أيضا إن كانت التوعية القضائية بشأن الاتفاقية تمت، وإن كان تم تشكيل هيئة قضائية على علم تام بالاتفاقية بكل الأبعاد المتعلقة بالنوع الاجتماعي، وعما إذا تم وضع برنامج خاص بالاتفاقية للهيئة القضائية... الأسئلة كانت كثيرة متنوعة، شاملة، متتابعة، معمقة وباحثة في التفاصيل الدقيقة وعلى مدى 5 ساعات... وأحسسنا نحن في الوفد الأهلي أن الخبيرات قد أدّين واجبهن بكفاءة وأنه يبقى أن تتم المدافعة من أجل تحقق الوعود بالمساعي الحثيثة وبذل الجهود على أرض الواقع في بلدنا البحرين كما كان الوفد الرسمي يؤكد مرارا... وهذه محطتنا المقبلة بصفتنا منظمات مجتمع مدني كما نصحت وشددت الخبيرات.
الوفد الرسمي: التحفظات على أرض الواقع غير معوقة مطلقا... وتوقيع البروتوكول الاختياري آتٍ
في معرض الرد على الأسئلة عن إعاقة التحفظات وتطبيق بنود الاتفاقية على الأرض، أجابت الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة بأن التحفظات وخاصة التحفظ على المادتين (2) و(15) لم يكن لهما تأثير مطلقا على تحقيق مبدأ المساواة المنصوص عليه في أحكام دستور 73 و2002 تتواءم معهما كل القوانين المحلية، وأن التحفظ على المادة (2) إنما قصد به الاحتياط من التفسير الواسع للاتفاقية الذي ربما يتضمن إباحة التبنِّي، والذي هو مرفوض في المجتمع البحريني المسلم... كما أن استثناء مركز المرأة في الأسرة من المساواة المطلقة إنما أتى مراعاة للعلاقات الزوجية.
وبالنسبة إلى المادة (15) التي تحفظت المملكة على الفقرة (4) منها والتي تنص على أنْ «تمنح الدولة الأطراف الرجل والمرأة الحقوق نفسها فيما يتعلق بالقانون المتصل بحركة الأشخاص وحرية اختيار محل سكناهم وإقامتهم». قال الوفد الرسمي إنه وإن كانت «أحكام الشريعة الإسلامية تستوجب إذن الزوج أو الولي لسفر وتنقل المرأة، إلا أن ذلك غير معمول به في الواقع العملي، كما لا توجد إعاقات تشريعية تمنع المرأة من الحركة والسفر». وعليه رأى الوفد أن الفقرة لا تقيِّد أبدا حرية الحركة والتنقل بالنسبة إلى المرأة وأن إمكانية رفع التحفظ عنها واردة.
أما قانون الجنسية فوفق وجهة نظر الأمين العام للمجلس، لم يترتب عليه بقاء أي ابن لبحرينية عديم الجنسية، وأن هناك فعليا إجراءات تشريعية وتنفيذية للتعديل وأنه سيرفع التحفظ عما قريب.
وعن الانضمام إلى البروتوكول الاختياري أوضح رئيس دائرة الشئون القانونية بوزارة الخارجية أن هناك جهودا تقوم بها الجهات المعنية للانضمام للبروتوكول الاختياري ووافقت المملكة خلال المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان على دراسة الانضمام إلى البروتوكول الاختياري.
نحن الوفد أهلي اتفقنا مع الكثير مما سمعناه من مساعٍ رسمية لتحسين الأوضاع التشريعية والمؤسسية لتكريس حقوق المرأة البحرينية، ونتمنى أن نشهد تحقق ذلك قبل موعد المراجعة الدورية المقبل بتكاتف كل الجهات المعنية وبقيادة سياسية جادة تدير دفة العمل وتحرك الأجندات لتحقيق المساواة الفعلية للنساء على أرض الواقع.
إقرأ أيضا لـ "فريدة غلام إسماعيل"العدد 2260 - الأربعاء 12 نوفمبر 2008م الموافق 13 ذي القعدة 1429هـ