من المعلوم أن الطوائف تضم جميع المجتمعات بين سكانها أديانا ومذاهب مختلفة. وتعتبر رابطة المواطنة هي التي يلتقي حولها جمع المواطنين حيث مختلف الأديان والقوميات.
ويجب أن يكون ولاء المواطن إلى وطنه هو الولاء الأول الذي يفوق الولاءات الأخرى من طائفية أو مذهبية أو دينية.
لكن الملاحظ في الواقع البحريني الجديد أن المؤسسات الديمقراطية الدستورية متقدمة في البحرين على واقع وطبيعة القوى السياسية الفاعلة والطارئة في المجتمع، وهذا له أسبابه التي لا مجال للخوض فيها.
الغرض من هذه المقدمة هو وضع آلية ملموسة وسريعة النتائج، حيث لا بد من وضع النقاط على الحروف وعدم اللجوء إلى صيغ لا يقبلها العقل أو مس الحلول من دون الولوج في داخلها.
هذا يقودنا إلى مشاركة النائب جاسم حسين العضو الوفاقي بإحدى الندوات بالخارج مع كل من حركة حق ومركز البحرين لحقوق الإنسان (المنحل)، حيث علل حضوره بكونه نائبا برلمانيّا مهتماّ بوطنه!، وتابع حديثه فقال إن هناك خيبة أمل لدى الناس وأنا ذهبت لواشنطن لأتحدث في لقاء آخر غير ندوة الكونغرس، ولقد أوصلت رسالة إيجابية عن البحرين!، وأعتقد أن من ينتقدوني هم أشخاص لا يفهمون بالسياسة.
هذا ما قاله النائب جاسم حسين لإحدى الصحف اليومية، حيث تطرق في مداخلته الإيجابية، بحسب اعتقاده، في الندوة إلى التمييز الطائفي في البحرين والحريات الدينية والفقر والتحديات الاقتصادية التي تواجهها البحرين جراء اعتمادها بصورة كلية على النفط مصدرا رئيسيّا لإيراداتها، إضافة إلى مسألة تخصيص جانب كبير من موازنة الدولة لصالح المؤسسات الأمنية!، كذلك تطرق إلى المحاصصة الوزارية وكأن حال مملكة البحرين في صراع محاصصي طائفي, حيث قام بإلغاء ما وصلت إليه البحرين بقصد أو من دون قصد من حراك سياسي وديمقراطي بدليل حضوره هناك بصفته نائبا برلمانيّا بحسب قوله، ووصف حال البحرين بكتلتين كتلة مرفهة وكتلة مضطهدة.
من هنا أردت توضيح بعض الحقائق لرجال السياسة الحريصين على الطائفة الشيعية، وأدعوهم إلى زيارة موقع سمو رئيس الوزراء الالكتروني وإلقاء نظرة على الوزراء والمستشارين من الطائفة الشيعية، حيث إن البحرين حرصت على أن تصيغ دستورها صيغة متوازنة تستوعب دروس الماضي وتواجه متطلبات المستقبل, بعد ان اجتازت بنجاح مراحل الماضي الذي عانى منه المواطن البحريني بشكل عام.
أما بالنسبة لمطالبات المواطنين بشكل عام وليس بشكل طائفي, أقول إن الواقع البحريني ليس غائبا، إلا عن أعمى البصيرة، حيث المواطن البحريني بجميع طوائفه مازال يسعى إلى الحصول على الأحسن في ظل هذه النقلة السياسية والاقتصادية, وللدلالة على صحة ما قلت فلنأخذ مدينة الرفاع الشرقي مثلا ونلقي نظرة على البنية التحتية أو التخطيط العمراني فيها، حيث أصبحت لا تتناسب مع الكثافة السكانية ولا للبيئة الصحية, كما انه سيتم الانتهاء من البنية التحتية في سنة 2015 بحسب تقارير وزارة البلديات والمجلس البلدي في الوقت الذي نرى فيه قرى قد تم الانتهاء من مشاريعها للبُنى التحتية.
هنا لا أقلل من منطقة من دون أخرى، لعمري أراهم مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات، وقناعة مني بأن العمل على البنية التحتية لهو عمل مرحلي ولا فرق عندي فالمواطن هو المواطن إن كان يعيش في قرية أو مدينة. وكذلك عدد طلبات الوظائف بالجنوبية بشكل عام والساعين إلى الحصول على المنح الدراسية وعدد الأسر التي تعتمد على الدعم الحكومي والمؤسسات الخيرية ناهيك عن الأسر المتعففة، هذا بجانب طلبات الإسكان التي مازالت الجنوبية لديها طلبات إسكانية منذ العام 1992 لم تلبَّ حتى الآن، ومن أراد التأكد فليتحقق من وزارة الإسكان، أما طلبات القسائم فحدث ولا حرج، فهي منذ حقبة الثمانينات، وأوامر التعيين لم تنفذ من قبل وزارة الإسكان.
فكفانا مزايدات، فالهم واحد والمصير واحد والفارق هو أن هناك شرائح ليس لها ثقة لا بسلطة تنفيذية ولا تشريعية ولا دستور ولا سلطة قضائية ولا أمل لمستقبل أفضل ولا حتى بحاكم. بدليل اللجوء إلى الخارج بين الحين والآخر والتغني بالتمييز أو الحريات، علما بأن هناك من يتكلم عن الحقوق السياسية بالخارج وهو مطلوب بقضايا جنائية أو أخلاقية، ولهم من يدافع عنهم من الداخل وهذا مثال حي على حرية التعبير والمعتقد حتى وإن كان على باطل فليس من الضرورة أن يراه الآخرون باطلا.
أما بالنسبة إلى الحريات الدينية فلا يخفى على أحد أن هناك الكنيس المسيحي واليهودي ودور العبادة للمسلمين والديانات الأخرى، علما بأن الديوان الملكي والحكومة يحرصان كل الحرص على تسهيل الشعائر الحسينية من الناحية الأمنية والوجستية والصحية والعينية.
بالله على من يدعي عدم وجود حريات دينية أليس هذا واقع البحرين؟ أليس للمواطن البحريني صداقات وترابط نسب بين الطائفتين. وهنا أقول إن كل ما تقدم من قول لا يعني أننا ضد المعارضة أو إن الحكومة (ملاك) ومن دون أخطاء، فالأخطاء والمحسوبيات والفساد موجود حالنا حال الكثير من الدول ولكن هناك ثوابت وركائز يجب أن تراعى وهي مصلحة البلاد والعباد، ومن أهم هذه الثوابت الحفاظ على الأمن وما تم إنجازه الذي للأسف لا يراه الآخرون لأسباب أيديولوجية، حيث التغني بأسباب وهمية تسيء لبلادنا، وتجعلنا أضحوكة للجميع لوجود أمثال هؤلاء في تفكيرهم وطريقة إصلاحهم وهنا كانت فرصة الحكومة، حيث استغلت هذه الأصوات الموجودة في الخارج، من الذين جعلوا المعارضة معارضة (شخصية) أكثر من أن تكون معارضة (وطنية) في السير في منهجها وعدم إدراك الأخطاء الحكومية والحد من المتنفذين.
لا شك أن الهموم الغالبة والحاكمة لتفكير الجميع هي هموم الحياة... ومواجهة تحدياتها ولا يجوز بأية حال من الأحوال اعتبار فرع منها أيا يكن أقرب إلى الجذع نفسه ومن هذا المنطلق والمنطق على حد سواء يصعب علينا أن نعتبر الهموم الفئوية هي الأولى بالاهتمام والمعالجة قبل الهموم الجامعة، حيث إن العدل والإنصاف على قدر ما هو مطلوب فهو يطلب منا، وخصوصا من قبل حملة سلاح الكلمة وترجمة الإخلاص للانتماء ليس بحثا عن التمييز أو المزايدة أو الولاءات الخاصة وإنما من قبيل الانتصار للوطن والمواطن.
إقرأ أيضا لـ "سلمان ناصر"العدد 2255 - الجمعة 07 نوفمبر 2008م الموافق 08 ذي القعدة 1429هـ