العدد 2251 - الإثنين 03 نوفمبر 2008م الموافق 04 ذي القعدة 1429هـ

التخلّص من جورج بوش

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

استلم الولايات المتحدة من سلفه بيل كلينتون بفائض كبير في الموازنة، وسيسلمها إلى خلفه وهي تتعثر في الأزمات والحروب والديون.

لما دخل البيت الأبيض قبل ثماني سنوات، كان العالم يؤذن بدخول عصر امبراطوري أميركي طويل، تحكمه قوّات «المارينز»، هذا الجيش البرمائي الذي يتسلّق شواطئ كل القارات، ويلتهم ما يشاء من البلدان. وسيخرج بعد شهرين من مكتبه وبلاده تبحث عن «خارطة طريق» للخروج من حربين فاشلتين مكلفتين، لم تقضيا على إرهاب وإنّما نشرت مزيدا من القتل والدماء وانتهاك حقوق الإنسان.

هل كان العالم ينتظر غير هذا الحصاد المرّ؟ ألم يخطئ الشعب الأميركي بانتخابه؟ وإذا كان مخدوعا به في المرة الأولى... فكيف جدّد ولايته؛ ليزيد معاناة العالم من نزف الدماء؟!

إنّها أكبر عيوب اللعبة الديمقراطية، فأنت تختار بين أحد شيطانين، كما يقول نعوم تشومسكي، ليسا بالضرورة هما الأكفأ والأنسب، وإنّما هما ممثلان جاءت بهما لعبة المال والكارتلات النفطية وسطوة الإعلام الذي يصنع من الصغار نجوما. وإلاّ ففي بلدٍ لا تُمنع فيه المعلومة، ولا توجد فيه أسرار وخصوصيات، كيف يتم انتخاب شخص مثل جورج بوش لقيادة بلد ضخم مثل الولايات المتحدة.

مَنْ يقرأ تاريخ هذا الرجل ويقف على مؤهلاته، لن يُفاجأ إذا انتهى عهده بانهيار الأسواق المالية؛ لأنه لم يكن مؤهلا لقيادة شركة تجارية. ولم يُوصله إلى الحكم مؤهلات قيادية ولا قدرات سياسية، وإنّما أوصله نفوذ أسرته ورغبة والده في استمرار مجدها، بالإضافة إلى دعم شركات مشروبات الكولا وبعض البنوك.

سيرته الذاتية ليس فيها بارقة مجد، فقد عاش حياة «لم يكن لها هدف»، كما قال هو نفسه، واعترف بقوله: «كنْتُ بالفعل صغيرا وغير مسئول بمعنى الكلمة». وفي دراسته بالجامعة كان مشهورا بين الطلاب بالانغماس في الحفلات الصاخبة، ومُعاقرة الخمر وتعاطي المخدرات. ولمّا التحق بالحرس الوطني كطيّار، لم يجتز الاختبارات بتفوّق، ولكن نفوذ الأسرة استخدم لئلا يُلحق بالجيش المقاتل في فيتنام، فـ «أولاد العز» لا يُرسلون إلى الحروب التي يحترق فيها السود والصفر وأولاد السود الفقراء.

في السبعينيات، رشّح نفسه لمجلس الشيوخ وفشل، فنُصح بالبقاء في الظل؛ لئلا يؤثر على مسيرة والده، الذي كان يشقّ طريقه نحو قمّة الهرم. ولكنه لمّا بلغ الأربعين، قيل إنه مرّ بـ «صحوة دينية»، فقرّر ترك الخمر، وأخذ يتوهّم أنّ الله يكلّمه، وتخيّل أنّه أرسله لإنقاذ العالم. من هنا أخذ يفكّر جديا في الوصول للمناصب الرفيعة، وبدأ مشواره بالفوز على محافظ تكساس في التسعينيات. ومن أهم إنجازاته تدشين «أكبر برنامج لبناء السجون»، ونفذ أكبر عدد من أحكام الإعدام خلال عام واحد... والويل لعالمٍ يحكمه مثل هذا الرجل ثماني سنوات!

أحد الصحافيين أراد أنْ يمتحنه أمام الجمهور، فسأله عن أسماء أربعة زعماء دول كبيرة، فلم يعرف غير اسم واحد! رجلٌ كان حكمه فلتة عمّ العالم شررها. أكبر إنجازاته التي يفخر بها أنه أطاح بحكومةٍ هزيلةٍ في أفقر دول العالم خلال أيام، وأطاح بأخرى في بلدٍ أنهكه حصار 15 عاما، تفكّك جيشه وتبخرت حكومته وهرب مسئولوه من ميدان الحرب، فدخل عاصمته خلال ثلاثة أسابيع. اليوم سيشهد العالم نهاية عهده، وسيكون العالم حتما أفضل من دون جورج بوش

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2251 - الإثنين 03 نوفمبر 2008م الموافق 04 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً