العدد 225 - الجمعة 18 أبريل 2003م الموافق 15 صفر 1424هـ

الكاتب وعذرية الكلمة

نبض المجتمع comments [at] alwasatnews.com

سيد ضياء الموسوي

عندما يصبح الكاتب حاجبا على باب الوزير فعليه أن يقرأ الفاتحة وسورة ياسين على ضميره وقلمه... فالأوطان ترتفع بالمصارحة والشفافية وصدق الحديث، وليس أن يتحول الحافي أو الكاتب زوجة أخرى من زوجات المسئول... يطبخ له ما يشاء من لذيذ التصاريح الكاذبة... ويشوي له ما تيسر من التقارير المخادعة...

إن هناك كثيرا من الكتاب في عالمنا العربي ممن فقدوا عذريتهم في الكتابة وراحوا يلطمون ويندبون نادمين ساعة لا ينفع الندم - عندما اكتشفوا انهم فقدوا شرف المهنة وأن الوزير استغلهم واتخذهم سلّما لبناء امبراطوريته المالية.

إن الكاتب الذي يقبل بأن يضاجع المسئول هو بذلك يمارس الشذوذ في الكتابة... ويفقد الكتابة طبيعتها الإنسانية...

إن أكبر جريمة تقترف في حق الصحافة عندما ترى الصحافة نفسها ذهبت ضحية نهم وجشع وحماقة الوزير الذي يفترض فيه أن يكون الحارس لها...

يقول نزار قباني في كتابه «الكتابة عمل انقلابي» متسائلا: «لماذا يطبق بعض الوزراء طريقة رجال المخابرات في تصفية الآخرين... ومما يدعو إلى الأسى، أن بعض المجلات الأسبوعية قد تورطت في اللعبة... لماذا هذا العمل الجبان في وطننا العربي؟ اننا نجد أمامنا رجالا بوليسيين يجدون في الجريمة أقصر طريق إلى الثراء...».

ويضيف نزار في توصيفه لمن يحاربون الكلمة الصادقة «إن ظاهرة قتل الكتاب الأحرار أصبحت في هذه الأيام تسلية المعقدين والفاشلين، الذين يمارسون عبادة الظلام، وينزعجون إذا بقيت نجمة واحدة تتلألأ في سماء الوطن العربي» و... «انهم يعيشون كالنباتات الفطر على أنقاض العالم وخرائبه...»... «حتى تتحرك غريزة العدوان فيه... ويتحول بقدرة قادر، إلى ديك منفوش الريش، بعد ان كان في مدينته موضوعا في قائمة الدجاج»...

إن الكتابة بإمكانها أن تجرد المرء من ملابسه وان تفضحه أمام الآخرين خصوصا إذا كان ساذجا ولا يستطيع حتى فك الحروف. هذا هو قدر الثقافة في عالمنا العربي.

مسكينة هي الثقافة في عالمنا العربي حتى أصبحت بلا وزارة وحتى أصبح من يمثلها أضعف الناس خلقا ومنطقا...

لقد طأطأت رأسي خجلا وأنا أسمع ذلك التحليل الهش والساذج والبسيط بل والمليئ بالأخطاء النحوية واللغوية لأحد المنتدين في برنامج «6/6»... عندها بكيت فقلت: «ما في بها البلد إلا هالولد»... يا جماعة القضية ليست صعبة ولماذا نخرج أمام الملايين من المشاهدين بهذا المستوى الضعيف والهزيل... لا تحليل، لا ثقافة، لا منطق... إن هذه الأرض اثمرت تاريخا وعراقة وحضارة... وتمتلك من المثقفين الشعبيين والرسميين من يمثلها بدلا من هذا الترافع الضعيف ويتساءل المرء: هل قدرنا أن نخرج على الناس ضعفاء وبهذا المستوى؟ أين هم مثقفونا وإعلاميونا؟

العدد 225 - الجمعة 18 أبريل 2003م الموافق 15 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً