العدد 2248 - الجمعة 31 أكتوبر 2008م الموافق 01 ذي القعدة 1429هـ

هل سيتحول الخليج إلى مقبرة نفايات؟

مجيد جاسم Majeed.Jasim [at] alwasatnews.com

.

بحسب التقارير الميدانية والمنشورة في المجلات العلمية، فإن الكثير من علماء البحار والمحيطات برهنوا وبصورة قاطعة، وخاصة منذ فترة التسعينات، على تفريغ كميات ضخمة من المخلفات عن طريق مصادر متنوعة في المحيطات والبحار.

المثير في هذا الأمر أن الباحثين وجدوا أن نحو 60 - 95 في المئة من هذه المخلفات المتوافرة في البيئة البحرية تتكون من مواد بلاستيكية، وبالتالي فمن الطبيعي أن البيئة البحرية تتعرض وبصورة طويلة ومستمرة لمعاناة بسبب الآثار التدميرية الكبرى لأن هذه المواد المصنوعة من البلاستيك لا تحلل ببساطة بل تتراكم ويستمر تأثيرها الضار لعدة قرون.

في الحقيقة، وجد الباحثون أن هذا التهديد يؤدي إلى القضاء على مليون طائر بالإضافة إلى مئات الألوف من السلاحف والثديّات الأخرى كل عام في العالم بسبب التهام المواد البلاستيكية أو البقاء حبيسة فيها.

في الواقع فان المخلفات البلاستيكية في البحار والتي تنتقل من منطقة إلى أخرى يمكن مقارنتها بالملوثات في الهواء والتي تنتقل بحرية بين البلدان عن طريق الرياح بحيث لا توقفها حدود فاصلة. وبالتالي فنحن نستطيع اعتبار هذا التهديد مشكلة عالمية وليست محلية ولذلك يحتاج إلى تعاضد جميع دول العالم وخاصة التي لها سواحل لإيجاد طرق لخفض تدفق مصادر التلوث إلى المسطحات المائية.

من المسلّم به عالميا هو وجود مقلب نفايات ضخم في المحيط الهادي يمتد من سواحل كاليفورنيا إلى سواحل اليابان وتبلغ مساحته حوالي ضعفي مساحة الولايات المتحدة بسبب إلقاء السفن الضخمة لقمامتها بالإضافة لإلقاء دول كثيرة مطلة على المحيط كميات هائلة من المواد العضوية وغير العضوية. أما المواد العضوية فتتحلل مع الزمن لكن اكتشف الباحثون في تلك المنطقة موادا بلاستيكية يرجع تاريخها إلى نصف قرن بسبب عدم تحللها ووجد الباحثون أن هذه المواد تتهشم بعد مدة طويلة إلى قطع بالغة الصغر ومن ثم تدخل إلى السلسلة الغذائية عن طريق الأسماك والطيور.

بعد قراءتي لهذا الموضوع البيئي تساءلت هل من الممكن حدوث هذا الشيء في هذه المنطقة، خاصة إن الخليج عبارة عن بحر شبه مغلق حيث يبلغ طوله 990 كيلو متر، ويصل أقصى عرض له 370 كيلومتر وأما متوسط العمق فحوالي 37 متر. ويمتاز هذا المسطح المائي ببطء دوران المياه حيث تصل المدة الزمنية لدورانها حوالي سنتين وباتجاه معاكس لحركة عقارب الساعة.

المثير إن الأقمار الصناعية ليس بإمكانها الاستدلال على مواقع تركيز المواد البلاستيكية في البحر وإنما البحارة في السفن يستطيعون رؤيتها بصريا وإثبات وجودها.

إحدى الحلول هو الأنشطة البيئية لتنظيف السواحل من المخلفات والتي تقوم بها الجهات الرسمية أو التطوعية. المشاركون في هذه الأنشطة يلاحظون تنوع المخلفات كالزجاج والمعلبات والأجهزة الكهربية وأكياس بلاستيكية لكن هذا النشاط البيئي يدخل في نطاق حملات الوعي البيئي أي أنه لن يستطيع حل المشكلة من الأساس.

فهل سنتخيل يوما في المستقبل توجد فيه مناطق شاسعة في الخليج وبعمق عدة أمتار لمواد بلاستيكية عالقة في البحر؟ لم الجواب يكون بالنفي؟ فالأسباب متوافرة لحدوث هذه المأساة بسبب عبور الآلاف من السفن لهذه المنطقة والطبيعة الاستهلاكية لشعوبها.

إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"

العدد 2248 - الجمعة 31 أكتوبر 2008م الموافق 01 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً