أثارت الخطوات الأميركية في إعادة بناء العراق ومحاربة «الإرهاب الدولي»، خلافا بين المرشحين الديمقراطيين لانتخابات الرئاسة الأميركية المقبلة، أدى إلى تبني أحدهم موقف صقور الإدارة الأميركية الذي يتضمن تهديد سورية.

وقال العضو الديمقراطي في مجلس الشيوخ الأميركي بوب غراهام، الذي كان عارض قرار الرئيس شن الحرب على العراق، إن تأييد سورية للإرهاب شكل منذ زمن طويل تهديدا أكبر لأمن الولايات المتحدة مما شكله الرئيس العراقي. واضاف إنه إذا فشل الضغط الدبلوماسي ضد سورية فإنه ينبغي على الولايات المتحدة أن تكون مستعدة لاتخاذ إجراء عسكري فعال من أجل القضاء على معسكرات التدريب لمنظمات المقاومة الفلسطينية -التي اطلق عليها معسكرات التدريب الإرهابية - داخل سورية.

وقال غراهام الذي كان رئيسا للجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، إنه يأمل أن تتابع الإدارة الأميركية الطريق الدبلوماسي لفرض تغييرات في سلوك سورية بدلا من توجيه التهديد الفوري بعمل عسكري. وأضاف إذا كان العمل العسكري ضروريا فإن الأمر يحتاج إلى أكثر من مجرد مبادرات رمزية. وأشار بهذا الصدد إلى الهجوم الصاروخي الذي شنته إدارة الرئيس السابق بيل كلينتون على معسكرات «القاعدة» في أفغانستان في صيف 1998.

وقال غراهام «إننا بحاجة إلى أن نكون أكثر فعالية» مشيرا إلى أن هجمات 11 سبتمبر/ايلول 2001 كان يمكن أن تمنع لو تحركت الولايات المتحدة في وقت مبكر وبصورة أكثر هجومية ضد اسامة بن لادن. واضاف «إننا لا نريد أن نكرر في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين الأخطاء التي قمنا بها في العقد الأخير من القرن العشرين».

وقال غراهام إنه عارض الحرب على العراق لأنه اعتقد بأنها ستحول الأنظار عن الحرب ضد الإرهاب، وأنه انتقد إدارة بوش لتجاهل دور سورية في رعاية ما أسماه «الإرهاب». واضاف إن المسئولين في إدارة بوش كانوا في الشهر الأخير سلبيين بشأن دور سورية في إيواء «الإرهابيين» «لأننا كنا نحاول أن نجاملهم بشكل لطيف حتى يصوتوا مع مشروع قرارنا التالي» في مجلس الأمن. وقال «إن وقت هذه المعاملة انتهى».

ووضعت هذه التصريحات غراهام بعيدا عن المرشحين الديمقراطيين الآخرين الذين أكدوا على الضغط الدبلوماسي، أو كانوا صامتين في الرد على التصعيد المفاجئ لإدارة الرئيس بوش في بياناتها ضد سورية. ويفضل المرشحون الديمقراطيون أن ينقلوا تركيزهم عن الوضع على العراق إلى الاقتصاد الأميركي والمشكلات المحلية. وباستثناء قلة منهم فإنه ليس لديهم سوى القليل مما يقولونه عن مستقبل العراق والدور الذي يتعين على الولايات المتحدة أن تلعبه إلى حين تشكيل حكومة عراقية تتولى السلطة.

وما قالوه تجاه سورية جاء ردا على أسئلة فقط.

وقال اثنان من مؤيدي غزو العراق - انضما إلى بوش في الخريف الماضي بتأييدهما قرار الحرب في مجلس الشيوخ في الخريف الماضي، وهما المرشح السابق لمنصب نائب رئيس الجمهورية جوزيف ليبرمان والرئيس السابق للأقلية الديمقراطية في مجلس النواب ريتشارد غيبهارت - قالا إن إدارة بوش كانت على حق في استخدام نفوذها الذي تعزز حديثا في المنطقة للضغط على سورية.

وقال غيبهارت في بيان له إنه في الوقت الذي يتعين فيه أن تكون إعادة بناء العراق على رأس أولويات إدارة بوش فإنه يتعين على الحكومة السورية أن تقلع عن إيواء العراقيين وإخفاء أي من أسلحة العراق أو الانهماك في أي نشاطات «إرهابية». ودعا غيبهارت إلى فرض عقوبات اقتصادية ومالية على سورية إذا لم تستجب لهذه المطالب.

وقال غانو كابريرا (الناطق باسم ليبرمان)، إنه يعتقد أن نتيجة الحرب على العراق «أعطتنا عامل ضغط في العالم لحث دول مثل سورية آوت الإرهاب لوقف ذلك، وأعطتنا عامل ضغط من أجل التحدث معهم بصورة هجومية».

وأقر المرشح الآخر جون إدواردز - العضو في مجلس الشيوخ، المؤيد للعدوان على العراق - ضغط إدارة بوش على سورية، لكن الناطقة باسمه جانيفر بالميري قالت «إن أي حديث عن العمل العسكري هو سابق لأوانه».

ونقل عن المرشح الديمقراطي الأوفر حظا بين المتنافسين الثمانية جون كيري، وهو من أبرز أعضاء مجلس الشيوخ، قوله إنه يمتنع عن التعليق بشأن تحدي إدارة بوش للسوريين لأنه لم يتم إطلاعه على موضوع سورية خلال أسابيع. وكان كيري أيد قرار الحرب على العراق لكنه انتقد بشدة بوش لمعالجته دبلوماسية ما قبل الحرب.

وقال كيري في بيان له «إنه يتعين علي أن أطلع على المزيد من المعلومات قبل أن أعطي أي حكم عن الوضع في سورية».

وفيما يتعلق بدور الأمم المتحدة في إعادة بناء العراق قال ليبرمان قبل العدوان إن صدقية الولايات المتحدة ستتعزز في العالم العربي لو أن شخصا غير أميركي تولى دور مسئولية إعادة بناء العراق بدلا من الجنرال المتقاعد جاي غارنر. واتخذ ليبرمان موقفا قريبا من إدارة بوش بشأن وجهة نظرها عن دور الأمم المتحدة في المرحلة التالية ومستقبل العراق، وقال على رغم أنه يعتقد أن تحالفا دوليا واسعا يعتبر حيويا فإن الولايات المتحدة ليست ملزمة أن تعطي المسئولية الرئيسية على عراق ما بعد الاحتلال إلى الأمم المتحدة. وقال كابريرا إنه «يعتقد أن الولايات المتحدة قادت الحرب في العراق وأنه كنتيجة لذلك تقع عليها مسئولية إعادة بناء العراق»