تقلصت الموضة التي كانت شائعة طوال السنوات الماضية من تركيز مؤلفي المسلسلات ومنتجيها على طرح قضايا تعاطي وترويج المخدرات، عدا بعض المسلسلات التي كان طرحها لهذه القضايا وفق القالب التقليدي الذي يخلو من الابتكار مما يؤكد أن الإنتاج التلفزيوني قد بدأ يتخلى عن دوره في التوعية بهذه الآفة التي تنخر المجتمعات، وذلك قد يكون نتيجة لأن المشاهد مل تلك الموضوعات، والمنتج يبحث دوما عما هو جديد ومرغوب لمشاهديه، لذلك تخلى الكثيرون عن دورهم في التوعية، التي لم تكن لتحقق أي تأثير مع سطحية طرحها.

المشكلة هي دوما في كل مكان مرتبطة بالتقليدية وعدم تجديد وسائل التوعية والتحذير من أي شيء مضر في هذه الدنيا، وبالخصوص ضمن نطاق الوطن العربي الكبير الذي لا يعرف قاطنوه سوى حركتي (النسخ واللصق)، وهي طريقة لها آثارها السلبية بحد ذاتها، إذ مع تعود الإنسان على مثل هذه الرسائل الموجهة ضمن نفس الطريقة، فإنه يتوقف عن معالجتها في عقله ومحاولة فهمها، وهي بالتحديد كفكرة العبارة التي تقول «التدخين سبب رئيسي لسرطان وأمراض الرئة وأمراض القلب والشرايين»، التي ولفرط انتشارها أصبح الناس معتادين على قرائتها وسماعها دون أن تترك في نفسهم أي خوف أو أثر لما قد يشكله التدخين من مضار.

وهنا نعود من خلال نظرة خاطفة على ما تقدمه المسلسلات، إذ المروج يزداد غنى وتبطرا لما يجنيه من أموال بيع السموم، وتنتهي حياته بأن يلقى مصيره على يد رجال الأمن، أو أن المتعاطي يتحكحك طيلة حلقات المسلسل من نقص المواد المخدرة في جسمه ويذرف العرق ويتعارك، حتى يأخذ جرعته، فإما أن يرتاح أو يموت أو تقبض عليه الشرطة؛ هذا كل ما طرح ولا أكثر، فمن هو الذي سيتأثر بقصة شاهدها عشرات المرات مركبة على وجوه مختلفة وضمن ظروف مختلفة؟

رغم ذلك كله، فإن الواجب الوطني يدعونا دوما ألا نغفل قضية مهمة كقضية المخدرات، التي أصبحت منتشرة في كل مكان وبين مختلف الأعمار، إلا أننا يجب أن نطور أساليب الطرح والمعالجة حتى تمتصها أذهان الشريحة المستهدفة ويتحقق منها الهدف المنشود.