مازالت كلمات ذلك الرجل كبير السن من دربني لقيادة السيارة ترن في مسامعي مع مرور أكثر من سبع سنوات عليها ولاسيما تلك العبارة التي يرددها دائما وأبدا بأن «سياقة السيارة ذوق قبل أن تكون فنا»، ولعلِّي لم أستشعر معنى هذه الكلمة طوال أعوام لعدم تعرضي لموقف يستدعي ذلك.
مؤخرا خلال مشوار لي لإحدى التغطيات الصحافية في المنطقة الدبلوماسية التي ابتلت منذ سنين بأزمة مواقف السيارات ولم يجد لها المعنيون حلولا حتى وإن لم تكن جذرية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وتخفيف الضغط على المنطقة في أقل تقدير.
إحداهن أو أحدهم لم يجد موقفا أفضل لسيارته سوى الوقوف أمام سيارتي وبعد زحمة العمل في تلك التغطية لم يكن ينقصني سوى هذه المشكلة، ولأن مواقف السيارات تابعة إلى عدد من الفنادق فضلا عن المتورطين من مرتادي المنطقة الدبلوماسية لبعض الخدمات كان من الاستحالة إيجاد صاحب تلك السيارة، فما كان منّي سوى التسليم للأمر الواقع والانتظار ساعة بعد ساعة على أمل أن يأتي صاحب تلك السيارة أخيرا ويفكُّ أسر سيارتي.
وبعد طول انتظار حضر صاحب السيارة القريبة منّي ليكون لي متنفس ضيق جدا للخروج من موقفي الأضيق بعد محاولات مريرة.
لم أستطع المضي في طريقي دون أن أوجّه كلمة لصاحب تلك السيارة لا من باب العتاب أو التهكم أو حتى من باب الضيق أكثر مما هو من باب النصح، سوى كلمات مدرب سياقتي العزيز لأترك له ورقة بخط يدي كتبت بها سطرين «أخي الكريم... السياقة ذوق قبل أن تكون فنا، فحبذا لو تستشعر ذلك لاحقا»
العدد 2236 - الأحد 19 أكتوبر 2008م الموافق 18 شوال 1429هـ