ربما يبدو العنوان مبهما بعض الشيء، وقد يثير بعض التساؤلات أيضا. لكن لمن لا يعرف «تمكين»، إنها التسمية الجديدة للهيئة المعروفة باسم «صندوق العمل». أما العلاقة بين «تمكين» الاسم و»تمكين» الفعل، إن جاز لنا القول، فمصدره تقديرنا للدور المتزايد الذي بوسع «تمكين» المؤسسة أن تمارسه من أجل التأسيس لصناعة بحرينية في قطاع الاتصالات والمعلومات، انطلاقا من تلمسنا لبعض المبادرات الإيجابية التي أطلقها «تمكين» في هذا الاتجاه، والتي كان آخرها الدعم الذي قدمه لشركات القطاع الخاص من الفئة الصغيرة والمتوسطة لمساعدتها على المشاركة في معرض جايتكس 2008.
ولا تحكمنا أية أوهام تجعل من الصورة التي نراها لهذا القطاع وردية اللون، لكنها بالقدر ذاته، ليست قاتمة كما يحاول البعض تصويرها أو تشويهها. لذلك فالمطلوب اليوم، خطوة قد تبدو صغيرة، لكنها في غاية الأهمية، وتلك هي جمع معلومات أولية بشأن هذا القطاع البحريني الذي ليس هناك جهة بوسعها أن تدعي أن بحوزتها معلومات علمية بشأنه. لكننا نعتقد أن هذه الخطوة، على أهميتها وضرورتها، ينبغي أن تسبقها خطوة أخرى هو تحديد النطاق الذي، ينبغي أن ينشط في إطاره «تمكين» في حال قراره تبني هذه القضية.
والمقصود بتحديد النطاق هنا هو: هل سيقصر «تمكين» حدود حركته في نطاق تقنية المعلومات فقط، أم انه سيوسع من دائرتها كي تشمل الاتصالات بكافة فروعها وتشعباتها. فقطاع الاتصالات، إلى جانب التصاقه وتكامله مع تقنية المعلومات، حتى بتنا اليوم يندر أن نشاهد فرقتهما، يشهد اليوم، وعلى نحو مستقل، تنام في البحرين على وجه التحديد، كجزء من حركته النمو التي يعيشها على المستوى العالمي. وفي البحرين تحديدا، لم تعد شركة اتصالات البحرين «بتلكو»، الجهة الوحيدة المتفردة بسوقه المحلية. والأكثر من ذلك، هو أنه في الوقت الذي شدت فيه سوق الاتصالات في البحرين شركات إقليمية مثل زين، وعالمية مثل بريتيش تلكوم، فإن بتلكو هي الأخرى وسعت من أنشطتها ونسجت علاقات إقليمية كي تدخل أسواقا محلية مثل السعودية ومصر والأردن. الأمر ذاته ينطبق على تقنية المعلومات في البحرين، فهي الأخرى تشهد نموا على المستويين المهني الأفقي حيث يتزايد عدد الأفراد والشركات المنخرطة في هذا القطاع، والقطاعي العمودي، إذ نشهد نمو بعض التفرع والتنوع في الأنشطة التي باتت يمارسها الأفراد والشركات على حد سواء.
وعندما نخاطب «تمكين» فليس المقصود هنا أيضا أننا نعود إلى خانة البداية، أو أننا ننطلق من لاشيء، ففي البحرين اليوم مجموعة من المؤسسات الحكومية ذات العلاقة بهذا القطاع وتنشط من أجل تطويره مثل: وزارة التجارة والصناعة، وهيئة الحكومة الإلكترونية، والهيئة العليا للاتصالات والمعلومات. وكذلك مؤسسات القطاع الخاص: مثل غرفة تجارة وصناعة البحرين وجمعية البحرين للإنترنت.
لكنها، كما نرى، جزر مبعثرة بحاجة إلى إطار مهني وصناعي في آن، يمارس دور قناة الاتصال والتواصل بين هذه الهيئات والشركات المحلية الضالعة في هذه صناعة المعلومات وتجارتها.
ولعل من حق «تمكين» على كل من لديه الحرص والتوجه على تطوير هذا القطاع أن يدلو بدلوه في هذا الشأن، لكننا مرة أخرى نعود كي نطلب من «تمكين» أن يأخذ زمام المبادرة ويحمل شعلة «أولمبياد الاتصالات والمعلومات البحرينية» كي يحدد لحظة الانطلاق، التي في رأيي المتواضع يمكن أن تكون على مراحل تتوج بالإعلان عن كيان يتصدى لهذه المهمة.
ومن المنطقي والطبيعي أن نتصور أن الخطوة الأولى المطلوبة في هذا الاتجاه وعلى هذا الطريق الدعوة، لاجتماع مصغر يحضره ذوي الاختصاص على المستويين الفردي والمؤسساتي ممن لهم علاقة بهذا القطاع، ويقوم بعملية عصف ذهني ( Brain Storming)، صريحة ومكثفة ومركزة، تنبثق عنه مباشرة لجنة تنفيذية مصغرة تأخذ على عاتقها مهمة تحديد نطاق الإطار التنظيمي الذي سيأخذ على عاتقه تحويل مختلف التصورات إلى وثيقة محددة تصيغ مهام ذلك الإطار والأهداف التي يتوخى تحقيقها.
ليس المقصود هنا من مخاطبة «تمكين» تحميله مسؤولية الحالة التي هي عليه الآن، والتي ليست بالسيئة، لكنها بحاجة إلى تطوير، كما أن ليس الهدف من إثارتها علنا التقليل من دور ومساهمة كل ما قام به أفراد ومؤسسات من مساع وبذلوه من جهود من أجل تطوير هذا القطاع الحيوي الواعد، كما أن التوجه نحو تمكين، لا يني بأي شكل من الأشكال تجريد الآخرين من حقهم في التصدي لهذه المسؤولية أو القيام بها. بل لربما هناك حاجة لأكثر من محاولة وأكثر من طرف.
الأمر الذي دعانا إلى مخاطبة «تمكين» واليوم هو مجموعة من الدوافع التي من بين أهمها:
1 - تلمسنا للخطوات الإيجابية التي أقدم عليها تمكين لمساعدة قطاعات أخرى حقق نجاحات في تطوير أوضاعها
2 - الكثير من الشركات البحرينية العاملة في هذا القطاع هي من فئة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ومن صلب مهمات «تمكين» مساعدة هذه الفئة على تطوير أوضاعها.
3 - يتمتع تمكين، أكثر من سواه من مؤسسات الدولة الأخرى، بهامش واسع من الاستقلالية السياسية والمالية توفر له الكثير من المرونة وسرعة الحركة
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2234 - الجمعة 17 أكتوبر 2008م الموافق 16 شوال 1429هـ