العدد 2234 - الجمعة 17 أكتوبر 2008م الموافق 16 شوال 1429هـ

رسالة مفتوحة بشأن المناظرة مع فضل الله

الشيخ محسن آل عصفور comments [at] alwasatnews.com

رئيس المرصد الفلكي الإسلامي

بعث الشيخ محسن العصفور برسالة إلى صحيفة «الوسط» بتاريخ 11 اكتوبر/ تشرين الأول، ردا على مقال الزميل قاسم حسين، ننشره إيمانا منّا بالرأي والرأي الآخر، و نود هنا أن نلفت عناية القارئ إلى أن الكاتب أعدّ الرد خلال أو قبل حلول عيد الفطر السعيد وهذا ما تؤكده التواريخ التي يستشهد فيها الكاتب في رسالته:

لقد ورد في العدد 2216 الثلثاء 30 سبتمبر/ أيلول 2008 الموافق 30 رمضان 1429هـ عمود للكاتب قاسم حسين تحت عنوان «على أبواب العيد»، ومما جاء فيه هذه العبارة:

«ويبدو أننا لن نصل إلى مخرج من هذا الخلاف قريبا، فحتى من يريد العثور على مخرجٍ من الفقهاء، متسلّحا بالعلم وآراء الخبراء والمختصين، سيخرج له بعض الطواويس، ممن لم يبلغوا سطوح العلم والمعرفة والأخلاق، ليستخفّوا برأيه الفقهي، ويطالبوا بمناظرته تلفزيونيا، كأنّ أحكام الله تثبت بالمناظرات الاستعراضية على شاشات الفضائيات!».

وحيث كنت المعني بهذه الكلمات كما يفهمه كل قارئ لهذه الصحيفة وتلبية لطلب من بعض الإخوة الأعزاء كتبت هذه الكلمات الموجهة إلى الكاتب قاسم حسين لإيضاح بعض الملابسات:

أولا: أبارك لك عيد الفطر السعيد وأسأل الله العلي القدير أن يعيده على الجميع باليمن والبركة والمسرات.

وثانيا: المناظرة المقترحة عبر صفحات صحيفة «الوسط» لا عبر التلفزيون.

وثالثا: أعلم أخي الكريم أن الدعوة إلى النقاشات العلمية ظاهرة صحية ودليل يقظة وحركة علمية نطمح من ورائها إلى الارتقاء بمستوى الخطاب الديني والعلمي وتصحيح الملابسات وإزالة الشبهات التي قد تعلق في أذهان الخاصة قبل العامة وخطوة من أجل تطوير الواقع الفكري والثقافي الراكد الذي ترزح مجتمعاتنا العربية والإسلامية تحت وطأته ومحاولة من أجل التسديد والترشيد للحركة العلمية قدر المستطاع بما تبلغه القدرة وتتسعه الهمة وتستوعبه الأذهان وتألفه الطباع وتأنسه الأسماع ولا يوجد قصد آخر يستهدف الإساءة إلى أي شخص مهما كان ومن يكون فالكلام عن نقاش لفكرة أو رأي أو قول أو مبنى وكم قرأنا في كتب الاستدلال عند مناقشة عالم لآخر مقولات منها:

1 - رب مشهور لا أصل له ورب متأصل ليس بمشهور.

2 - اعرف الرجال بالحق لا الحق بالرجال.

3 - انظر إلى ما قيل ولا تنظر إلى من قال.

4 - لكل جواد كبوة ولكل قدم عثرة.

5 - إنما المعصوم من عصمه الله.

6 - العلم كله في العالم كله.

7 - اعرف الحق تعرف أهله.

8 - الحكمة ضالة المؤمن يأخذها من حيث وجدها وخذ الحكمة ولو من أفواه المجانين.

وليس يقصد منه التجريح بالقائل فالكل معرّض للخطأ.

لذا أدعو المحبين للسيد فضل الله ومتعصبي اتباعه ألا يبالغوا في الأمر ولا يبلغ بهم الأمر إلى الغلط والشطط وكيل عبارات السب والكلام الفاحش البذيء كما فعل بعضهم في بعض المواقع في شبكة الإنترنت وإبراز العداء لكل من يناقش أفكاره وينتقدها وينقضها فهذه سنّة العلم وسيرة العلماء على مرِّ التاريخ وليس بشيء جديد وبدعة منكرة.

وإذا كان السيد فضل الله يقول إنه يتبنى رأي السيد الخوئي رحمه الله في مسألة إثبات أهلّة أوائل الشهور وهو أمر بحاجة إلى إسهاب في عرضه وبيان نقده وليس هذا مقام تناوله.

فالسيد الخوئي قدس سره كان واسع الصدر يستقبل من ينقض مبانيه بكل رحابة صدر وقد غيّر الكثير من فتاواه على امتداد سني عمره حتى إنه أفتى لمقلديه بعدم جواز العمل برسالته العملية في طبعاتها التي تقل عن الطبعة العشرين، ووجوب الاعتماد على التي تزيد على العشرين وذلك بسبب الفتاوى الكثيرة التي عدل عنها وقام بتبني فتاوى أخرى مغايرة لها ساهم فيها طلابه الذين كانوا يحضرون دروسه العليا في بحث الخارج كما هو مصطلح عليه وينقضون عليه بكثرة أثناء الدرس وبعده.

وقد صدر لي كتاب «اتحاف الفقهاء في تحقيق مسألة اختلاف القراءات والقراء»، قبل تسع عشرة سنة وناقشت فيه تصريحا صدر عنه في عبارة وردت في كتابه «البيان في تفسير القرآن» وكنت عند تأليفه في الخامسة والعشرين من العمر وكان السيد طاب ثراه في أوج زعامته الدينية في النجف والعالم ولم ينكر أحد عليَّ من أتباع مدرسته، بل كان الكتاب موضع احترام وتقدير لكل من وقع في يده من العلماء حتى يومنا هذا.

وبإمكانك وضع اسمه في محرك البحث (جوجل) لتقف عن مدى الاهتمام به ومواضع ذكره حتى في المواقع التابعة له كـ «شبكة رافد».

كما ناقشت رأيا علميا في كتابي الموسوم بـ «التبيان في تجويد القرآن» للمحقق السيدعباس الكاشاني وهو من الشخصيات العلمية البارزة في مدينة قم وله كتب مشهورة أشهرها كتاب «مصابيح الجنان» وتناولت فيه عبارة وردت له في كتابه «حدائق الأنس» ونقضت عليه ولما تعرفت عليه وزرته وأهديته نسخة من الكتاب زاد احترامه لي وإشادته، وكان كثيرا ما يثني عليَّ عندما أحضر مجلسه، وكان كلما وفد إليه أحد من معارفه يخاطبه بقوله: «لقد رد هذا الشيخ عليَّ عبارة لي في كتابه ونبهني على خطأ وقعت فيه في كتابي (حدائق الأنس) وأنا أجلّه وأحترمه من أجل رده علي».

وقد اتفق أن كتب مقدمة لكتابي «المرشد الوجيز لقراء الكتاب العزيز» الذي طبع قبل سبع عشرة سنة أثنى فيه وأشاد بجهودي العلمية بما لا مزيد عليه، وكذلك الشيخ جعفر السبحاني وهو من مراجع التقليد اليوم في قم الذي طلب مني مشاركته في تأليف الجزء السابع من تفسيره المعروف «مفاهيم القرآن حول السيرة النبوية» وقد ذكر اسمي صريحا في مقدمة ذلك الجزء من التفسير.

وإذا كانت الصحافة تعنى بعرض المواضيع التي تشغل بال الرأي العام وتخصص مساحة من صفحاتها لتناول ذلك فما أثرته من دعوة لنقاش أو حوار أو تبادل الرأي لا يخرج عن دائرة ذلك.

ورابعا: إذا كان تم احتساب العيد وأول شهر شوال بيوم الثلثاء أي بتاريخ الثلاثين من شهر سبتمبر فإنه سيكون التربيع الأول (استضاءة النصف الأيمن من قرص القمر) في مساء يوم الأحد الخامس من شهر أكتوبر بناء على إعلان السيد فضل الله في تحديده وكذلك الحال بالنسبة لليلة البدر وهي ليلة الرابع عشر من الشهر القمري وكذا التربيع الثاني وهي ليلة الحادي والعشرين.

ونرجو من كل من يدعي العلم وكل الخبراء والمختصين بعلم الفلك بحسب معرفتك أن يوضحوا لنا علة ما سيشاهدونه من عدم اكتمال إضاءة النصف الأيمن من قرص القمر الذي سيتحقق بحسب الحسابات الفلكية والرصد الحسي في مساء يوم الثلثاء ليلة الأربعاء (أي بعد ليلتين)، وهل سيكشف ذلك عن تصويب تحديد يوم العيد بالثلثاء أم تخطئته.

وخامسا: إنك وصفتني بمن لم يبلغوا سطوح العلم ويظهر أنك لا تعرف عني أي شيء وأرسلت حكمك وتقييمك جزافا واعتسافا وليس من عادتي الحديث عن نفسي لكنك ستلجئني إلى الاضطرار إلى ذلك، فأنا من أكثر العاملين في هذا البلد من أجل إعلاء كلمة الدين ورفعة الوطن وتوعية أبناء الشعب بما فيه خيرهم وصلاحهم دنيا وآخرة شاء من شاء وأبى من أبى.

وأنا بحمد الله تعالى المستشار الشرعي الأول الذي أمثل المذهب الجعفري في هيئات الرقابة الشرعية في العديد من المؤسسات المالية الإسلامية (ثماني هيئات) ولي من المؤلفات ما يقرب من المئتين ولي عشرات المقالات والمقابلات الصحافية والتلفزيونية.

وليكن في علمك أن مجموع ما وصلني من استفتاءات من أنحاء العالم في السنوات الماضية عبر موقعي في شبكة الإنترنت وأجبت عليها بنفسي لا من خلال لجنة يزيد على ما في موقع السيدمحمد حسين فضل الله بكثير وسأباشر خلال الأشهر القادمة إن شاء الله تعالى بطبعة في أكثر من أربعين مؤلفا في مختلف المواضيع الفكرية والثقافية والعلمية والفقهية، فلا داعي للاستنقاص والاستخفاف لا لسبب ولا لموجب سوى التعصب لرأي قابل للنقد والنقض.

وفي الختام نسأل الله تعالى أن يعيد أمثال هذه الأعياد على الأمة الإسلامية بالوحدة والعزة والمنعة والتآلف والتآخي ونبذ العناد والتعصب والاختلاف والتشتت والتفرق

إقرأ أيضا لـ "الشيخ محسن آل عصفور"

العدد 2234 - الجمعة 17 أكتوبر 2008م الموافق 16 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً