لا يعرف قيمة الحلاق إلا من يجده، إذ إن صخب الحياة التي نعيشها تجعل من الوقت الذي يقضيه الشخص في صالون الحلاقة أمرا عديم الأهمية في خضم ازدحام مشاغل اليوم، والتي يكون فيها الحلاق السريع هو أفضل الخيارات، كما هي الوجبات السريعة التي لا يستغرق إعدادها دقائق، والتهامها بضع دقائق أخرى.
وبين ذلك الحال لا يرغب البعض حتى في القيام بهذه الجولة الثقيلة أحيانا، مستعيضين عنها بالحلاقة المنزلية، وذلك لدى البعض سبب لكسب وقت الانتظار ووقت الحلاقة، ولدى البعض فإنه أكثر توفيرا من الحلاقين الذين طمرتهم موجات الغلاء التي أغرقت جميع السلع والخدمات، حتى بات الـ «رفيق» لا يقبل حلاقة الذقن بأقل من 500 فلس، فيما كانت في السابق بـ 300 فلس فقط، أما ما يخص أسعار حلاقة الشعر، فإن كل حلاق يعوض خسارته في الإيجارات والمواد المستعملة في الحلاقة على «قفى» المرتادين.
وفيما يبدو أن الناس نسوا قيمة الحلاقة، مع شيوع هذه المهنة كحصر على الحلاقين الآسيويين بنوعيهما الخشن والناعم، إلا أن وقت الحلاقة كان في السابق نوعا من العلاقة الاجتماعية الهامة، يقضي فيها الحلاق وزبونه وقتا في التحاور والنقاش وتبادل النصائح فيما يختص بصحة الزبون، إذ كان يمثل الحلاق طبيب المنطقة إلى جانب تأدية واجبه في قص شعر خلق الله.
وكان مسلسل «باب الحارة» الشهير، الذي عرض على مدى ثلاث سنوات متتالية يصور هذه العلاقة الاجتماعية في شخصية «أبوعصام» وأبنائه «عصام» و «معتز»، وهو ما أوضح مدى النقص في أداء الحلاق الآسيوي الذي لا يمكنك أن تتداول معه سوى توافه الأحاديث، إلى جانب التزاحمات اليومية التي لا يفضي منها الشخص لرعاية نفسه أكثر من ربع ساعة لدى أي حلاق
إقرأ أيضا لـ "علي نجيب"العدد 2234 - الجمعة 17 أكتوبر 2008م الموافق 16 شوال 1429هـ