لولا حرفا اللام والدال لأصبح جوزيف بايدن وسارة بايلن (يُسميها البعض بالين) أكثر قربا في المناظرة التي جرت بينهما، أظهر بايدن سلوكا أبويّا تجاه غريمته بايلن إلى الحدّ الذي جعل ختامها أشبه بحفل يُقيمه الآباء لأبنائهم في حفلات عيد الميلاد.
من عَهِدوا جوزيف بايدن في مشواره السياسي قالوا عنه إنه قد «حَلَبَ الدَّهْرَ أشْطُرَه». ومن تابعوا سارة بايلن في الإدارة التنفيذية لولاية ألاسكا قالوا عنها إنها بالغت كثيرا في الخلط بين كونها حاكمة الولاية وبين رغبتها في الانتقام من زوج شقيقتها السابق مايك ووتن!
اليوم... من سَخِرَ من خبرة باراك أوباما في السياسة الخارجية توقّف عند خبرة بايدن كنائب مضمون للرئيس المرتقب. ومَن هَالَتْهُ قوّة جون ماكين واندفاعه المحافظ، تراجعت ثقته به بعد سماعه لحديث نائبته المُترشّحة بايلن.
فهي مازالت غير قادرة على التنصّل من أستاذية الانفصالي والي هيكل لها، وهو المنتسب إلى حزبٍ آلاسكي، يُصرّ على فصل الولاية الثلجية والغنيّة بالنفط عن أرض الولايات المتحدة الأميركية.
وهي دعوة قد تتزاحم مع قومية ناعمة لكنها تعض بالنواجذ على ما ورثه الأميركيون من أطراف جغرافية مُشتّتة جمعتها الحروب والمذابح، منذ عيد الشكر وسلخ الساموسيتيين والسكوانتويين من الهنود الحمر.
عَابَ المتناظران جزءا من قناعاتهما علنا. فبايدن نأى بنفسه عن خطته الكولونيالية لتقسيم العراق على أساس طائفي خوفا من التعارض مع موقف أوباما. وبايلن نأت بنفسها عن كل ما يمتّ إلى إدارة جورج بوش من سياسات، خوفا من تحمّلها جزءا من أخطائه.
وهي الدلالة الأبرز على أن الناخب الأميركي قد حنّ إلى العهد الروزفلتي لتأمين حياة أكثر استقرارا. وربما محاكاة العهد الكلنتوني القريب الذي أضاعه الأميركيون برفضهم آل غور والتصويت لبوش.
ذكاء بايدن في المناظرة قاده لأن يقول بحنكة، إن أي حوار أميركي مع إيران «لن يكون مع أحمدي نجاد، لأنه لا يتولى الجهاز الأمني في بلاده». بينما قاد غباء بايلن في المناظرة إلى التحدث عن هلاميات الدعم الصهيوني بشكل سيمفوني.
ذكاء بايدن قاده لأن يتجنب الهجوم على أول امرأة تصل إلى منصب نائب الرئيس، مُركّزا نقده لماكين، ولديك تشيني، واصفا الأخير بأنه أخطر رجل يصل إلى نيابة الرئيس بسبب آيديولوجيته، وسعيه إلى توسيع صلاحيات البيت الأبيض بما يتنافي مع الدستور.
أما غباء بايلن فقد دفعها إلى تفويت فرصة نادرة للحديث عن رؤيتها للأزمة المالية، وتقديرها للأمور، وللمشروعات التي تزيد من اطمئنان المواطن الأميركي للجمهوريين، الأمر الذي جعلها محشورة في فرو غريمها.
نست (أو تناست) بايلن هذه التفاصيل المتعلقة بأوضاع مليون أميركي فقدوا منازلهم جرّاء الأزمة المالية، والتي يراها البعض أنها هي التي ستحسم التصويت، وخصوصا في الولايات المتأرجحة بين الفيل الجمهوري والحمار الديمقراطي.
فولايات نيفادا، جورجيا، نيومكسيكو، كولارادو، بنسلفانيا، شمال كارولاينا وميسوري عادة ما تحسم نتيجة الانتخابات الرئاسية. ومنذ ثمانية وأربعين عاما لم يظفر مُترشّح أميركي بزعامة البيت الأبيض من دون أن ينال ثقة اثنتين على الأقل من هذه الولايات المتأرجحة.
لذلك فإن المعركة ستحوم في هاتين المنطقتين. مُنقذ لاقتصاد متهالك. وولايات متأرجحة تحتاج إلى قنص
إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"العدد 2232 - الأربعاء 15 أكتوبر 2008م الموافق 14 شوال 1429هـ