لا أملك الاّ أنْ أنحني احتراما وإجلالا لكل أهالي المحرّق، رجالا ونساء.. ممن اتصل مبديا وجهة نظره بشأن موضوع «الثعابين»، وذلك الحس الوطني العظيم الذي أجمعوا عليه والذي يؤكد دون أدنى شك أنّ أهالي المحرّق، جميعهم بلا استثناء، يرفضون كلّ الممارسات التي تهدف الى تقويض الاستقرار والسلم والتعايش البحريني العريق في هذه المدينة.. أيا كان مصدر تلك الممارسات وشخوصها، وأيا كان نوع «الثعابين» التي تنوي شرا.
لماذا التركيز على مدينة المحرّق من دون غيرها؟
والإجابة لا تحتاج الى عناء كثير، فلأنها تمثل النموذج الحضاري الكبير للتعايش بين أبناء الطائفتين، ولأنها امتداد تاريخي مهم ولأنها جزء نابض بحب الوطن.. تتجه إليها أنظار من يريد أنْ يعبث ويحاول إضعاف ذلك الموروث الذي لا يمكن للبحرين أنْ تتخلى عنه يوما.
كل ذلك، يجعل من «ثعبان» المحرّق وغيره من الثعابين في كل مكان في البلد، يصطدمون بالخيبة والخسران كلما حاولوا أن يبثوا سمومهم، فحين يسعى «الثعبان» لأنْ يثير الضغائن والأحقاد، ويؤجّج الفتنة الطائفية ويتحرّك في المجالس تارة، وفي المنتديات الإلكترونية تارة أخرى، ويصدر البيانات التي لا تتحدث إلاّ عما يطمح إليه من مكاسب شخصية على حساب السلم الاجتماعي والوحدة الوطنية، فإنه يريد أنْ يظهر بمظهر المواطن الشريف المخلص لوطنه، في محاولة يائسة كريهة عفنة، بحثا عن راحة نفسه «الخبيثة» التي لا ترتاح إلاّ بمشاهدة مظاهر الصدام والنزاع والخلافات.. لكن أنى لتلك النفس أنْ ترتاح والناس في هذا البلد لا يساومون على تعاضدهم وإصرارهم على التصدّي لكلّ عمل خبيث ظاهرة الخير والوطنية، وباطنه التدمير والتأجيج.
والثعابين ليست في المحرّق فحسب.. يُخطئ من يعتقد ذلك! فهي موجودة هنا وهناك، وحتى إذا تحركت بخفية فإنّ حفيفها يصبح مسموعا ولا غرابة في أنْ يصل ذلك الحفيف الى آذان المخلصين من أهل البلد من الطائفتين.. نعم، لابدّ من الاعتراف بأنّ هناك محاولات نشهدها بين الحين والحين لإرهاق البلد وأبنائه بمشاحنات لا طائل من ورائها الاّ التأزيم.
على أيّ حال، لا يمكن قبول محاولات الثعابين التي تؤجّج الوضع في البلد وتثيرالناس ضد الدولة وضد الطائفة السنية الكريمة وتعرّض الأرواح والممتلكات للخطر، والعكس صحيح، فلن يكون مقبولا السماح لمَنْ يُريد التشكيك في ولاء وانتماء أبناء الطائفة الشيعية، وينسب ولاءهم الى إيران أو الى العمائم أو الى الصفويين ومؤامرتهم الكبيرة الخطيرة للنيل من المجتمع الإسلامي وتحطيمه بحسب الزعم، والعمل ليلا نهارا لرفع شعار الدفاع عن الصحابة وأمهات المؤمنين رضوان الله عليهم؛ لتبقى نار العداوة مشتعلة بقوّة، لكن، العتب كلّ العتب على أجهزة الدولة التي تتهاون، وعلى رجال البلد من وجهاء وعلماء دين ممن لا نرى منهم تحركا حقيقيا للتصدي لتلك المحاولات، اللهم إلا القليل منهم، وذلك القليل، يتعرّض في الغالب الى التهميش والإقصاء ونشاط الثعابين لإحباط تحركهم الوطني الذي يصب في مصلحة البلد وأهل البلد.
لن يتوقف فحيح الثعابين إلا بتطبيق القانون على كل صوت يسعى لإشعال الفتنة ويستمر في غيه غير مكترث بالمصلحة العليا للوطن، ولا نقصد هنا أخذ الناس بالظنة ظلما وبهتانا، بل بإثبات الدليل على أيّ طرف تمادى في إلحاق الضرر، جهرا وسرا، بأهم ما نملك، وهو أمن البلد واستقراره، وحق الناس في العيش بأمان وصيانة للحقوق..
ولا أعتقد بأننا سننسى أنّ البحرين للجميع.
إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"العدد 2228 - السبت 11 أكتوبر 2008م الموافق 10 شوال 1429هـ